د. محمد لطف الحميري
في الساعات الأخيرة من شهر مارس الماضي أصدر الرئيس اليمني علي عبد الله صالح مرسوما جمهوريا كلف بموجبه وزير الكهرباء في حكومة عبد القادر باجمال المنصرفة بتشكيل حكومة جديدة تضطلع حسب المرسوم بتعزيز وتائر التنمية والاستثمار وتنفيذ ما ورد في البرنامج الانتخابي لمرشح المؤتمر الشعبي العام الحاكم أثناء الانتخابات الرئاسية التي جرت في سبتمبر من العام الماضي.
قرار تسمية الدكتور علي محمد مجور رئيسا لمجلس الوزراء لم يكن مفاجئا للشارع اليمني ذلك أن الرجل كان مرشحا للمنصب ذاته منذ نحو شهرين عندما كشف اسمه الموقع الالكتروني للحزب الحاكم، إلا أن ظروفا تتعلق بالوضع الصحي لرئيس الحكومة السابق وكذلك حالته النفسية المتدهورة جراء الحملات الصحفية التي شنتها ضده صحف مقربة من شخصيات نافذة رغم تحليه الدائم بالسمع والطاعة ووقوفه باستماتة ضد الدعوات المطالبة بتغيير النظام الرئاسي إلى نظام برلماني، أضف إلى ذلك تجدد المواجهات المسلحة بين الجيش والحوثيين في محافظة صعدة كل ذلك ربما يكون وراء تأخر صدور هذا القرار الذي تم التمهيد له بتكليف باجمال بإدارة دفة الحوار السياسي بين حزبه الحاكم وأحزاب اللقاء المشترك تكتل المعارضة الرئيسي للخروج بالبلاد من حالة الاحتقان السياسي المزمن.
عدد من المتابعين للشأن اليمني يرى أن قرار إقالة باجمال أو الإطاحة به وتعيين مجور بدلا عنه يأتي استجابة لضغوطات خارجية من بينها الدول المانحة التي تشترط لتقديم مساعداتها حدوث تقدم كبير ملموس في وتيرة الإصلاحات السياسية والاقتصادية وكذلك رغبة دول مجلس التعاون الخليجي التي لا ترتبط مع باجمال بعلاقات ودية بسبب مواقفه وتصريحاته التي تضع الشوك في طريق التقارب اليمني الخليجي، وهذا الطرح ربما يكون صحيحا خاصة مع اقتراب موعد انعقاد المؤتمر الخليجي لاستكشاف الفرص الاستثمارية في اليمن والذي سينعقد في الأيام القليلة المقبلة في العاصمة صنعاء بمشاركة مئات الشركات ورجال المال والأعمال الخليجيين.
ردود الفعل الأولية والتعليقات الصادرة من الأحزاب اليمنية المعارضة والشخصيات السياسية والاقتصادية المحلية بدت متناقضة حيال هذا التطور فالبعض يرى أن تكليف شخصية أكاديمية تحمل شهادة الدكتوراه من الجامعات الفرنسية وتتمتع بسمعة طيبة مقوماتها النزاهة واليد النظيفة والانضباط يعد خطوة صحيحة في طريق الاصلاح الاقتصادي ومحاربة الفساد خاصة في ظل تردي الأوضاع المعيشية للمواطن اليمني بسبب السياسات الاقتصادية الخاطئة واستشراء الفساد في كل مفاصل الدولة اليمنية، إلا أن البعض الآخر يرى أن تغيير الشخصيات ولو كانت تتصف بصفات الخضر وذي القرنين لا يجدي نفعا إذا لم تتغير السياسات والاستراتيجيات التي ثبت فشلها وإذا لم يتم وضع حد لتدخلات النافذين والمتنفذين في المراكز العليا لصنع القرار والبطانة المحيطة بهم والتي تتسبب دائما في خلق بيئات عمل مربكة وغير نظيفة تجعل أصحاب النزاهة واليد النظيفة يرفضون المهام الموكلة إليهم خوفا من الفشل المحقق ومضاعفة معاناة السكان كما فعل رئيس الوزراء الأسبق فرج بن غانم.
المصدر:الشرق القطرية