عبدالفتاح البتول
في سياق التصرف على مصير ووضيعة الحوار بين المؤتمر والمشترك يلحظ المراقب-ظاهرياً- على الاقل- رغبة الجميع في الحوار، وهذا هو الاصل فلا اعتقد ان هناك من يرفض الحوار من حيث المبدأ، وقليل اولئك الذين يلغمون طريق الحوار ويضعون المطبات والعوائق عبر التصريحات الاستفزازية والاحاديث البيزنطية، وفي كل الاحوال فقد توقفت هذا الاسبوع عن حالة الحوار في هذه المرحلة وآفاقه ومجالاته والنتائج المتوقعة منه.
وللوقوف على هذه التساؤلات المشروعة تابعت تصريحات قيادات الاحزاب حول المسألة، وقد اعجبني وشد انتباهي تصريحان الاول للاستاذ عبدالقادر باجمال-امين عام المؤتمر الشعبي العام- والذي اكد لصحيفة «الغد» بأن الحوار مع المعارضة متوقف حالياً لأخذ قسط من الراحة استعداداً لاستئنافه في وقت لاحق، والتصريح الثاني للدكتور ياسين سعيد نعمان-امين عام الحزب الاشتراكي- الذي اعلن لصحيفة «أخباراليوم» ان الحوار مع المؤتمر قد توقف إلا انه شدد على اهمية استمراره!!.
ومن خلال النظر في هذين التصريحين ندرك بوضوح ان الجميع متفقون على توقف الحوار، وفي الوقت ذاته يؤكدون على ان التوقف مؤقت وانه في كل الاحوال سوف يستأنف لاحقاً، وان الاهمية والضرورة تقتضي استمراره، ومع اهمية الاستمرار والاستئناف فإن الاكثر اهمية هو الوقوف عند نقاط الحوار وموضوعاته، ووضع جدول لاولويات القضايا وترتيب المجالات، والارتفاع في آفاق وطنية، وتقديم القضايا والمهام المصيرية والمستجدات الآنية والاحداث الجارية، ولا شك ولا ريب ان ما يحدث في صعدة من تمرد وفتنة ينبغي ان يتصدر اي حوار قائم أو قادم، بل ان توسع دائرة الحرب وتمدد الفتنة في مناطق جديدة من محافظة صعدة، كل هذا يتطلب من الجميع- المؤتمر والمشترك- الوقوف بمسؤولية وامانة وطنية وتاريخية، امام هذه القضية والخروج بتصورات موحدة ومتناسقة بهدف انهاء التمرد ووقف نزيف الدم ومعاول الهدم، والتعامل مع ما يحدث باعتباره تمرداً مسلحاً وخروجاً على الدستور والقانون، ومع الاحترام والتقدير لقيادة «المشترك» إلا ان موقف احزابكم حتى الآن ما زال ناقصاً وغير واضح، صحيح ان بيانات المشترك تستنكر اي خروج على الدستور والقانون إلا انها في الوقت ذاته ترفض استخدام القوة لمنع التمرد وقمع الفتنة دون ان تقدم احزاب المشترك اي حلول أو بدائل أو معالجات، والادهى انها تغفل وتتجاهل كل الوسائل السلمية التي استخدمت ولجان الوساطة وسياسة المرونة والتعويضات والترضيات التي قدمت في سبيل حل المشكلة وانهاء الفتنة دون اراقة الدماء، وحتى نكون اكثر وضوحاً وصدقاً فإن الموقف يتطلب من الجميع تقارباً اكثر وتفاهماً اعمق والحوار بكل شفافية ومصداقية ومبدئية بعيداً عن التحسس الحزبي والكيد السياسي والكسب المرحلي، وهذا الأمر لا يخص المشترك فحسب وانما ينسحب على المؤتمر الذي ما زال موقفه- كحزب- وليس كسلطة- من احداث صعدة بحاجة إلى بيان اوضح وتحديد ادق، فالمؤتمر اتجاهات متعددة وتيارات مختلفة، وهذا واقع لا ينكره احد، والمطلوب ضبط التصريحات الرسمية وتحديد المرجعية والموقف الدقيق من هذه القضية، وخاصة ان صحف المؤتمر ووسائل اعلامه لا تعكس الموقف المطلوب من المؤتمر كحزب وطني وجمهوري، ولا تترجم موقفه كحزب حاكم وسلطة مستهدفة من هذا التمرد وهذه الفتنة، انها المصداقية والمسؤولية التي تدفعني لكتابة هذه السطور حيث لم يعد الامر يتحمل المجاملة والسكوت والمداهنة، وفتنة مثل هذه وازمة بهذا الحجم وحرب بهذه المساحة ومواجهات بهذه الكيفية تجعل الساكت عنها شيطاناً اخرس، وتحديد الموقف ليس من الحرب العسكرية والمواجهات الدموية وانما من اساس القضية بصورتها الكلية، وحتى الحسم العسكري لا يعني انتهاء الفتنة والقضاء عليها، فلا بد من ترابط وتكامل الحل العسكري مع الحلول الثقافية والفكرية والسياسية وفي الوقت ذاته تكامل وترابط وتعاون كل الاحزاب والجماعات ومختلف الشرائح والفئات في الشعب اليمني.