د. كمال بن محمد البعداني
لا أدري والله كيف انخدع بعض الناس بل وكيف انخدع اصحاب الحوثي انفسهم؟!
نعم! كيف انخدع الجميع بأن الحوثي من خلال رفعه لشعار «الموت لأميركا» هو ضد اميركا، مع انه لو فكر الواحد منهم قليلاً لزالت الغشاوة وظهرت الحقيقة واضحة وضوح الشمس.
اليس المدعو يحيى الحوثي هو الناطق الإعلامي والسياسي لحركة التمرد في الخارج؟!
أوليس هذا الرجل مقيماً في المانيا ويطلق شعاراته وتصريحاته من هناك؟!
أوليست المانيا هي الدولة التي سلمت الشيخ محمد المؤيد- الذي كان في زيارة لها- إلى اميركا عندما طلبت منها ذلك؟!
فأيهما اخطر على اميركا الشيخ المؤيد الذي ينتمي إلى آل البيت، ام المدعو يحيى الحوثي؟!
فمن الناحية الصورية ان الحوثي اخطر فقد رفع شعار الموت ضدها مستخدماً القوة المسلحة -كما يقول- ومدعوم في نفس الوقت من إيران العدو اللدود لأميركا - كما تقول-.
اما الشيخ المؤيد فقد كانت التهمة الموجهة له هي محاولة مساعدة ايتام واطفال فلسطين.
اذاً :هنا يأتي السؤال : لماذا لم تطلب اميركا من المانيا تسليمها الحوثي كما فعلت مع المؤيد؟!
الجواب يعرفه اصحاب العقول!
أوليس الشيخ الزنداني لا يستطيع السفر خارج اليمن بسبب غضب اميركا عليه ومطالبتها به؟!
بينما الحوثي عدو اميركا - كما يقول - يسرح ويمرح في اوروبا ويقيم في المانيا الحليف التقليدي لاميركا، بل إني أعتقد جازماً أنه ما كان يستطيع مغادرة اليمن دون حصوله على الضوء الأخضر من الخارج.
الحوثي يرفع شعار الموت لاميركا ثم يذهب إليهم، بل وطالب في إحدى مقابلاته التلفزيونية من اميركا التدخل، أليس هذا شيئاً غريباً؟!
أليس هناك تشابه كبير مع شعار إيران المرفوع ضد اميركا ووصفها ب«الشيطان الأكبر» بينما هي تقتسم مع هذا الشيطان الكعكة في العراق.
إيران تريد محاربة اميركا - كما تقول - في جبال صعدة في اليمن عند خولان وهمدان، بينما الجنود الاميركان على بعد امتار من الحدود الإيرانية مع العراق، بل وهناك دوريات مشتركة فيما بينهم.
إذا: فإيران تريد ان تأكل الثوم بأفواه اليمنيين!
أليس هذا كله شيئاً عجاباً، بل واستخفافاً بعقول ابناء اليمن وابناء صعدة بالذات؟!
فشعار «الموت لاميركا الموت لاسرائىل» المقصود به : الموت لليمن الموت لصعدة، الموت لخولان وهمدان.
نعم ! فهاتان القبيلتان العريقتان وغيرهما الضاربتان في جذور التاريخ لهما تجارب مريرة مع الأئمة ومدعيي الإمامة؛ فهمدان هي التي اتت بالإمام الهادي رحمه الله من جبال الرس في المدينة المنورة إلى ارض اليمن وملكته صعدة وخولان بالكامل ووقفت معه وناصرته، فكان الجزاء لهذه القبيلة هو التنكيل بشيوخها والبطش بهم على يد الإمام الناصر حفيد الإمام الهادي، وذلك بسبب اعتراض همدان على سجن علامة اليمن ولسانها الحسن بن احمد الهمداني صاحب كتاب «الإكليل» الذي حبسه الإمام الناصر بسبب قصيدته « الدامغة»والذي من ابياتها:
أليس المُلك كان لنا قديماً وفي الإسلام نحن العابدونا
فقامت قيامة الناصر وأطلق على همدان أبشع التهم، ومنها قوله:«همدان حرفت القرآن».
ألم تقف خولان مع الإمام يحيى في محاربة الاتراك وعندما استقر ملكه نكل بأهلها واستخف بهم؟!
ففي اثناء الحرب اليمنية السعودية في الثلاثينيات من القرن الماضي استدعى الإمام يحيى قبيلة خولان للمشاركة في الحرب وزودها ببنادق قديمة وفاسدة لا تصلح للحرب، وعندما اعترض مشايخ خولان وعقالها على ذلك، قال لهم:« كعو كعو ياخولان» كما ذكر ذلك القاضي اسماعيل الأكوع في كتابه «عالم وأمير» نقلاً عن القاضي الإرياني الذي كان حاضراً في هذا الموقف، وكلنا يعرف ما في هذه الكلمة من الاستخفاف والاستحقار لهذه القبيلة العريقة والتي لا تزال اسماء القلاع في الأندلس شاهدة على بطولة ابنائها في الفتوحات الإسلامية.
ولم تكن قبيلة حاشد الأبية احسن حالاً مع الإمامة؛ فعندما اجتمع وجهاء اليمن وعلماؤها في« قفلة عذر» في حاشد عند موت الإمام المنصور والد الإمام يحيى، وذلك لاختيار إمام جديد لليمن وقف الشيخ ناصر بن مبخوت الأحمر -شيخ حاشد -وقال امام الجميع: يا سادة! يافقهاء! مابش معنا إمام غير «سيدي يحيى». وذلك لما كان يعتقد فيه من الصلاح والورع، ولكن عندما انكشفت الحقيقة لانباء اليمن وقفت قبيلة حاشد مثل بقية القبائل ضد طغيان الإمامة، وكانت النتيجة ذبح الشيخ حسين بن ناصر الأحمر وابنه الثائر حميد على يد الإمام احمد بن يحيى حميد الدين.
نعم! انها بلا شك تجارب مريرة عند القبائل اليمنية مع الإمامة، وهنا اقول لهم :اياكم ان تنخدعوا بهذا الفكر الرافضي الدخيل والجديد بنفس الوقت الذي يقوم على سب صحابة رسول الله فأنتم وجوه العرب وساداتها، والقبائل اليمنية هي التي وصلت إلى اقصى الشرق واقصى الغرب حاملة رايه الإسلام.
ان الانصار اصحاب رسول الله هم اجدادكم، والكثير من الصحابة هم من قبائلكم، فهل ترضون بلعنهم وتقبيل أيادي من يسبهم؟!
هل ترضون بالذل بعد العز والعبودية بعد الحرية؟!
أعاذكم الله من ذلك، واعلموا ان اليمن تتشرف بأبنائها الذين ينتمون إلى آل البيت النبوي العربي الهاشمي.
نعم! ينتمون إليه نسباً وعقيدة وفكراً.
تتشرف بهؤلاء الذين وقفوا ضد ظلم وطغيان الإمامة في اليمن، وكانوا من الذين فجروا الثورة ودافعوا عنها، ولكنها في نفس الوقت لا تتشرف بالذين ينتمون إلى رسول الله بالنسب فقط ولا ينتسبون إليه بالفكر والعقيدة الصحيحة، فالنسب وحده لايكفي وليس هناك مقارنة بين بيت النبوة العربي الهاشمي وبين البيت الصفوي الفارسي.
اللهم هل بلغت؟ اللهم فاشهد. . اللهم فاشهد!!. <