;

الهيگـــل في «الجــــزيـــــرة» 1040

2007-03-14 20:29:23

الحلقة الثانية

كتب/صادق يحي الروحاني

سيدة انيقة جداً ووقورة جداً وجميلة جداً وتبدو عليها البراءة الشديدة تستطيع ان تخرب الف بيت بإيماءة.. وان تزرع الف بذرة شك بنظرة.. وان تخرب بيوتاً بكلمات ظاهرها البراءة..كأن تجيب زوجاً يسألها عن عفاف اهله بكلمات مثل «ربنا أمر بالستر» هذا هو هيكل كما يصفه د. محمد عباس عودة.. وهذا هو اسلوبه الزئبقي في وصف الاشياء في معظم الوقت؛ يأتي بنصف الحقيقة لتكون غير صحيحة، كالذي ينهى عبداً اذا صلى، فيقول له: ان الله يقول: «ولا تقربوا الصلاة» ويسكت، فاذا جئت انا وقلت لكم يا قراء: ان المحاكم الإسلامية في الصومال هي حركة ارهاب وتفجيرات وترويع الآمنين وقطع الطرقات، فهل سيصدقني احد؟ ابداً.. لأن كل الناس تعلم ان هؤلاء اطهر الناس وانظف الناس وصفوة المجتمع الصومالي، قاموا من اجل توفير الامن والامان والعيش الكريم لبني جلدتهم، وان بلادهم احتلت من قبل الاحباش والاميركيين، وانهم ظلموا وما قتلوهم إلا ان قالوا ربنا الله، بعد فترة من الزمن سيأتي الاعلام المتصهين ويقلب الحقائق وسيأتون بشخص كاذب مدلس كهيكل ليغير الوقائع.

تعالوا بنا يا قراء! نستعرض بعض حوارات هيكل في الجزيرة.

> أمسكوا بالثعلب العجوز

هذا الصحفي الشهير والبارع رغم توالي الحلقات لم يذكر لنا ان تاريخ حَلَّ حركة الاخوان المسلمين هو نفسه تاريخ قيام دولة اسرائيل؟! هل تعلمون لماذا؟ حتى لا تدرك الأمة عمق وحجم الكارثة والخيانة التي لحقت بها حين حلت جماعة الاخوان في 8 ديسمبر 1948م، واغتيل الامام البنا 12 فبراير 1949م لابد ان تظل الامة مغيبة عقلياً ومشوشة فكرياً، وأن أرادت أستاذاً فلا أستاذ إلا هيكل ومن على شاكلته، جاء قرار حل الاخوان بعد ان اجتمع سفراء بريطانيا واميركا وفرنسا في معسكر «فايد» وهو احد معسكرات الاحتلال البريطاني لمصر في منطقة السويس، وطلبوا من رئىس الحكومة حينئذ محمود فهمي باشا النقراشي الاسراع في حل جماعة الاخوان، وهذا ثابت في المحاضر الرسمية وفي الكتب التي ظهرت بعد مرور ثلاثين سنة.. زاد خوف الانجليز تهديد المرشد واعلانه عن عزمه اعلان التعبئة الشعبية الجهادية، وقد اصدر الامام البنا نداء إلى المسلمين كافة لاداء فريضة الجهاد على ارض فلسطين، ومما جاء في البيان: ان الإخوان المسلمين سيبذلون ارواحهم واموالهم في سبيل بقاء كل شبر من فلسطين اسلامياً عربياَ حتى يرث الله الارض ومن عليها، واتخذت الهيئة التأسيسية للاخوان قراراً في 6 مايو 1948م ينص على اعلان الجهاد المقدس ضد اليهودية المعتدية، وارسل البنا كتائب المجاهدين من الاخوان إلى فلسطين في حرب 1948م، هذه هي الاسباب التي ادت إلى حل جماعة الاخوان يا هيكل! وقتل قائدها الامام الشهيد حسن البنا ذلك الرجل الذي هز العالم وأقضَّ مضاجع قومك الاميركان هل قال هيكل أو ذكر شيئاً عن المذكرة المقدمة من سفراء الدول المذكورة بعاليه؟ هل ذكر ان طلب حل الجماعة كان يتكرر على لسان السفير البريطاني في كل المناسبات ولكل الحكومات؟ هل ذكر هيكل عن الرعب الذي انتاب الغرب حينما احسوا بالبعد الدولي للاخوان اثناء سعيهم مواجهة الاستعمار الغربي كما يعرف الجميع عن بطولات الاخوان في فلسطين وفي محاولة بناء دولة اسلامية في اليمن عام 1948م تكون مركزاً لتوحيد العالم الاسلامي باعتبار اليمن هي البلد العربي الوحيد الذي لم يحتل ولم تخالط بيئته أو نخبه اي خلائط اخلاقية سيئة أو فكرية منحرفة، وارسل لهذا السبب الفضيل الورتلاني، ولم يتحدث عن موقف الاخوان الصلب من المفاوضات مع الانجليز، فكان لزاماً ان يتم التمهيد للمفاوضات بحل الاخوان واعتقال رموزهم وافرادهم وشغلهم بانفسهم حتى لا يؤثروا في مجريات الامور من حولهم واقصائهم عن متابعة ما يجري من فضائع في السودان حينئذ.

