;

صحيفة «الناس» هل أصبحت الوسواس الخناس؟! 1063

2007-03-18 20:00:37

گتبه الشيخ/ صالح بن محمد عبدالمغني

صحيفة «الناس» رغم انها لا تتبنى المنهج العلماني أو الاشتراكي لكن صارت لها مواقف غريبة بسبب ما تكتبه وتنشره مؤخراً من مقالات تنال من رموز العلم والدعوة، كالشيخ الزنداني وجامعة الايمان ومشايخ وعلماء في تلك الجامعة أو خارجها، في نفس الوقت الذي تشيد فيه برموز اشتراكية وتدافع عن كل من عارض الدولة ولو كان الشيطان الرجيم، فما هكذا المعارضة وما هكذا تورد الإبل، ونسأل الله للصحيفة حسن الخاتمة.

سأتناول عدداً واحداً فقط من اعداد الصحيفة وهو لعدد «337» بتاريخ 22 صفر 1428ه لأنقل للقارئ الكريم ما يؤكد هذا الامر، داعياً كل منصف إلى النظر والتأمل قبل ان يكون موافقاً أو مخالفاً، فالحق ضالة المؤمن اينما وجده اخذه، والله سبحانه يقول: «يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على انفسكم أو الوالدين والأقربين. . . »الآية.

وليس بيننا وبين احد عداوات شخصية لكنه الحق وبيانه والدين النصيحة، ومرجعنا اولاً واخيراً هو الشرع وميزانه «وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله».

في العدد المذكور وبالخط الاحمر العريض في واجهة الصحيفة «جامعة الايمان. . طول اللحية والثوب يحددان الدرجة العلمية» ثم اوردت الصحيفة الخبر الذي خلاصته ان قسم التزكية في الجامعة اعتبر الالتزام باعفاء اللحية والذي يليق بأهل العلم وحملته من جملة ما يراعى في تقويم الطالب ودرجته، مع العلم انه ليس في الخبر طول اللحية، لكن هذا من باب السخرية، ولا عجب ولا غرابة ابداً ان يراعى اطلاق اللحية وينهى عن حلقها، فاحاديث الرسول- صلى الله عليه وسلم -كثيرة في الامر بذلك، وبعدة الفاظ وروايات: «اعفوا اللحى. . وفروا اللحى. . كثروا اللحى. . ارخوا اللحى. . . الخ».

ونقل ابن حزم الاندلسي- رحمه الله- الاجماع على وجوب ذلك، وعده علماء الاسلام وإلى وقت قريب جداً قبل ان نتأثر بالغرب، ونصبح مدافعين عن زيهم ومظاهرهم، عدوا حلق اللحية من خوارم المروءة ومن المخالفة، فهل هو عيب على جامعة تتبنى تخريج علماء عاملين بعلمهم ان تهتم بهذا المظهر الإسلامي الراسخ، وتراعيه في درجات السلوك؟ وهل هذا إلا من علامات المروءة والسلوك اللائق بخريجي جامعة الايمان، وهل قد اتيتم على جميع الانحرافات في جامعاتنا، من فساد في التعليم واختلاط بين الشباب والفتيات وبيع وشراء الدرجات والشهادات وضياع للعلم وعدم الالتفات إلى العمل به، بل جعله وسيلة للدنيا وكسب المال بحق أو بباطل؟.

هل انتهيتم في صحيفة «الناس» من ذلك ولم يبق إلا مسألة اللحية والثوب التي ابتدعتها جامعة الايمان في نظركم، ام ان الحق عندكم اصبح باطلاً والباطل حقاً؟ ما لكم كيف تحكمون؟.

وفي نفس العدد وعلى الصفحة الرئىسية يحشرون صورة الشيخ الزنداني والشيخ محمد المهدي مع رموز الصوفية الجفري ومرعي وابن حفيظ، وفي الداخل صورة كبيرة للرئىس بجانبهم، ويتحدث المقال الطويل كيف ان الرئىس يستخدم هؤلاء لمصالحه ويضرب بهم آخرين في الوقت الذي يريد، فقد تكلموا على السلفيين ثم على الصوفيين ثم على الزنداني وجامعة الايمان، قائلين: ان الرئىس دشن الانتخابات الاخيرة من جامعة الايمان واختتمها من ذات المكان، وشهد لها بالاعتدال والوسطية مستخدماً لعبة التوازنات السياسية.

واقول للاخ الكاتب شاكر احمد ولصيحفة «الناس» :اذا كنتم ترون ان السلفيين والزنداني وجامعة الايمان وما فيها من كبار علماء الحركة الاسلامية انهم يغرر بهم ويبيعون موقفهم وفتاواهم بثمن بخسٍ كما يفعل الصوفيون الذين حشرتموهم بهم «فلا نامت اعين الجبناء» ماذا ابقيتم لكل طاعن وعلماني واشتراكي، وهل سيثق الناس بعد ذلك بفتاوى وخطب هؤلاء وكلامهم لو صدقوكم، وما المصلحة من هذا الطرح الابتر، وهل يصب هذا إلا في محاربة الدعوة والدعاة ونزع الثقة منهم وانهم آلة لكل فاسد وتسيرهم المادة؟! «سبحانك هذا بهتان عظيم».

