مما لاشك ولا ريب فيه ان ما يسمى ب«عيد الغدير» عند الشيعة بدعة وثنية باطلة ومعتقد ساذج يروج لها البعض ويستغلون بها الناس بما يلبسونه بها على العامة من افتراءات باسم محبة «آل البيت» مع ان الآل براء من هذه البدع المحدثة التي ادخلها الرافضة وروجوا لها حتى انخدع بها الناس. . فما هي حقيقة هذه البدعة الوثنية التي تسللت في غفلة لبعض المذاهب الاسلامية؟ وما هو «عيد الغدير»؟ وما حقيقته وحكمه؟ وما قصة «غدير خُم» التي زادت الرافضة عليها بروايات واكاذيب كثيرة لا اساس لها من الصحة؟! ومتى نشأ الاحتفال بما يسمى ب« عيد الغدير»؟ ومتى كان تاريخ دخول الاحتفال بهذه البدعة إلى اليمن ؟! وما هي الادلة على بدعية الاحتفال بيوم الغدير !!.

كتب/سعد علي الحفاشي#

الغدير. . هو مجتمع الماء كالنهر الصغير ونحوه. . اما ما هو الغدير المقصود الذي نسب اليه اسم هذه البدعة فهو «غدير خُم» وهو كما جاء في معجم البلدان المجلد الرابع ص213 موضع بين مكة والمدينة يبعد عن مكة «160» كلم وبينه وبين الجعفة ميلان وهو مشهور باسم «غدير خُم».

> اهمية هذا المكان

هو موضع مثل كثير من المواضع التي توقف فيها النبي صلى الله عليه وسلم وتكلم أو خطب فيها، وهنا نذكر سبب توقف النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المكان خاصة، لانه بمعرفة السبب تزول كثير من الاشكالات، وبيانه:

ان الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان قد ارسل خالد بن الوليد رضي الله عنه على رأس جيش إلى اليمن فانتصر وغنم فبعث النبي صلى الله عليه وسلم علياً رضي الله عنه فقسم الغنيمة واخذ من الخمس ثم خرج ورأسه يقطر، يقول بريدة: فقلنا: يا ابا الحسن! ما هذا ؟ فقال: ألم ترو إلى الوصيفة التي كانت في السبي فاني قسمت وخمست ثم صارت في اهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ثم صارت لي، فكتب خالد إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالامر، ثم رجع علي كرم الله وجهه والجيش من اليمن فسألوه ان يركبوا إبل الصدقة فمنعهم، ثم تعجل علي ليحج، فاستخلف على جنده رجلا فعمد ذلك الرجل فكسا كل رجل من القوم حلة من البز واذن لهم فركبوا الابل، فلما انتهى علي كرم الله وجهه من الحج وذهب ليلقى الجيش، وجدهم واذاهم على ابل الصدقة فانتزع الحلل منهم وانزلهم عن الابل، وعنف ذلك الرجل الذي استخلفه ولامه على ما رأى، فاظهر الجيش التذمر والشكوى واختلفوا معه وتوعدوه ان يخبروا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما لقوه من الغلظة والضيق، ففشت المقالة في علي كرم الله وجهه واكثروا من الكلام عليه عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول بريدة رضي الله عنه: لما قدمت على رسول الله ذكرت عليا فتنقصته فرأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتغير فقال: يا بريدة! الست اولى بالمؤمنين من انفسهم ؟ قلت: بلى يا رسول الله! فقال :«من كنت مولاه فعلي مولاه» وقام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيباً فسمعته يقول: «أيها الناس! لا تشكوا عليا فو الله انه لاخشى في ذات الله من ان يشكى» هذا خلاصة ما رواه الامام احمد والبيهقي وابن هشام في السيرة واسانيدها مقاربة، وقد زادت الرافضة في هذه القصة روايات واكاذيب كثيرة لا اساس لها من الصحة وكان تاريخ القاء هذه الخطبة مصادفاً ليوم «18» من ذي الحجة.

