إعداد/مركز الشموع الإخباري
الموت لإسرائيل. . الموت لأميركا، بهذا الشعار البراق انطلقت حركة التمرد الحوثية في تشكيل تنظيم (الشباب المؤمن) الذي وجه أسلحته إلى قوات الجيش والأمن والمواطنين الأبرياء ومنذ المواجهات المسلحة الأولى التي شنها المتمردون الحوثيون ضد السلطة عام 2004 بقيادة الصريع حسين بدر الدين الحوثي ومازال الحوثيون يشنون مواجهات مسلحة ضد المواطنين والجيش تدور رحاها بمحافظة صعدة رافضين نزع سلاحهم !
لقد كان هذا التمرد الحوثي على الدولة والاستخدام المفرط للعنف والسلاح من هذه العصابة الإرهابية تجاه الدولة والدخول معها في صراع دموي دليلاً على أن وراء الشعار المعلن بُعداً آخر يتستر عن الظهور، فصعدة ظلت طوال السنوات الماضية بعيدة عن الأعمال الإرهابية التي تسعى إلى تشوية سمعة اليمن والضرر بالاقتصاد الوطني من خلال اختطاف السياح. إن من الجلي أن ظاهرة الحوثي تداخلت في بروزها عدة أياد، منها إيران، فإيران ومنذ قيام ما عرف ب(الثورة الإسلامية) تبنت مبدأ تصدير الثورة الشيعية إلى الوطن العربي والعالم الإسلامي، بما في ذلك الخليج والجزيرة خصوصًا. وقد شكلت الأرضية المذهبية (الهادوية) في اليمن أرضاً خصبة لهذا التغلغل الشيعي خاصة بعد حرب الخليج الثانية وتدمير العراق، وبذلت الدبلوماسية والسفارة الإيرانية في صنعاء جهدًا مكثفًا لاستقطاب أتباع المذهب الزيدي منذ عام 1990م، حيث توجهت الأنظار إلى اليمن كلاعب إقليمي ناشئ ومؤثر. ولم تكن إيران فقط بل من ورائها القوى الشيعية في المنطقة، في العراق ولبنان والبحرين والكويت والسعودية.
< الهدف الإيراني من التمرد الحوثي
إن التمرد الحوثي ضد السلطة والدولة لم يأت من فراغ بل جاء في إطار مخطط كان معدًَا له أولاً من حيث إدخال مذهب جديد هو (الاثنا عشرية) والترويج له داخل المجتمع اليمني، وثانيًا ما تم الاعتراف به على لسان الحوثي بوجود علاقة مع بعض المنظمات والحوزات الشيعية وزيارته لبعض الدول العربية وإيران. وهدف إيران من ذلك عدة مسائل: منها استغلال جو التصالح والتقارب الشيعي الأميركي في المنطقة عقب أحداث 11 سبتمبر، ومنها زيادة النفوذ الشيعي في دول الجزيرة والخليج بما يخدم البعد الإستراتيجي لإيران في المنطقة، ومنها تشتيت الذهن والجهد السني على امتداد الرقعة الجغرافية، فلبنان وسوريا والسودان واليمن. . . إلى آخر ما هنالك من القائمة! بحيث تنصرف هذه الجهود عن العراق وخدمة التيار السني المقاوم فيه!
< إيران. . والتغلغل الرافضي في اليمن
إن الإعلان عن (حزب الله) في عام 1990م، وتشكيل تنظيم (الشباب المؤمن) ورفع شعارات الثورة الإيرانية وحزب الله في لبنان. . بل رفع علميهما، والتوجه إلى نقد المذهب الزيدي وتمرير عقائد الرافضة كسب الصحابة، وإقامة الحسينيات، والاحتفال بيوم غدير (خم)، وافتتاح العديد من المحلات التجارية والمكتبات والتسجيلات ذات المسميات الشيعية: الغدير، خم، كربلاء، الحسين، النجف وغيرها! وتعليق لافتات قماشية سوداء كتبت عليها عبارات وهتافات جعفرية مثل (ياحسيناه، ياعلياه، من كنت مولاه فعلي مولاه، لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق). . إلخ، وتوزيع وبيع أشرطة وكتب وكتيبات ذات مضامين شيعية إثنىن عشرية، ونشرات بمسميات (العترة) و(آل البيت) و(الحسين) و(المهدي). . وغيرها، ونشر صور رموز شيعية كالخميني والصدر والسيستاني ورفسنجاني وحسن نصرالله ومقتدى الصدر وغيرهم. . . جميعها مؤشرات على توجيه أياد خارجية ووجود صلات عقائدية وفكرية ودعم غير طبيعي لتنظيم (الشباب المؤمن) وحركة التمرد الأولى التي قادها الصريع حسين بدر الدين الحوثي عام 2004م ومن ثم اشعلها ثانية الأب بدر الدين الحوثي وهاهي للمرة الثالثة يشعل المتمردون الحوثيون فتيل الحرب ضد المواطنين وابناء القوات المسلحة التي اندلعت قبل شهرين بقيادة المتمرد عبد الملك بدر الدين الحوثي.