يا اخواننا! لو فقهتم لعلمتم ان الامر ليس كذلك وان حسابات العلماء الراسخين ليست كحسابات بعض الطائشين، فهم يعلمون ان الشرع والواقع يشهد بأنه متى اتفقت كلمة العلماء والامراء وتعاونوا على الحق وسمع الحاكم نصائح اهل العلم، كان ذلك في صالح البلا والعباد، وان الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن والتاريخ يشهد بذلك، فكم انتفعت الامة الاسلامية في مشارق الارض ومغاربها -ونحن جميعاً منها -بدولة التوحيد التي قامت في هذا العصر بالجزيرة العربية على يد العالم المجدد محمد بن عبدالوهاب ومحمد بن سعود- رحمها الله- وكم ضاعت واهدرت من جهود في سنين طويلة عندما يكون الصراع بديلاً لذلك.

ولماذا هؤلاء الكتاب في صحيفة «الناس» ومن على شاكلتهم لا يقدرون رأي العلماء في مثل هذه المسائل الاجتهادية التي تخضع للنظر في المصلحة والمفسدة؟ ولماذا لا يحسنون الظن بمن هم اعلم منهم بالشرع والمصالح والمفاسد مع العلم انه لا انكار في مسائل الاجتهاد؟ ومن احسان الظن ان يظنوا ان هؤلاء المشايخ الذين لم يكونوا على شاكلة بعض السياسيين المتحمسين للمعارضة، يرون عدم المهاترات والمصادمات مع الدولة انفع للامة وللدعوة ومؤسساتها وجامعاتها، ليس جبناً ولا خوفاً ولا لهثاً وراء مادة، انما حرصاً على مصلحة الراعي والرعية وعملاً بهدي القرآن، فقد أمر الله موسى- عليه السلام- ان يقول لفرعون قولاً ليناً مع بيان الحق والقيام بالنصيحة في الوقت المناسب وبالطريقة المقبولة، وفي الحديث الصحيح «ان الله يعطي على الرفق مالا يعطي على العنف»، ان الزنداني والعمراني والمعلم والديلمي والمهدي والريمي وغيرهم كثيرون اذا لم يكونوا في مقدمة الصفوف المعارضة في انتخابات الرئاسة وغيرها، فلا يجوز اتهامهم بالتواطؤ والعمالة والسكوت عن الحق، انما لهم رؤيتهم في نظرهم وطريقتهم التي يرجحونها في التغيير ولهم قناعاتهم، ونحن مجرد كتاب مثقفين- ورحم الله امرءاً عرف قدر نفسه- فعيب على صحيفة «الناس» ان تجعل مثل هؤلاء العلماء الافذاد مرمى لسهام من هد ودب من انصاف وارباع المثقفين، في نفس العدد الذي فيه مثل هذا الانتقاص لعلماء افاضل ومؤسساتهم، نجد اظهار كبار الاشتراكيين بمظهر المصلحين، وانهم حقاً المهتمون بحال الشعب والامة، فقد نشرت الصحيفة عن ياسين سعيد نعمان- امين عام الحزب الاشتراكي- تصريحاته وانتقاداته لحرب 94م وانها حولت الناس إلى متسولي رواتب، وان الحرب في صعدة فتحت جراحاً ارادت السلطة ان تلعب فيه بالورقة المذهبية منذ البداية في محاولاتها المستميتة للبحث عن عدو. . هكذا بالنص، فكيف اصبحت صحيفة «الناس» تتبنى كلام الاشتراكيين المدافعين عن الانفصال وعن الحوثيين العنصريين وتسخر من العلماء والدعاة العاملين، لا ادري ارجو ان يسأل اهلها عن هذا، إلا انه وكما ذكرت سابقاً لو وجدوا في المعارضة ابليس -عليه لعنة الله- اصبح يعارض الدولة وعلي عبدالله صالح لوجد له مكاناً ومحلاً مرموقاً في قلوب وعواطف هؤلاء الشلة في صحيفة «الناس»، وهذا من انتكاس العقول وتحكم العواطف وردود الافعال الطائشة، والعداء الذي يجعل صاحبه يناقض اليوم ما كان مستميتاً في الدفاع عنه بالامس، وإلا فكيف تنقلب الموازين حتى يصبح الزنداني متهماً وياسين سعيد نعمان بطلاً والاشتراكي محقاً، والاسلامي مبطلاً؟ «فانها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور».

وهذا مع العلم ان ياسين سعيد نعمان هذا وهو زعيم الحزب الاشتراكي حالياً، هو نفسه زعيم اللقاء المشترك الذي تدندن حوله صحيفة «الناس» والذي جمع المتردية والنطيحة والموقوذة وما أكل السبع، فقد جمع الحوثيين والاشتراكيين والعلمانيين، «والذي خبث لا يخرج إلا نكداً» ونأسف لبعض الاسلاميين الذي صار هؤلاء اقرب اليهم في لقائهم المشترك من اخوانهم الدعاة الذين لا يجدون منهم في كثير من صحفهم إلا السخرية والانتقاص والحط من شأنهم. . ولا حول ولا قوة إلا بالله.