> قصة «الغدير» واباطيل الشيعة

ان الناظر إلى القصة من اولها يتبين له ان عليا كرم الله وجهه حصلت بينه وبين الجيش مشاحنات لاسباب منها نكاح الوصيفة التي هي من الخمس الشرعي لعلي، ومنعهم من ركوب ابل الصدقة، واسترجاعه الحلل، حتى انهم حين لحقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم عند مرجعه من الحج اكثروا من الشكوى من علي كرم الله وجهه وفشا القول فيه من غير حق مما اضطر النبي صلى الله عليه وسلم ان ينزل في ذلك الموضع وفي ذلك الجو الحار ليبرئ ساحة علي مما شكى فيه الجيش.

وبمعرفة القصة من اولها يتبين بطلان الدعوى التي تدعيها الشيعة في ان سبب وقوفه صلى الله عليه وسلم في ذلك الموضع هو لتعيين الامامة لعلي رضي الله عنه، فهذا لم يقصده رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا اراده ولا فهمه الصحابة ولا علي كرم الله وجهه ولا آل البيت.

كما ان مما يباطل ادعاءهم في القول بالامامة لعلي كرم الله وجهه. . ان هذا الامر العظيم لو حصل لبادر القرآن إلى ذكر البيعة بالخلافة صراحة، فقد سجل القرآن عدة بيعات منها: بيعة «الرضوان» كما في سورة الفتح اية «18» وبيعة النساء كما في سورة الممتحنة اية «12».

ثم أليس التبليغ يوم الحج الاكبر اهم واولى حيث الناس كلهم مجتمعون في مكة وقد بلغ عددهم كما في بعض الروايات «120» الفاً؟ فكيف يكون التبليغ هنا في مكان يبعد عن مكة «160» كلم بعد ان تفرق الحجيج وتوجه كل منهم إلى موطنه وبلده !!.

ان لفظه «من كنت مولاه فعلي مولاه» التي وردت في بعض الفاظ الحديث لا علاقة لها بالامامة لان «المولى» لفظ مشترك يحمل عدة معان، منها النصرة والمحبة، ومقصود الحديث انه يجب مناصرة علي كرم الله وجهه ومحبته وموالاته وليس فيه ذكر للخلافة لا من قريب ولا من بعيد.

> متى نشأ الاحتفال بيوم الغدير؟

عرف ما يسمى ب«عيد الغدير» بالعراق ايام معز الدولة علي «1» بن بوية، وذلك في سنة اثنين وخمسين وثلاثمائة فاتخذه الشيعة من حينئذ عيداً، اما في مصر فكان اول عيد للغدير في سنة اثنين وستين وثلاثمائة حيث ذكر «المقريزي» في كتابه الخطط «116/ 2» ان المعز اعجب بفعل بعض العوام لذلك فاقره، وكان هذا اول ما عمل في مصر.

> تاريخ دخول هذا الاحتفال إلى اليمن

قال العلامة اليماني الزيدي مذهباً العلوي نسبا السيد يحيى بن الحسين بن الامام القاسم بن محمد في كتابه «بهجة الزمن» وذلك مما جاء في كلامه على حوادث سنة «1058 ه» :ان احمد بن الحسن الجارودي هو اول من احتفل بعيد الغدير ورفع الاعلام والالوية في اليوم ال«18» من شهر ذي الحجة سنة «1073ه» وسار بهذا الموكب إلى «حبور» كما روى هذا الخبر ايضاً عبدالله بن علي الوزير في كتابه «طبق الحلوى»، وقد ذكر اهل التاريخ ان هذا الرجل «احمد بن الحسن الجارودي» هو الذي حك اسم ابي بكر وعمر رضي الله عنهما من الجامع الكبير بصنعاء. . ثم قال العلامة يحيى بن الحسين: وقد اقتدى به -يعني في الغدير -المتوكل على الله، ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة «2».

> صورة احتفالات «يوم الغدير»

اما عن الصورة التي يتم بها الاحتفال بما يسمى ب«عيد الغدير» كما هي في الواقع فانه يجتمع الشيعة الرافضة في يوم ال«18» من ذي الحجة من كل عام ويعتبر هذااليوم -حسب زعمهم- هو عيدهم الاكبر حتى انهم يقولون لا عيد إلا عيد الغدير، وفيه يقومون بالتزاور والصلاة والدعاء، كما انهم يقومون بزيارة النجف والذهاب إلى قبور ومشاهد لآل البيت بحسب زعمهم ويقومون بالطواف حولها والتبرك بها.

اما في اليمن فانهم يجتمعون في مدينة صعدة فيطلقون الرصاص والقذائف ويلقون الخطب والكلمات التي يطعنون فيها في بعض الصحابة رضوان الله عليهم.

ومثل هذا يحدث في محافظة الجوف وغيرها، كما يحدث كذلك في مدينة ريدة، انهم يجتمعون عند قبر رجل معظم عندهم، يذكر نشوان الحميري في شرح رسالته «الحور العين» «3» ان هذا الرجل الذي يجتمعون عند قبره ادعى النبوة.

ويحدث من القتل الخطأ والسب للصحابة رضوان الله عليهم والاذية للناس عند احتفال هؤلاء ما الله به عليم.

> مزاعم الشيعة

اما السبب الداعي إلى هذا الاحتفال- حسب مزاعم الشيعة الروافض -فانهم يزعمون ان هذا اليوم هو اليوم الذي عقد فيه النبي صلى الله عليه وسلم البيعة للامام علي بن ابي طالب كرم الله وجهه، واوصى له بالولاية من بعده، وان الصحابة رضوان الله عليهم نقضوا البيعة ونكثوا العهد واغتصبوا الخلافة -والعياذ بالله- وهذا محض افتراء وادعاء باطل !!

> الادلة على بدعية هذا الاحتفال

قال المؤرخ المقريزي اعلم ان عيد الغدير لم يكن عيداً مشروعاً ولا عملة احد من سلف هذه الامة المقتدى بهم «4» فهذا الامر لو كان صحيحاً لتناقلة الصحابة والتابعون من بعدهم كما تناقلوا الاحاديث الصحيحة عن العيدين «عيد الفطر» و«عيد الاضحى» والمعتمد كتب من يعتبر بهم من فضلاء اهل الاسلام.

ولذلك استمر المسلمون ثلاثة قرون لا يحتفلون بهذا اليوم أو يميزونه بأي شيء لا أيام خلافة علي كرم الله وجهه ولا ايام خلافة الحسن عليه السلام ولا ايام الحسين عليه السلام ولا من بعدهم من اهل البيت الكرام، وكفى بهؤلاء قدوة واسوة ولو كان خيراً لسبقونا اليه وليس للقائلين بالاحتفال بعيد الغدير ما يثبت ان احداً من آل البيت المتقدمين فعل هذه البدعة أو دعا اليها ؟!!!.

ومما ينبغي التنبيه له ان الاقرار بغيد الغدير هذا يلزم منه على الاقل تفسيق ابي بكر وعمر وعثمان رضوان الله عليهم اجمعين لانهم- على الاقرار بدعوى الشيعة في الغدير- مغتصبون لحق علي، بل يلزم من يقر بهذا العيد القدح في سائر الصحابة لانهم اجمعوا على مبايعة ابي بكر رضي الله عنه وتفضيله على سائر الصحابة.

ومن كل ما سبق نجد -وبمالا يدع مجالاً للشك والريب- بطلان هذه العقيدة التي يروج لها البعض ويستغفلون بها الناس ويلبسون بها على العامة باسم محبة «آل البيت» مع ان الآل براء من هذه البدع المحدثة التي ادخلها الرافضة وروجوا لها حتى انخدع بها الناس.

وهذا هو ما دعا حكومتنا الرشيدة إلى منع الاحتفال بهذه البدعة والعادة الوثنية.

1- هكذا ورد في «الخطط» للمقريزي، وفي كتب التاريخ عن معز الدولة أحمد.

2- بهجة الزمن، طبق الحلوى، نقلاً عن هجر العلم.

3- بهجة الزمن ص«208».

4- المقريزي «116/2».