يتكلم الثعلب العجوز على الجزيرة واصفاً لقاءه بالامام البنا بتعالٍ وازدراء، وكان الامام البنا تلميذاً وهيكل ذا 23 سنة، في ذلك الوقت استاذ كبير يقول: اللقاء اللي بعد كده مع الاستاذ حسن البنا كان لقاء في منتهى الغرابة لانه كان لقاء في مكتبي -مع ملاحظة ان الامام البنا هو الذي يسعى لهيكل- اللقاء ده كان انا في الفترة ما بين ما شفته اول مرة ولما شفته المرة التانية كانت حصلت اشياء كثيرة جداً، حصل نمره واحد عمليات ضرب ما تصور الاخوان المسلمين انه مفاسد في الارض فضربوا محلات سينما وضربوا محلات بيع ضربوا محلات قالوا بيملكوها اليهود..

توقفوا معي يا قراء! وفكروا في الكلمات التالية «ما تصور الاخوان.. محلات بيع.. قالوا بيملكوها اليهود» الكلمة الاولى ما تصور الاخوان اي الذين تصوروا هم الاخوان اي ان الامر ليس حقائق ووقائع بل خيالات واوهام وظنون وشكوك تؤدي إلى التفجيرات، هذا هو هيكل الصادق الامن الحقائق، ثم يقول: وضربوا محلات بيع، وسكت ولم يوضح محلات بيع ماذا لم يقل انها محلات خمور، ثم ارهاب الاخوان دفعهم إلى ضرب محلات قالوا بيملكوها اليهود.. اي ان الإخوان هم الذين قالوا وهذا يندرج تحت باب التخيل والتصور والاوهام والشعوذة والتحريف، هذا هو هيكل يا اخوان! هذا هو الذي يفاخر به القوميون، أدعو الدكتور عباس ان يوضح الحقيقة، يقول: ان حذف هيكل للخمور من كلامه دليل على صدقه ونبله وعفته البريء من كل هذه الصفات.

