حافظ الشيخ صالح
في معزل عن طبيعة التربية العقائدية، ذات النفَس العنيف، فإنّ الذي هو يبدو أن من وراء تمادي التمرد «الحوثي« في محافظة صعدة، إلى الشمال الغربي من اليمن، خمسة عناصر رئيسة: 1 البناء العقائدي والفكري في السراديب على مدى سنوات متواصلات منذ الثورة الكهنوتية في إيران، وبدء النظام الصفوي الجديد في «تصدير الثورة» إلى بقاع الجزيرة العربية ورقاع المشرق العربي، على أشكال شتى وفي هيئات متنوّعة، بحسب الظروف الموضوعية. 2 انّ «الحوثيين» من الصعب قليلاً تعيين كوادرهم وكشف شخصيات هذه الكوادر، فهُم في الليل مقاتلون وفي النهار هُم يختفون وراء النهار وضجته وضوضائه، وينتشرون وينتثرون بين الناس وفي غمارهم، مضافاً هذا إلى تغلغل أفكارهم ومشاعر التعاطف معهم إلى مسؤولين في الدولة (وربما في المخابرات والاستخبارات) وإلى دبلوماسيين معروفين، ففي إحدى الفترات كان السفير اليمني السابق في دولة خليجية «حوثيا» يُضمر عقيدته الحقيقية، بينما كان شقيق له، وهو «حوثي» أيضاً، صفوي الهوى، يتولى ويا لمهزلة الأمانة العامة ل «المؤتمر القومي الإسلامي». 3 ان التضاريس في جبال صعدة شديدة الوعورة والضراوة، فلم يكن ميسوراً للجيش أنْ يقضي على التمرد قضاء مبرماً ونهائيا، ولم يكن في وسعه أنْ يضرب قرى بأكملها سكانها أبرياء، وفيهم العجزة والمرضى والأطفال. 4 الأموال الخرافية الطائلة التي أنفقتها إيران على المتمردين من أيام طور بنائهم العقائدي والفكري، إلى طور ثورتهم، وعشرات، أو مئات، الشبان من الأجناد الذين اعتنت بتدريبهم على السلاح وعلى القتل وعلى الثورة، في معسكرات في إيران وفي لبنان، ثم عاد هؤلاء إلى اليمن ليدربوا غيرهم، وأضعافهم في العدد، في مخابئ جبال صعدة نفسها، ثم تدخّل العقيد القذافي، ووجد فيهم الضارب المناسب للنظام السعودي، في استطرادات الأشواط، أو حين تأتي اللحظة المناسبة، فأغدق لهم أيضاً الكثير من مال الشعب الليبي المنهوب.
5 وهذا عنصر شديد الخطورة، وهو أنّ رئيس الجمهورية اليمنية كأنه لم يشأ استئصال شأفة «الحوثيين» وإنما إضعافهم قليلاً وكسر عنادهم مع ادخارهم، في الوقت نفسه، لاستخدامهم في الموازنة السياسية الداخلية مع «التجمّع اليمني للإصلاح» وبخاصة «الإخوان المسلمين » من ضمنه. علينا انتظار بضعة أعوام، لا شهور فحسب، إنْ كان قَدَر «الحوثيين» أنْ تنطفئ نارهم في اليمن نهائيا. <
المصدر:أخبار الخليج