لقد تردد في أوساط أتباع الصريع حسين الحوثي المقولة بأنه هو اليماني الذي رمزت إليه الآثار التي تضمنها كتاب المدعو علي الكوراني - وهو مرجع وباحث شيعي من لبنان- (عصر الظهور)، وهو ما أعطى حركة الحوثي بعدا شيعيا إثنين عشريا!
بل أصبح الكتاب محط اهتمام المتابعين للأحداث نظرا لوجود الخلفية المسبقة لتمرد الحوثي بتواصله مع إيران وليبيا! وقد ذهب البعض إلى أن المؤلف الشيعي علي الكوراني يمثل المرجع الأول لحركة التمرد التي قادها حسين الحوثي وتنظيم (الشباب المؤمن) رغم نفيه لصلته بالموضوع وتشكيكه بأن يكون الحوثي هو المقصود في الآثار!
< إيران الهاجس الأمني للعرب
كانت إيران ومازالت دائما تمثل هاجسا أمنيا للأنظمة العربية خاصة بعد الثورة الإسلامية وطموح الجمهورية الإسلامية في تصدير الثورة إلى دول الخليج. استعانت الدول العربية في هذا الوقت بالرئيس الشهيد صدام حسين حامي البوابة الشرقية، ودعمته سياسيا وعسكريا واقتصاديا طوال سنوات حرب الخليج الأولى في سعيا لمواجهة الخطر الإيراني. ثم جاء الاحتلال الأميركي للعراق وسقوط نظام الرئيس صدام ووجود برلمان وحكومة يسيطر عليهما شيعة العراق بمثابة هدية غير مقصودة لإيران. الأمر الذي أعاد علاقة الدول العربية وخاصة دول الخليج والأردن ومصر بإيران للمربع صفر. وأصبحت إيران هاجسا مشتركا لمعظم دول المنطقة ، الولايات المتحدة التي باتت تعترف بأخطاء سياستها في العراق ، تحاول تعبئة الدول العربية ضد إيران دون أن يؤثر ذلك على دعمهم للحكومة العراقية ، فقسمت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس الخريف الماضي الدول العربية إلى معسكرين، معسكر معتدلين يضم مصر والأردن والسعودية ، ومعسكر متطرفين يضم سوريا وإيران.
وفي الوقت الذي بدأت الإدارة الأميركية الضغط على حكومة المالكي لمواجهة المليشيات الشيعية المدعومة من إيران في العراق، زادت تصريحات المسؤولين الأميركيين التي تعكس تخوف الدول العربية من خطورة البرنامج النووي الإيراني وازدياد نفوذها في المنطقة. الأنظمة العربية وطبقا لمقال نشر في صحيفة كريستيان ساينس مونتور حائرة بين شعورها بهيمنة وتنامي دور إيران وطموحاتها النووية من جهة وبين الخوف من الفوضى التي يمكن أن تعم المنطقة في حال قيام الولايات المتحدة بعمل عسكري ضد إيران. إن زيادة الدور والنفوذ الإيراني في مناطق وملفات كانت لفترة مناطق نفوذ دول عربية، أشعل المنافسة الإقليمية، فبعد أن صرحت قيادات حزب الله في لبنان علانية باستعداد إيران لدفع الأموال اللازمة لإعادة إعمار ما دمرته الحرب الأخيرة مع إسرائيل، وبعد أن تجاوز الدور الإيراني مناطق نفوذه الحدودية وأصبحت طهران من المحطات الرئيسية التي يتوقف بها مسؤولو حماس ، شعرت كل من مصر والسعودية بأن دورهما التاريخي يتآكل ، وبالتالي فإن تصميم الرياض على إتمام اتفاق مكة والحرص السعودي على التدخل العلني في الملفات الثلاثة تكمن دوافعه إلى مواجهة إيران وقطع الطريق عليها. <