ثم انه -العفيف الصادق- لم يذكر ان الذي بدأ بتحطيم الحانات لم يكن الاخوان وانما كانوا شباب مصر الفتاة ..وهو رد طبيعي من شباب متدين في بلد مسلم ومحتل من قبل الانجليز واليهود على حدوده يقيمون دولة، فالمسؤول الاول هي الحكومة التي تسمع بهذا الاستفزاز لمشاعر الناس في بلد مسلم، يتكلم هيكل بغموض وشمول لا يليقان بصحفي مثله.. بل انه اغفل احداثاً لانها لا تخدم غرضه، بل قد تهدم الصورة التي يزورها، من هذه الامور التي لم يتحدث عنها ضرب قطار الشرابية وتفجير مقر الاستخبارات البريطانية في الاسماعيلية في فندق «الملك جورج»، لقد كانت القوات البريطانية تنتقل إلى فلسطين من مصر في قطارات لقمع المظاهرات الفلسطينية ولدعم الجمعيات اليهودية المسلحة، وكان القطار يمر بمنطقة الشرابية في القاهرة حيث تم تفجيره واهتزت الحكومة والدوائر الانجليزية وتلقى الشعب المصري والعالم العربي خبر الحادث بسرور بالغ، وقد كانت هذه العملية وامثالها سبباً في خروج الانجليز من القاهرة، فهل يعقل ان يقول هذه الحقائق هيكل؟.

لم يتحدث هيكل عن مظاهرات الطلبة التي جسدت ضمير الامة ولكنه تحدث عن ضرب محلات قالوا بيملكوها.

لماذا لم يكذّب ما ذهب إليه الاخوان ويثبت عكسه عندما فجروا شركة الاعلانات الشرقية بشارع جلال حيث اثبت الاخوان انها من اهم مراكز النشاط اليهودي في مصر، ففيها تعقد الاجتماعات وتجمع الاخبار تحت ستار الصحافة والاعلان؟.

قام في قسم الوحدات بتفجير عربة يد محملة بالديناميت والعبوات الناسفة في حارة اليهود بالقاهرة وكان هذا بعد اعلان قيام دولة اسرائيل بخمسة وثلاثين يوماً، ثم فجروا محل شيكوريل في 1948/7/19م، وكانت هذه الحوادث تعبر عن السخط الشعبي للمذابح اليهودية ضد العرب والمسلمين من اهلنا في فلسطين، اما محلات شيكوريل وداود عدس وبنزايون فهي محلات يهودية يملكها يهود ويمدون عصابات الاجرام اليهودية مثل شيترن والهاقاناه وادقون زفاي وغيرها بالمال والسلاح لذبح الفلسطينيين، بل انها شركات كبرى نسيجية وغيرها يتضح بالعودة إلى كتاب «الاخوان والنظام الخاص» لاحمد عادل كمال وكتاب احمد رائف «ناصر 67: سنوات القهر والهزيمة» مادة رائعة لهذه الدراسة.

هذا هو هيكل صاحب ايماءة «ربنا أمر بالستر» ولا اخفي القراء انني كل يوم اقوم بارسال رسالة لقناة «الجزيرة» عبر الانترنت اطالب بايقاف حلقات هيكل ادعوكم لمراسلة «الجزيرة» بهذا الصدد لم يذكر هيكل عصابات الاجرام الصهيونية بحرف واحد تلك العصابات التي تقوم بقتل شعب وسرقة وطن وتدمير امة، لماذا لم يذكر هيكل ذلك؟ بل لم يذكر ان سمة العصر في ذلك الوقت هي وجود اجنحة مسلحة حتى الملك كان لديه التنظيم الحديدي أو الحرس الحديدي، فلا يتكلم المذكور إلا عن التنظيم الخاص للاخوان وقد سماه السري وكأنه عار يجب اخفاؤه.

واخيراً هذه العصابات الصهيونية هي التي شكلت في مجموعها جيش الدفاع الاسرائيلي، وكان مخططاً ان يتطور النظام الخاص للاخوان ليكون جيش الدفاع والتحرير الاسلامي، فهل علمتم يا قراء! لماذا دُمّر وانهك التنظيم الخاص من قبل العملاء العسكريين أو من قبل كبار الصحفيين؟ وهل ادركتم ضخامة المؤامرة التي نسجت ونفذت ولازال الوطواط من على الجزيرة ينفث في روع الامة سمومه وشروره.

هل ادركتم حجم الخيانة.. كانت الامة على وشك ان تجتاز عنق الزجاجة التي وضعت فيها عقب سقوط الخلافة، ولكن هيكل وآله أعادونا إلى الأسفل لتسير الامة إلى هاوية 48 ثم هزيمة 67 ثم كامب ديفد وإلى هذه اللحظة.

