محمد طاهر أنعم
لغة اخرى سيسمعها المدرسون اليوم، غير اللغة التي اعتادوا سماعها في الاعلام الرسمي والحزبي الموالي والمعارض والذي يحاول ان يكسب ودهم من اجل مصالح انتخابية خاصة وانهم يمثلون شريحة انتخابية واسعة ومؤثرة، وهذا من مضار الصحافة الحزبية غير المستقلة، والتي تملي مواقفها مصالح ضيقة.
اللغة السائدة هي إلقاء اللوم دائما على الجهات الرسمية، وقلة الراتب، وانعدام الاشراف التربوي الفعال على المدارس، وغيرها من امور عامة، تحوي جزءاً من المشكلة وتغفل الجزء الاكبر والاهم في الموضوع وهو مشاكل المدرسين انفسهم وتقصيرهم الواضح، والذي هو السبب الرئىس لضعف الواقع التعليمي في بلادنا.
ولنتأمل في مجموعة من مشاكل المدرسين حتى نرى الواقع كما هو لا كما يريدنا من يسمون انفسهم التربويين ان نراه:
1- سوء الاخلاق والتعامل مع الطلبة والزملاء: كثير من مشاكل المدرسين وتقصيرهم يعود للآفة الكبرى التي يرزح اليمن تحتها وهي آفة القات، حيث يقضي كثير منهم سهرات طويلة مع القات إلى اوقات متأخرة من الليل، وان كان هذا الامر مفهوما ان حصل من الفئات الامية وغير المتعلمة في اليمن، فانه يكون غريبا من شريحة متعلمة كالمدرسين، ويتفرع عن هذه المشكلة ان عامة اولئك المدرسين يأتون للمدرسة في اليوم التالي وهم غير مكتفين من النوم، حيث تكون اعصابهم متشنجة، ولا يحتملون خطأ أو تقصيرا من احدٍ زميلاً كان أو طالبا، فترى اكثر المدرسين- من هذه الفئة- كثير السب للطلاب، كثير الضرب لهم وخاصة الصغار منهم، بسبب وبدون سبب، وربما استخدم الفاظا لا تليق به كمدرس محترم، وتكثر الشكاوى من الطلبة واولياء امورهم من مدرسين لا تختلف اخلاقهم كثيرا عن اخلاق بعض ابناء الشوارع.
2- عدم تطوير المدرسين لانفسهم: أكثر المنتمين إلى هذه الشريحة استمرأوا الوضع العلمي الذي وصلوا اليه عند تخرجهم من المعاهد العالية والجامعات، ولا نجدهم يسعون إلى تطوير انفسهم علمياً ومعرفيًا، بل اننا صرنا نشاهد بعض المدرسين لا يكاد يصدق الواحد منا انهم من العاملين في هذا السلك التربوي والتعليمي، لما نجده من سطحية ثقافية، وعدم معرفة واطلاع على مستجدات المعرفة والعلم الذي يتخصص فيه كل واحد من افراد تلك الشريحة، ورغم ان هذا الامر غالب في اكثر من نعرفه من شريحة المدرسين، إلا اننا نعرف نماذج مختلفة عن هذا التوجه تحاول تطوير نفسها بجهود مشكورة ملموسة، ولكن النادر لا حكم له.
ثم ان هناك مشكلة في تأهيل اكثر المدرسين، حيث ان بعضهم ليس خريجا جامعيا اصلا، بل استفاد من الوضع الفوضوي في بلادنا قبل عشرين سنة وحولها، فعمل في السلك التعليمي وهو يحمل شهادة ثانوية، وهي شهادة لا تؤهله ليكون معلما ومربيا بتاتا، كما ان البعض منهم خريج معاهد معلمين من ذوات السنين الخمس بعد الاعدادية، وهي كذلك معاهد ذات مخرجات ضعيفة مترهلة لا تصلح للعمل في هذا المجال، بل حتى الخريجين الجامعيين نعرف ان كثيرا منهم لم يتخرج إلا باستخدام اساليب ملتوية مشهورة من طرائق الغش إلى الرشوة للدكاترة والمدرسين إلى سرقة البحوث وغيرها من الامور المعروفة المتواترة.
3- مسألة التحضير للدروس: وهذه مشكلة عند كثير من المدرسين في بلادنا حيث لا يكاد اكثرهم يحضر الدروس لليوم التالي، واقصد التحضير العلمي والتهيئة بالقراءة وترتيب الافكار والعناصر، ولا اقصد دفتر التحضير الذي يتمرد عليه اكثر المدرسين لولا متابعة المشرفين.
وأنّى للمدرسين ان يحضروا الدروس واكثرهم يقوم باعمال اخرى في بقية يومهم، فالبعض منهم يدرس في مدارس خاصة، والبعض الآخر يعمل سائقاً، وغيرهم يمارس التجارة والبيع والشراء، وبعضهم يعمل في السمسرة والدلالات، وغيرها من الاعمال التي تستفرغ جهدهم واوقاتهم وافكارهم، ويتعاملون مع التدريس وراتبه كحق شرعي لهم، لا يحق لاحد ان يسائلهم عنه أو يطلب منهم القيام بواجبه بالشكل الأكمل.
ويعلم كثير من المدرسين ان فترة دوامهم المدرسي تقتصر على خمس ساعات فقط بخلاف غيرهم من موظفي الدولة بسبب انه مطلوب من المدرس ان يقوم بتحضير دروسه في المنزل لساعة أو ساعتين يوميا ليتهيأ لليوم التدريسي التالي، ولكن اكثرهم لا يفعل هذا الامر.
وربما تعذر بعض المدرسين بقلة الراتب وعدم كفايته، وهذا عذر غير مقبول، فما دام المدرس التزم بالقيام بواجب معين فعليه ألا يتعذر وان وصل إلى نتيجة عدم امكانية قيامه بهذه الامانة بناء على الوضع المادي، فعليه ان يقدم استقالته ويبحث عن عمل اكثر كرامة ومكانة كما يعتقد، لا ان يخل بالامانة الملقاة على عاتقه بحجج يمليها عليه الشيطان ورفاق السوء.
هذه بعض الملاحظات التي يتداولها كثير من الناس عن شريحة المدرسين في بلادنا والتي هي بالتأكيد جزء من المشكلة التعليمية الكبيرة في بلادنا، نتمنى منهم ومن الجهات المعنية النظر إليها ومحاولة تجاوزها لما فيه المصلحة العامة.