;

المصالحة في العراق 1543

2006-12-24 20:29:07

 


 الجدل السياسي مستمر في الأوساط الإعلامية الأميركية حول حجم القوات الأميركية المزمع بقاؤها في العراق، وحول جدوى زيادة الجيش الأميركي والقوات المتعددة الجنسيات في العراق، وحول التعديلات التكتيكية العسكرية، خاصة وأن عمليات العنف والاقتتال مستمرة بوتيرة مخيفة، ويدور الحديث الآن عن خطة أمنية جديدة مع بداية العام الحالي تستمر ستة أشهر تعتمد على أسلوب جديد في وقف عمليات تفخيخ السيارات والتفجيرات والهجمات على المدنيين والقوات المتعددة الجنسيات، الأسلوب الجديد يعتمد على القيام بتجنيد أكثر من ثلاثين ألف جندي عراقي يقومون بمهمات التدخل السريع، ويقومون بعمليات عسكرية نوعية في أوكار الميليشيات والجماعات المسلحة والقوى المجهولة التي تتخذ من المدن العراقية والقرى أوكاراً لها، والتي تتخذ من المدنيين دروعاً بشرية تجعل من الصعب القيام بعمليات عسكرية موسعة، الفرق العسكرية الجديدة يقودها سياسياً رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بالاستشارة مع قائد القوات العسكرية للقوات المتعددة الجنسيات في العراق، وهذا يعني أن المالكي ولأول مرة منذ توليه رئاسة الحكومة العراقية سيمسك بزمام المبادرة في قيادة وحدات عسكرية عراقية.





المشكلة الحقيقية التي تواجه العراقيين هي أن أغلب الشباب لا يجد عملاً أو وظيفة يكتسب منها قوته اليومي، ما يضطره إلى الالتحاق بإحدى الميليشيات أو الجماعات المسلحة خاصة بعد الفراغ الذي نتج بعد احتلال العراق جراء تدمير المؤسسات وتوقف الجامعات والمؤسسات التربوية، وهو ما خلق فراغاً فكرياً لدى فئة كبيرة من الشباب الذين تأثروا بأفكار منحرفة وشعارات هدامة وانضموا إلى تلك الجماعات سواءً منها الراديكالية أو غيرها من الجماعات المجهولة المذهب والهوية.
ورغم أن الحكومة العراقية استطاعت أن تخرج بتوصيات مهمة بعد عقد مؤتمر المصالحة العراقية، إلا أن الوضع الأمني مازال متدهوراً خاصة وأن أقطاب إقليمية تؤثر بشكل أو بآخر في الفسيفساء السياسية العراقية، الحكومة العراقية أدركت ضرورة إجراء تعديلات دستورية والسعي إلى حل الميليشيات وإشراك الضباط البعثيين السابقين والذين ثبت أنهم يلعبون دوراً ما في أعمال العنف في العراق. وقد يلعب مؤتمر المصالحة الوطنية دوراً في التخفيف من وطأة الهجمات خاصة بعد أن تدرك جميع الأطراف بأن حقوقها محفوظة، وأن لها تمثيلاً مناسباً في البرلمان العراقي. ولكن رغم أن توصيات المؤتمر جاءت مشجعة لكن التجارب السابقة، أثبتت أن ما يتم الاتفاق عليه لا يرى طريقه إلى أرض الواقع، وهذا ما يخيف جميع الأطراف السياسية العراقية.
ينبغي على الحكومة العراقية إذا أرادت إنجاح مؤتمر المصالحة الوطنية أن تنفذ التوصيات التي خرج بها بمشاركة جميع الأقطاب السياسية بما فيها الجماعات المسلحة الراغبة في الانضمام إلى العملية السياسية. التحدي الكبير أمام الحكومة العراقية هو فك الميليشيات المسلحة، وإقحام بعض قادتها ومنتسبيها إلى الجيش العراقي. وبهذه الطريقة سيتم دمج هذه الميليشيات تحت مظلة الجيش العراقي. وهو ما سيخفف بالتأكيد من الهجمات المسلحة.
ومن الخطوات المهمة التي خرج بها المؤتمر والتي ستؤدي بالتأكيد إلى انفراج في الأزمة السياسية في العراق، إلغاء قانون حظر أعضاء حزب البعث السابقين من تولي الوظائف العسكرية الهامة في البلاد، وهذا من شأنه أيضاً أن يؤدي إلى إشراك القادة البعثيين السابقين في المشهد السياسي وتحملهم مسؤولية حماية أمن العراق.
العراق اليوم بحاجة إلى وقف الاقتتال الطائفي ووقف تدخل القوى الخارجية فيه، وضبط الحدود ووضع جدول زمني للانسحاب الأميركي بشكل لا يؤدي إلى تفاقم التدهور الأمني، إن أي انسحاب للقوات الأميركية بشكل غير مدروس سيؤدي إلى فوضى عارمة قد لا تنتهي في الأمد القريب، وقد يدخل العراق في حرب أهلية طاحنة تتجاذبها قوى مذهبية وعرقية وإثنية وسياسية ستدخل العراق والمنطقة في دوامة من الصعب السيطرة عليها. وقد يمتد تأثيرها ليشمل دول الجوار.
ومن المشكلات التي يتخبط فيها العراق والتي وردت في إحدى تقارير «البنتاغون» أن بعض أفراد الجيش العراقي النظاميين يلعبون دوراً في الهجمات والقتل اليومي، إما بتسهيلهم مرور السلاح مقابل الحصول على مبالغ مادية، أو بالمشاركة المباشرة في تلك العمليات، وهذه كارثة أمنية يواجهها العراق، فالقوات العراقية لم تتلق التدريب الكافي، كونها شكلت من قبل الولايات المتحدة في وقت سريع في محاولة لتسليم المهمات الأمنية للعراقيين، المطلوب الآن هو تدريب قوات عسكرية فكرياً وعملياً تكون مهمتها الأولى الحفاظ على أرواح المواطنين وعدم التهاون في المسائل الأمنية بغض النظر عن التواجد العسكري الأميركي.
وعلى العالم العربي أن يتدخل في العراق، خاصة السعودية ومصر والأردن ودول الخليج، وعدم ترك العراق في أيدي قوى إقليمية، فالعراق جزء من العالم العربي وتركه للتجاذبات الإقليمية سيجعله عرضة للتقسيم والتفتيت. التدخل ينبغي أن يكون من خلال اتخاذ قرار عربي موحد لدعم القوى المعتدلة في العراق، ومساعدة الدول التي لها حدود مع العراق على مراقبة تدفق السلاح وتهريب النفط. والضغط على الإدارة الأميركية التي تتحمل مسؤولية ما يشهده العراق من انفلات أمني.




jalalfarhi@yahoo.com
 

 

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد ناصر حميدان

2025-01-18 00:17:31

وطن يصارع الضياع

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد