;

لا نية لدى إدارة بوش للانسحاب من العراق 916

2007-04-11 22:39:24

جلال بوشعيب فرحي - كاتب مغربي #

لم يتردد الرئيس بوش لحظة واحدة عن إعلان ارتياحه لفشل التصويت في مجلس الشيوخ الأميركي على مشروع القرار الذي يدعو إلى سحب معظم القوات الأميركية المتواجدة في العراق بحلول مارس 2008م، هذا الفشل خفف على إدارة بوش العبء ورفع عنها الحرج، وبالتالي تأكدت من أن مهمتها في العراق مازالت قائمة، وأن حلمها بحماية أمنها القومي مازال قائماً. الديمقراطيون بدورهم يتحينون أي فرصة تتاح لهم لإحباط مشروع بوش في العراق. ولكن الهدف الحقيقي للديمقراطيين ليس الخوف على مصلحة العراق، بل إنهم يستعدون لخوض غمار السباق على الرئاسة.

 وما يقومون به الآن ما هو سوى مناورات سياسية لإضعاف الحزب الجمهوري. بوش يحاول إقناع الشعب الأميركي بأن مهمته في العراق مهمة عظيمة ويربطها بالأهداف الدينية حتى يكسب التأييد، وأن أي انسحاب من العراق هو خيانة للوطن الأميركي وخيانة لتلك القوات المنتشرة في العراق، كما يتحجج بأن رحيل الجنود الأميركيين من العراق سيؤدي إلى زيادة ما يسميهم بالمتطرفين الإسلاميين الذي يسعون إلى مهاجمة الأراضي الأميركية، على غرار ما حصل في هجمات الحادي عشر من سبتمبر، فبوش يردد المقولة ذاتها التي قالها عندما قرر مهاجمة أفغانستان والعراق، وهي أنه يسعى للدفاع عن الأمن القومي الأميركي المهدد من قبل المتشددين الإسلاميين على حد تعبيره. لكن هذا القول لم يعد ينطوي على أحد حتى على المواطن الأميركي، فالدراسات الأميركية تؤكد بأن الأمن القومي الأميركي أصبح أكثر تهديداً. كما أن الأهداف الأميركية لم تتحقق سواء في العراق أو في أفغانستان، إن بوش يحاول إقناع الشعب الأميركي بأنه إذا خرج من العراق فإن الإرهابيين سيلحقون به إلى الولايات المتحدة، وهنا يشعر المتابع لسير المشروع الأميركي بأنه قائم على منهجية دينية، فالدافع الحقيقي وراء ضرب العراق وأفغانستان ليس محاربة الإرهاب، بل إن الهدف الحقيقي هو تطبيق التعاليم الدينية الصليبية ، والسياسة الأميركية تستند إلى مرجعية دينية صليبية متواطئة مع المشروع الصهيوني الذي يستهدف بناء إسرائيل الكبرى على حساب الدول العربية، ويعتبر بوش نفسه هو الشخص القادر على تطبيق هذه التعاليم ونشر الديمقراطية الأميركية في العالم بكل الوسائل الشرعية أو غير الشرعية. ولا أدل على ذلك من أن الحرب على العراق كانت بدون تفويض من الأمم المتحدة. بوش يدافع عن سياسته بكل ما أوتي من قوة سواء في الداخل الأميركي أو أمام المجتمع الدولي، ويعتبر أن ما يقوم به يخدم مصلحة أميركا ويؤدي إلى الأمن والسلم الدوليين، ويعتبر أن كل من يتحرك ضد سياسته لا يريد الخير لأميركا والعالم بل ويعتبر تحرك الديمقراطيين تعدياً على حق الرئيس الدستوري باعتباره قائداً للقوات المسلحة الأميركية، وهو مخطئ بلا شك فالأمن والسلم العالميان أصبحا أكثر تدهوراً بعد حربي العراق وأفغانستان، والإرهاب ما زال يتوسع وينتشر، بل إن العراق تحول إلى ساحة لتفريخ الجماعات الإرهابية، وقد تنتقل العدوى إلى الدول المجاورة للعراق، خاصة إذا أقدمت الولايات المتحدة على توجيه ضربة عسكرية لإيران. لقد فشلت السياسة الأميركية في قيادة العالم نحو السلم والأمن المنشودين، كما فشلت في تحقيق أهدافها في الشرق الأوسط، وما يجري الآن ما هو سوى تخبط وركض وراء سراب مشروع الشرق الأوسط الجديد، لقد فشل المخطط الأميركي الذي يسعى لبناء درع واق لحماية مصالح الولايات المتحدة، نعم لقد نجح بوش في إسقاط نظام صدام حسين، لكنه فشل في كسب مصداقية العالم، فأين أسلحة الدمار الشامل التي كانت حجة ضرب العراق؟ لقد دخلت الولايات المتحدة نفقاً مظلماً في الشرق الأوسط ولم تعد تعلم متى سيظهر نور نهاية النفق. إن السياسة الأميركية تحاول تشبيه سقوط بغداد والنصر الوهمي في العراق بسقوط جدار برلين وعودة الديمقراطية إلى شرق أوروبا، ولكن الحقيقة المؤلمة هي أن بغداد سقطت ولكن في يد المقاومين والجماعات الإرهابية الذين يقتلون يومياً عشرات العراقيين الأبرياء. إن الوضع المأساوي في الشرق الأوسط سيجبر ، لا محالة ، صناع القرار السياسي في الولايات المتحدة على إعادة النظر في سياستهم في المنطقة، وإذا كانت تلك السياسة قامت على مبدأ الاستقرار السياسي كأولوية أولى للاستراتيجية أوالمخطط البعيد المدى، فإنه اصطدم بهدم القيم والأخلاقيات الإنسانية، والدليل على ذلك الصور التي تملأ الشاشات لأشلاء الأطفال والنساء والشيوخ سواء في العراق أو في فلسطين أو في لبنان، ليس هذا فقط بل إن الاقتصاد العالمي في تراجع مستمر بسبب تلك السياسات البائسة القائمة على القوة والقمع.

لقد أدرك صناع القرار السياسي في الولايات المتحدة بأن سياسة بلادهم الحالية لن تؤدي بهم إلى بناء الدرع الواقي في الشرق الأوسط، وإذا كانوا يدافعون عن مصالحهم ويخشون المارد الصيني كقوة اقتصادية هائلة قادمة، فإنهم يضحون بالقيم الإنسانية في سبيل تحقيق أهدافهم بغض النظر عن مصالح الآخرين، وإذا كانت الولايات المتحدة الأميركية تخرق مبادئ الديمقراطية، فلماذا تتهم العرب والمسلمين بعدم تطبيقهم للديمقراطية؟ فالأولى بهم هم أن يطبقوا مبادئ الديمقراطية التي ينشدونها. ويبدو أن الإدارة الحالية لا تنوي تغيير سياستها في العالم ولا تريد الاقتناع بأن مخططاتها تسير بها نحو السقوط. فأميركا ما زالت تحلم بنشر الديمقراطية كحل لحماية مصلحتها القومية، فمتى تستيقظ من حلمها ؟




#مقيم بالمملكة العربية السعودية

jalalfarhi@yahoo.com

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد ناصر حميدان

2025-01-18 00:17:31

وطن يصارع الضياع

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد