عبدالفتاح البتول
يظهرمن خلال ادبيات وتصريحات وبيانات الحوثيين انهم لا يتعاملون مع السنة النبوية المطهرة كمصدر من مصادر التشريع والتلقي، وانهم يعتمدون القرآن الكريم مصدراً وحيداً للتلقي والاستدلال، هذا اذا كانوا جادين فعلاً بالاعتماد على القرآن، والحق ان هذه القضية واحدة من مجموع المنهج الخاطئ والفهم الباطل الذي يشتهر به الحوثي واصحابه، وهذا التصور المغشوش ربما انتقل إلى بعض الجهلة وانصاف المتعلمين وارباع المثقفين الذين لا يعترفون بالسنة النبوية مصدراً من مصادر التشريع والاستدلال، وهذا يخالف اجماع الامة بل ويخالف القرآن نفسه، ذلك ان السنة جاءت مبينة وشارحة وموضحة للقرآن، وهذا واضح وساطع في قوله تعالى: «وانزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما انزل اليهم» النحل- 44- في هذه الآية وغيرها دليل قرآني على أن السنة مبينة ومفصلة لكثير من الآيات والسور، ولا يستقيم ايمان المسلم ولا تتم الفرائض والشرائع إلا بالقرآن والسنة وتلازمهما واقترانهما، صحيح ان هناك احاديث صحيحة واخرى ضعيفة ولكن الصحيح كذلك ان علماء الحديث وفقهاء الجرح والتعديل قد قاموا بجهد كبير وعمل عظيم حيث قيض الله عز وجل رجالاً صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فقاموا بفرز الصحيح من الضعيف والثابت من الموضوع، باسلوب منهجي غاية في البراعة والاتقان، وخاصة الدور الكبير الذي قام به الامام البخاري والامام مسلم- رضي الله عنهما- بغربلة الاحاديث وفرز الصحيح منها وفق عدة قواعد وضوابط، وبذلك أسسوا علم الجرح والتعديل والتصحيح والتضعيف، والمثير للانتباه ان البخاري لم يستوعب كل الصحيح، وانما اقتصر على بعضه مما يكفي للاستدلال على العقائد الاسلامية والفرائض التعبدية وغيرها من اصول الاسلام واركانه، يقول الامام البخاري: «وما تركت من الصحيح اكثر» وهذا يعمد المنهجية التي سار عليها حتى اصبح كتابه من اصح كتب الحديث على الاطلاق، والذي نريد قوله هو ان الله عز وجل مثلما تكفل بحفظ القرآن الكريم فكذلك الامر بالنسبة للسنة، والمسلمون متفقون في كل الاحاديث التي يتأسس عليها التشريع الاسلامي والطاعنون بالبخاري ومسلم وصحيحيهما، انما يطعنون بجملة الشريعة لان هؤلاء هم الذين نقلوا القرآن متواتراً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، العطن برواة الاحاديث المعتبرين ورجال الحديث الصادقين طعن بالائمة التابعين والصحابة الميامين وبالتالي الطعن بالقرآن والقول بتحريف الاسلام، وهنا تكمن خطورة الاعتماد على القرآن وترك السنة، ثم تأويل القرآن حسب الاهواء والنزعات السلالية والمذهبية، ان هذه آفة واحدة من عشرات ومئات الآفات التي اصابت الحوثي الاب والابناء والفكرة والتنظيم، انهم ووفق مؤلفات وكتب ورسائل بدر الدين الحوثي وملازم ابنه حسين لا يعتمدون على مرويات اهل السنة، ولا حتى مرويات الزيدية، وانما يعتمدون على مرويات الشيعة الاثني عشرية واخبار واباطيل الرافضة الامامية، وهؤلاء لديهم مآخذ ومواقف من جمع القرآن الكريم حيث لا يستطيعون حسب مصادرهم توثيق وتصحيح تواترالقرآن، بل ان مجموع روياتهم تفيد عدم جمع القرآن بصورة كاملة، وان الصحابة الذين جمعوه قد حذفوا منه ونقصوا، وبهذا القول يشككون بالقرآن وسوره وآياته وطرق نقله وتواتره، ومع ان اول من جمع القرآن هو الخليفة الاول ابو بكر الصديق ثم استقر الامر في عهد عثمان بن عفان على مصحف واحد هو المصحف الموجود اليوم والمعروف بالمصحف العثماني، إلا ان الشيعة ومنهم الحوثيون يردون هذه الروايات ويقولون بأن اول واخر من جمع القرآن هو الامام علي بن ابي طالب، رافضين اي عملية جمع اخرى بهدف زعزعة الايمان بالقرآن بعد ان عملوا على زعزعة الايمان بالسنة، ثم انهم بعد ذلك وضعوا روايات تفيد ان القرآن الذي جمعه الامام علي تناقله ابناؤه واحفاده إلى ان وصل إلى الامام الغائب المهدي المنتظر حسب عقيدتهم- والذي اخذ القرآن الكامل واحتفظ به في السرداب، اي ان الله- حسب تصورهم -انزل القرآن للسرداب، ولله الامر من قبل ومن بعد ولا حول ولا قوة إلا بالله.