واخيراً استعرض يا قراء ما تحدث به هيكل عن الامام البنا في آخر ايامه وما كتبه الكاتب الاميركي روبير جاكسون وترجمه أ.انور الجندي، يقول هيكل في تدن مثير: كان يعلم في ايامه الاخيرة انه سيموت وانه كان خائفاً وانه كان يحاول ان يمد جسوراً مع القصر لكنه اغتيل وقامت حكومة ابراهيم عبدالهادي في ليلة واحدة باعتقال «5» آلاف من اتباعه في ليلة واحدة.. ثم يستطرد بطريقة دنيئة خسيسة : كل ده ما فيش عبر النار، جمال عبدالناصر «Lateron» جاء بعدين.. هل رأيتم تفاهة اكثر من هذه التفاهة: الامام البنا كان خائفاً مرتعداً، نفس ما قاله الخائن موفق الربيعي عن صدام حسين حينما تقدم للمشنقة انه كان خائفاً ومرتعداً حتى جاءت الصورة التلفزيونية لتفضحه، دعونا نستعرض جزءاً مما كتبه الاميركي روبير جاكسون والذي لم أتمالك نفسي حتى بكيت عند قراءته، يقول روبير جاكسون عن الامام البنا انه الرجل القرآني، وانه الكلمة التي سبقت وقتها وان هذا الشرق لا يستطيع ان يحتفظ طويلاً بالكنز الذي يقع في يده انه حسن البنا رجل لا مثيل له في هذا العصر لقد مر في تاريخ مصر مرور الطيف العابر الذي لا يتكرر، كان لا بد ان يموت هذا الرجل الذي صنع التاريخ وحول مجرى الطريق شهيداً كان لا بد ان يموت باكراً، فقد كان غريباً عن طبيعة المجتمع.. يبدو وكأنه الكلمة التي سبقت وقتها أو لم يأت وقتها بعد.. كان الناس يرونه غريباً في محيط الزعماء بطابعه وطبيعته فلما مات كان غريباً غاية الغرابة في موته ونعيه فلم يصل عليه في المسجد إلا والده وحملت جثمانه النساء ولم يمش خلف جثمانه احد من الاتباع.. كانوا خلف الاسوار.

نقل الرجل بعد ان اسلم الروح إلى بيته في جوف الليل، ومنع اهل البيت من اعلان الفاجعة وغسَّله والده، وخيم على القاهرة تلك الليلة كابوس مزعج كئيب، لقد كان خليقاً بمن سلك مسلك ابي حنيفة ومالك وابن حنبل وابن تيمية مواجهة للظلم ان تختتم حياته على هذه الصورة الفريدة المروعة.

انه كان يدهش الناس في كل لحظات حياته، فلا بد ان يدهش الاجيال بختام حياته، إن الألوف المؤلفة قد سارت في ركب الذين صنع لهم الشرق بطولات زائفة، افلا يكون حسن البنا قد رفض هذا التقليد الذي لا يتم على غير النفاق، ان هناك فارقاً أزلياً بين الذين خدعوا التاريخ وبين الذين نصحوا لله ولرسوله، ان هذا الختام العجيب سيظل مدى الاجيال يوقد في نفوس رجال الفكر النور والضياء، ويبعث في قلوب الذين آمنوا معه ما بعثه الحق في نفوس اهله حتى يمكنوا له، ان مقتله شبيه بمقتل الحسين، انها العوامل المختلفة التي تجمعت لوضع حد للفكرة التي كانت تندفع إلى الامام كالاعصار، وحين عجز الفضاء انفذ القدر حكم.

هذا الاميركي الغير مسلم وذلك هيكل كم اشعر بالخزي ان يكون هذا القريب ليس منا انه عمل غير صالح.<















 

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد ناصر حميدان

2025-01-18 00:17:31

وطن يصارع الضياع

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد