حسن الأشموري
الإرهاب، والفساد،والأمية هي الشرور الثلاثة الكبرى التي أزعم إلى مستوى اليقين أنها في طريقها للتسبب بمستقبل كارثي لليمن إذا لم نشمر بما بقي من سواعدنا ،الأمية والفساد ثنائي هذه الشرور، رحلتها باللغة البنكية والمحاسباتية الأنظمة السياسية التي تعاقبت على اليمن إلى مكتب الرئيس علي عبد الله صالح الذي أظنه على غير يقين لدي يتعارك معها أو أنه يفكر في العراك معها، وسأتحدث عن هذين الشرين وعن الرئيس في وافد الأيام ، في حين أن الإرهاب هذا الشر الطارئ والوافد من خارج الحدود يعيق اليوم حركة الجسد اليماني، ويسحب بعيدا صفتنا بانا لم نعد من المجتمعات المتسامحة كما كنا إلى عهد لم يغب، وفي حقيقة الأمر فهذه العناوين الثلاثة أخذت مني فسحة من الوقت بحثا عن مخرج يمكني ترتيب هذه الشرور بمعنى من أين أبدأ في الحديث عنها ومن منها الأكثر شرا مستطيرا.
إنها مفارقة متداخلة لافتة لكل تلك العناوين في أنها تشكل كلها إرهابا، وقد يكون مرد ذلك أننا لا زلنا حتى الساعة محاطين ومسيجين بإرهاب القتلة الحوثيين وهجمات شطرهم الآخر وشقيقهم تنظيم القاعدة الإرهابي رغم المحاولات المميتة للإرهابيين الحوثيين في وضع أنفسهم على مسافات من إرهاب تنظيم القاعدة وتبرئهم منهم والعكس لاختلاف المذهبية الإرهابية واتحاد العمل الإرهابي ، وهو تبرؤ الظاهر لا الباطن، فتناغمي واحدية الميدان لإرهاب الحوثيين الثالث أو الحالي في صعدة وقتلهم من طالة سلاحهم ، لا تنفك عن إرهاب شقيقهم في الآثام تنظيم القاعدة في تلك الاعتداءات التي تبناها التنظيم بتبجح في سبتمبر الماضي ، عقب أن استهدفت عناصره ميناء تصدير النفط بالضبة في محافظة حضرموت ومصفاة النفط ووحدة إنتاج الغاز بمنطقة صافر بمحافظة مارب، بأربع سيارات انتحارية، وبهذا الحال الإرهابي يكون الإرهاب قد اسقط مظلة حضوره على كل شيء في البلاد، فالفساد إرهاب والأمية إرهاب وكل ذلك في بلد يمتلك عقلا صعبا واعتداداً حاداً بالنفس وذي مزاج يصعب التنبؤ بسلوكياته وفي أرض وعرة وفوق وعورتها لا ينافسها أي مصر من الأمصار في التربع على ذرى قمم الفقر، فكان إذن لابد البدء من إرهاب الإرهاب.
لست أدري كيف وصلنا إلى هذا الحال لنقع كلنا اليمانيون في الخارج ضحايا للسمعة السيئة ونقع في الداخل مع ضيوفنا وعابري سبيل بلادنا ضحية متكررة لإرهاب تنظيم الحوثيين وشبابهم المؤمن وتنظيم القاعدة، ولا أظن أن أحدا قد اهتدى إلى الكيفية التي وقعنا بها في هذا الشرك، بعد أن عقد تنظيم القاعدة والحوثيون النية على استهداف اليمن وسمعته والأجانب فيه، وفي مقدمتهم صديقتنا البعيدة القريبة الولايات المتحدة بعد أن أبانت تقلبات الدهر كم نحن بحاجة إليها ولغيرها لقلة حيلتنا وهواننا أمام كوارثنا وأمام المصائب التي تعشقنا. ولأننا نجهل كيف وصلنا إلى هذا الحال فإننا لم نجهل أن الإرهاب غدا ظاهرة إجرامية ومرضاً في نفوس أهله، مبعثه رغبة الحوثيين في وضعنا لقتال أميركا الحرة وإعادتنا إلى زمن عزلة الإمامة ولكن بعمائم سوداء ليست كتلك العمائم البيضاء التي عرفت بها الزيدية، مرتبطا بهذه الرغبة رغبة تنظيم القاعدة في عزلنا عن العالم وعن مجاراته في العصرنة المفيدة والتي لا تتعارض مع ميراثنا المكي والمدني، ليقحمنا هذان التنظيمان في صراع بين سمو إنسانية الفرد اليماني وبربريتهم، التي تعدت قتلهم لليمانيين لآخرين عبروا عرض بحرنا كما حدث للمدمرة الأميركية يو إس إس كول والتي يختصرها وينطقها الرئيس دوما إس إس كول، فمنعوا بإرهابهم رزقا كان الله قد ساقه إلينا عبر نفقات التموين والتخزين والتزود بالوقود من الموانئ والأسواق اليمانية للقوات الأميركية ولأساطيلها التي تجوب أعالي البحار والتي عززت نفقاته من دخل دولة كالبحرين ودول أخرى كاليابان وكوريا الجنوبية وحتى ألمانيا، لينقل الله هذا الرزق بإرهابهم اللعين من اليمن إلى جيبوتي. ماذا حقق الحوثيون وتنظيم القاعدة المجرمون لليمانيين سوى أن أقفلت السفارات الأوربية والخليجية الأبواب دوننا؟ ماذا حققت هذه الأعمال وماذا حقق امتداد سيرها سوى أن وضعت الدول الشقيقة والصديقة العنصر اليماني في وجه الاتهام الدائم والمسبق ليقطعوا عليه طريقا يعبره سعيا للرزق وكأنه يخفي في جيبة أو تحت غطاء رأسه قنبلة رغم أن إرهابيينا يعدون على الأصابع؟!
وبدت من وجوه أخرى لإرهاب الحوثيين وتنظيم القاعدة أنهما تساكنا معا في اليمن ونتج عن هذا التساكن استهداف الساكنة اليمانية فكلاهما يقتل اليمانيين ظننا منه أنه وصل للأميركيين أو جسر الوصول إليهم. إنه إرهاب الفئتين الضالتين للكل مدعوما في عقولهم بذلك الإنتاج المتنوع الخاطئ بالتأويلات الدينية فكان شعار الموت لأميركا وهو ما يختم به الحوثيين صلاتهم وخطبهم ورسائلهم شعاراً قاعديا رغم أنهم يبحثون الآن في تغيير الشعار تقربا إلى شارع الكونستيتيوشن الذي يطل عليه في واشنطن مكتب كوندليزا رايس البنت الأفريقية الجميلة حسب مصطلح الزعيم والمفكر معمر القذافي، ولو أن الإرهابيين الحوثيين وتنظيم القاعدة تدبروا الآية (104) في سورة الكهف" الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا" لما احتاجوا للقتل والشعارات ولتبينوا كم بعدوا عن الإسلام، إذ لا دوافع إنسانية تحركهم سوى القتل وإغلاق أبواب الرزق عبر إشاعة الرعب. وأميركا التي يستهدفونها في اليمن هي التي يوجد بها اليوم يمانيون، حيث فيها أكبر جالية يمانية مهاجرة بعد السعودية وأكثر بكثير مما يوجد منهم في الكويت والإمارات والبحرين وعمان وقطر وليبيا وهي التي فتحت أبوابها للمهاجرين اليمانيين بعد أن طردنا بعض الخليجيين في جوف الليل عند خطيئة صدام في الكويت، وهي أيضا أي أميركا التي رفضت أن تنجر لضربة مرعبة لليمن بعيد الاعتداء على يو إس إس كول أو بعيد الاعتداء على البرجين الجميلين تريد ورلد سنتر في 2001 رغم أن مخابرات عربية ثلاث تنشط في اليمن ألمحت للإدارة الأميركية للقيام بعمل ما نحو اليمن، تخيلوا يجب القيام بعمل ما والذين اجمعوا ثلاثتهم أن هذا اليمن أحد أخطر مراكز ثلاثة لتفريخ الإرهاب، ولست أدري هل صنفونا ثالثا أم ثانيا إثرالمنافسة مع باكستان على أساس أن المركز الأول حسم لصالح أفغانستان، لكن ذلك لم يحدث لتفهم الرئيس جورج بوش بعد أن استوعب المرافعة اليمانية حول أنه إن مس الأميركيين القرح فقد مسنا القرح قبلهم ولم يكن بوش كالإمبراطور الروماني الشهير أوغستين الذي لبى نجدة الأمبراطور الأكسومي أو الحبشي إيلا أسبيها الثالث والمعروف أيضا باسم إيليسبواس هيليسثيواس الذي قرر التقرب إلى المسيح باكتساح اليمن ثأرا لنصار نجران ، دعوني اسحبكم إلى هذه الحادثة لنبعد عن رتابة الكتابة عن هذا الإرهاب البغيض. تكمن القصة أن إيلا قرر قي «523 ميلادي» قبل مولد الرسول (ص) ب «45» عاما تقريبا القيام بمهمة غزو بلاد اليمانيين، وقبل الغزو طلب إيلا المدد من الإمبراطور الروماني الشهير أوغستين الذي زوده ب«60» سفينة حربية عملاقة وبعتاد عسكري متطور بكيفية تلك الحقبة، وأرسل على غرار ذلك إيلا جنراليه إيزميفيوا أظنه هكذا يكتب وإبراموس المعروف لدينا بأبرهة الحبشي وهو بالمناسبة من جذور يمانية لاحتلال اليمن فكانت المواجهة، حتى أقحم الملك ذونواس ببطولة العظماء حصانه في شواطئ مدينة زبيد التي نعرفها اليوم حيث هزمنا هناك في «525» وحصل إيلا على لقب الملك القديس الرسولي وياله من لقب ديني مسيحي وهو لقب لم يحصل عليه إلا القليل جدا جدا في تاريخ الألفي عام للمسيحية ، هكذا إذن كنا ننهزم لأننا سلميون لغلبة التمدن في عقولنا على عقلية الغزاة للغير ولكن قد نغزو بعضنا بعضا لكن ذلك يحدث لغزو التوحد الوطني.
ووعى بوش وأركان إدارته ربما من هذه الحادثة وغيرها أننا في اليمن على مدى التاريخ السبئي والحميري والأقيالي وتلك الفترات الزمنية المفقودة بين هذه التواريخ لم نكن مشاريع غزاة للغير، بل كنا مشاريع غزو لآخرين حكموا سواء من فكر بغزونا بقصد هدايتنا كالنبي الملك سليمان، أوبقصد الضم الأسكندري الذي لولا أن الأسكندر الأكبر انشغل بفارس وأواسط آسيا لكان بدأ بنا.
ومقارنة ببوش أيضا نحمد الله أن السيناتور أو الشيخ جون كيري الذي كان مرشحا منافسا لبوش في انتخابات 2004 لم يفز بالرئاسة وهو صاحب نية تحريك «البي فيفتي» تو العملاقة من قاعدة دييغو غارسيا أو من قواعدها في فلوريدا أو نورث كارولينا أو ألمانيا على وجه السرعة إلى السماء اليمنية بعد أفغانستان، ترى أين كنا اليوم لو أن الأميركيين وافقوا على إحلال الكارثة بنا؟! لا أستطيع أن اتخيل، ترى أين كان سيكون جبل غيمان وهو الاسم القديم لنقم أو صبر ومشاقر نساءة أو ردفان أو جبال المهرة وإب وحجة والمحويت الجميلة، أو ذلك الجبل الذي يملكه النبي شعيب، وتلك الشواطئ الجميلة في عدن والمكلا والحديدة وجزيرة سقطرة؟! ترى ماذا كانت ستؤول عليه هل سيحتلها الأميركيون إلى الأبد لتكون الولاية الواحدة والخمسين ؟ اياإلهي إنه كابوس وصور مروعة، لست أدرى كيف كان الإرهابيون الحوثيون وتنظيم القاعدة سيواجهون ترسانة أميركا أعظم قوة في التاريخ لو قدر الله أن تكون، أظنهم كانوا سيواجهونها - لو أن تلك الطامة الكبرى وقعت - بفتوى الإمام يحيى تلك التي أبرق بها لكل عماله في اليمن في عام 1928 عندما قامت طائرات الإنجليز بضرب بعض المواقع في قعطبة ومناطق أخرى، أمر المقام اليحيوي الشريف أن يقرأ اليمانيون جميعا أو من يعرف القراءة منهم لكثرة الجهل سورة الفيل لمواجهة طائرات الهوكر البريطانية.
نحن اليوم أمام واقعة لا مناص منها وهي أن يتخندق اليمانيون ضد الإرهاب دون حياء أو استشارة العقل الباطن، ليس من أجل أميركا وإنما من أجل سلامة اليمن الوطن الذي لا نملك غيره، وإذا كان السلام لا يأتي إلا من الحرب فتكاليف الوصول إلى سلامة اليمن لن يأتي إلا بعد أن يدفع كل يماني تكاليف الحرب ضد الإرهاب.