في نفس العدد المذكور مقال طويل لناصر يحيى يتكلم فيه عن لقاءالرئىس بمجموعة من المشايخ والدعاة في جمعية الحكمة اليمانية الخيرية، وقد اظهر تشنجه وتحامله وسوء ظنه بذلك اللقاء من اوله إلى آخره، واخذ يعاتبهم ويحاسبهم على اشياء في خياله مما يظهر مدى الحقد الذي يتمتع به اخونا هداه الله.

ومما عابتهم وأراد نصيحتهم به أنهم لا يقبلون الديمقراطية ولا التعددية الحزبية ولا مشروعية المعارضة، ناسياً ان حزبيته ومعارضته هو وامثاله اوصلت كثيراً منهم إلى التسول في ابواب السفارات ولو كانت سفارة اكبر دولة معادية للاسلام، فلا حرج في سبيل معارضة نزيهة ولو اصبحت آلة لسباقهم جميعاً لكسب ود العم سام، ولا بأس حتى لو تعاونا وتحالفنا مع من كنا نكفرهم بالامس وحاربناهم مراراً، ولو كان ناصر ناصراً للحق لعلم ان ما عليه العلماء من تحفظات حول المستوردات من الغرب والشرق هو الحق، وان لا بديل عن الشورى الاسلامية ووحدة الامة وتعاون الراعي والرعية، واننا كما قال الامام مالك :«لا يُصلح هذه الأمة إلا ما أصلح اولها»، وكما قال قبله عمر :«نحن قوم اعزنا الله بالاسلام ومهما ابتغينا العزة بغيره اذلنا الله»، وان الامر كما في حديث النبي- صلى الله عليه وسلم- : «ان الله يرضى لكم ثلاثاً : أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وان تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، وان تناصحوا من ولاه الله امركم» رواه البخاري ومسلم، وكم اغتر كثير من المسلمين بالشيوعية والاشتركية حتى ظهر عوارها، فسيظهر عوار المناهج والمفاهيم المخالفة للشريعة الآن- بإذن الله-.

فيا استاذ ناصر! كنت اتمنى ان يكون من ضمن امنياتك ان يتكلم اولاً المشايخ على اقامة وتعظيم شعائر الدين ومعالمه والحدود الشرعية وازالة الفساد والتبرج في الاعلام وغيره، وان ينصحوا ولي الامر فيما يتعلق بشأن الفرق المنحرفة من رافضة وباطنية، والذين هم قنابل موقوتة يجب على العلماء بيان باطلهم، وامثال ذلك مما يسعى الدعاة بحمد الله لتحقيقه وفيه مصلحة للامة كلها، لا ان تصبح داعية لما اتى به الغرب إلينا لاقصاء شريعتنا، وجعل الشرع آخر ما يفكر به الناس وآخر ما يعملون من اجله، ولا داعي لتحمسك يا استاذ ناصر، فقد كفاك في هذه المطالب الغربية بوش ومن معه الذين ينعون على العرب عامة والحركات الاسلامية خاصة عدم تعاونهم واستجابتهم للديمقراطية الغربية والحزبية وحرية المرأة وغيرها مما حقائقها زيادة الرضوخ لهم وزيادة تفرقنا إلى شيع واحزاب، يكيد بعضهم بعضا، ويستقوي بعضهم على بعض باعداء الامة كما هو حاصل ونجني ثماره الآن، وقد كان كتاب كثير وانت منهم ممن لا يرضى بهذه الانحرافات، فلماذا انقلبت الامور رأساً على عقب اليوم، واصبحت ملكياً اكثر من الملك، فحسب ما نعلمه ان الدستور اليمني لا يحرم اي تعامل مع اي جمعية أو مؤسسة أو غيرها، ولا يشترط في التعاون وتعامل الدولة معها ان تنخرط تلك الجمعيات في حزب من الاحزاب الضيقة توالي وتعادي عليها، بل الاسلام ونهجه واسع بحمد الله والتعاون مع الدولة ومع الدعاة في الاصلاح وغيرهم في سبيل ما يخدم الدين والمجتمع، واني لأعجب لماذا كل هذا التخوف عند من نعدهم اسلاميين من لقاء جماعة من العلماء بالرئىس، هل ذلك إلا من سوء الظن والعقلية الحزبية الضيقة، وإلا فالمتضرر حقاً هم اعداء الدعوة الاسلامية والفرق المنحرفة من الرافضة والباطنية، فهل اصبحت يا استاذ ناصر! الناطق الرسمي بلسانهم؟!.

اللهم فاطر السماوات والارض عالم الغيب والشهادة اهدنا لما اختلف فيه من الحق باذنك انك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم. <


 

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد ناصر حميدان

2025-01-18 00:17:31

وطن يصارع الضياع

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد