حسن الأشموري
صباح الأحد 1/4/2007 قدم رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الجنرال آموس يدلين أمام الاجتماع الأسبوعي للحكومة الإسرائيلية وفي اجتماع أمني مصغر تقرير الحالة الأمنية في الشرق الأوسط في حال هاجمت الولايات المتحدة الأميركية الجمهورية الإيرانية الإسلامية ، كان في التقرير شرحُُ عن وضع كل دولة في الجزيرة العربية ولم تفلت اليمن من التقرير فقد استضافها هذا التقرير المخابراتي بحديث عن دور مؤكد لجهات يمنية في مواجهة أميركا مع إيران، وأشار التقرير إلى أن مجاميع من الموالين لإيران في اليمن قاموا بالتدرب في إيران ويواصلون تدريباتهم للقيام بعمليات عسكرية في حال اشتبكت واشنطن مع طهران.
وذكر التقرير أن إيران وضعت إستراتيجية توسيع المواجهة مع أميركا انطلاقا من نقاط هامة في الجزيرة العربية والخليج وركزت على اليمن حيث أصبح لها موالون ناشطون حسب التقرير ، كما كشف هذا التقرير أن جيش القدس الذي يشرف عليه الحرس الثوري الإيراني يقوم بتدريب يمنيين ومن جنسيات خليجية من طلاب الحوزات العلمية استعدادا للمواجهة حال وقوعها، ولست هنا بصدد تحليل تقرير الاستخبارات الإسرائيلية فتلك وظيفة هذا الذي يسمونه هنا الأمن القومي وما أرنوا إليه هنا هو وضع التساؤل أين الصواب في علاقة إيران القديمة باليمن القديمة والحديثة، ولماذا تريد طهران جرجرتنا إلى معركة ليس لنا فيها ناقة ولا حتى فرخة في مواجهتها مع واشنطن رغم أهمية واشنطن الحتمية لنا، ومن هذه الصورة لا يحتاج الأمر لتتبع إحداثيات صواب العلاقة لإيرانية القديمة والحديثة باليمن القديم والحديث لفهم الخطأ والصواب فيها لسبب وجيز أن لا صواب ظهر في علاقة اليمن بفارس القديمة وإيران الحديثة على كافة أجندة التاريخ القديم والحديث وتلك كانت علاقات فارس بكل الشعوب ليس لخبث في الشخصية الفارسية وإنما لثقافة الاستعلاء التي يقول مؤرخون وعلماء الاجتماع والباحثون في تاريخ الأمم إنها اقترنت بآل فارس ولعل هذا هو السبب الذي دعا رضا شاه إمبراطور إيران بإحلال اسم إيران بدلا من فارس بعد أن أقنعه سفيره في برلين عام 1941م بتغيير الاسم على خلفية معلومة ألمانية تقول إن إيران هي منبع العنصر الآري النقي الذي كان يدعو الأوستريان أو النمساوي الفوهرر أودلف هتلر إليه وقتل الملايين من أجل إعلائه لذلك نشأ التقارب اللفظي وربما السلالي في علم الأجناس فهنا تقارب بين آري وإيراني، وباستعراض لبدايات العلاقات الفارسية أو الإيرانية كلها مع اليمن وعلى مدى ظروف العلاقات اليمنية الإيرانية نكتشف أننا لم نحسن في اليمن تصحيح الخطأ لعقليتنا التسامحية والتصالحية ولم يتبدل الخطأ على مرور القرون لدى الإيرانيين إلى صواب، وقديم الخطأ أصل للخطأ الإيراني الحديث ، ففي اليمن وبالتحديد في صعده يظهر خطأ إيراني جديد حتى لو لم يكن لإيران كما تقول علاقة بتلك الجبال في صعده فالواضح للعيان والعيون أن الإرهابيين الحوثيين يتحركون هنا وهناك بروح ورغبات خاصة بهم وبإيران، وهوى الحوثيين بقتل من يقف أمامهم في صعده لا يدل على هواهم اليماني فالهوى بالأوطان يعرف بسلوك هويات مواطنيه، ولا أدري ما الذي يحدد أن تكون يمنيا في غياب اليمننة لصالح الأجنبة أو في غياب اليمن لصالح الأجانب وكيف فهم هؤلاء الإرهابيون الحوثيون هذه المعادلة، الأمر يحتاج إلى إعادة التفكير في ماهية اليمننة والأجنبة وفي استيعاب كيف أن تكون يمانيا في الهوى والهوية؟ فالأوطان لا تنسجم ولا تركن إلى هوى بدون هوية أو إلى هوية بدون هوى، فقد هوى الإيرانيون القدماء اليمن القديم ليحكموه فالمعطيات لتاريخ علاقة اليمن القديمة بإيران القديمة تشير إلى مقتل الملك الحميري بن ذيزن - الذي حكم أربع سنوات- بيد جنده بإيعاز من سبهباد أو سبهبد فهرز الديلميت لدى المؤرخين الرومان والمعروف لدينا بوهرز الديلمي ليكون سبهباد وهرز أول القادة الأربعة الفرس الذين حكموا اليمن على مدى عقود قليلة، كان آخرهم باذان أو بازان ، ليسجل في هذه الحالة غياب الصواب في علاقات الدول لصالح الخطأ فكسرى أنو شيروان قاباذ أو آنو شرفان كما ينطقه الإيرانيون وهو الملك العشرين للدولة الساسانية الذي حكم بين 531 و579 ميلادي كان قد قرر لمصالح الفرس مساعدة سيفنا ليس لما تقتضيه المروءات السياسية الإنسانية فلا مروءات في السياسة لدعم الضعيف لاسترداد حقه ممن هو أقوى وإنما كان الدعم الأنو شرواني متسترا بالتقية السياسية لضم اليمن إلى فارس وهو ما حدث فبعد أن هزم اليمانيون بالدعم الفارسي الأحباش تحولوا سريعا أي اليمانيون إلى شغيلة وبروليتاريا فلاحين على طريقة المعلم ماو تسي تونغ قبل أن يولد بقرون ودافعوا ضرائب وإتاوات إلى العاصمة الساسانية المدائن، وعجل الثمانمائة الجندي الفارسي الذين قدموا لنصرة زعيمنا التاريخي سيف بنقل اليمن من دولة تبحث عن الاستقلال من الأكسوميين الأحباش لتقع محتلة للفرس ولم يكتفوا بموالاة اليمن للمدائن بل حكموها باسم الساسانيين، ولم يقاوم اليمنيون الاحتلال الجديد لأن الحرب مع الأحباش كانت قد أنهكت قواهم فضلا عن ظهور متغير الإسلام الذي ادخل الناس كل الناس في نفي أفضلية وتفاضل الأعراق والأجناس وواحدية الدين قبل التمذهب، وبعد أكثر من 14 قرنا على الخطأ الإيراني الأول مع اليمانيين وجدت ثورة سبتمبر نفسها وقد لحق بأعدائها الملكيين الإماميين لسبب أو لآخر الشاه محمد رضا بهلوي سليل الغاجار فقدم دعما كبيراً من الأسلحة الخفيفة إلى المتوسطة إلى الثقيلة إلى أجهزة اللاسلكي إلى الإمداد الطبي والتمويني إلى الدعم المالي السخي للملكيين وشارك في دفع مرتبات المرتزقة الذين قادهم بوب دينار الشهير، ، وكانت هذه المساعدات تصل مياشرة عن طريق سفاراته أو عبر محطتي الأردن والمملكة العربية السعودية آنذاك، ولم تتأخر الدبلوماسية الشاهنشاهية في الاتصالات مع واشنطن ولندن محذرة من ثورة سبتمبر وطالبت إيران الشاة في اتصالات تلفونية متكررة ورسائل وموفدين إلى رئيس وزراء بريطانيا حينها ماكميلان وللرئيس الأميركي جون كنيدي ضرورة الإجهاز على ثوار سبتمبر الشيوعية حسب قول البلاط الشاهنشاهي الطاووسي حينها، ولم تتبدل وضعية الخطأ إلى الصواب مع قدوم الخميني والخامنئي فأتت كما أشرت فيما تقدم صعدة الأولى وصعدة الثانية وصعدة الثالثة حالة ثالثة لأخطاء طهران في تلك العلاقات القديمة الجديدة، ورغم مسارعة طهران لإبعاد نفسها عن إرهاب صعدة بدهاء عرف به الإيرانيين، إلا أن وقائع أحداث صعدة وأشخاص صعدة وعشرات المقالات في الصحف الإيرانية بالفارسية وبالعربية وبالإنجليزية لتشويه اليمن وربطه حسب هذه المقالات بإرهاب تنظيم القاعدة الإجرامي يظهر بلا جدال في أنها تمنح إيران اليوم وإن أبت المكانة الإشرافية لإرهاب الحوثيين ، يدعم آرائي هذه تصريحات كبار ولاية الفقيه وعلي أكبر ولايتي القريب من المرشد الأعلى ولا ريجاني الوديع ومتكي وآصفي وثلة أخرى من القادة حول رفضهم المطلق للتدخل في الشأن اليمني و يقصدون بالفعل هنا رفضهم لتدخل الآخرين لا هم ثم يعطفون على قولهم هذا في تدخل علني بإرشاد اليمن في حل مشكلته مع الحوثيين بسياسة من لطمك على خدك الأيمن فادر له الأيسر ولا يمنع أن تنحني له أكراما وزيادة، ويزحف هذا الخطأ الثالث إلى عشرة مليون يورو أو أكثر أقرضتها طهران للتنمية اليمنية عند زيارة خاتمي في 2003 لليمن ليصبح هذا القرض هباء منثورا تحت أقدام خسائر مالية بالغة للخزينة اليمانية تسبب بها أصدقاء إيران في حروب صعدة فخسائرنا هذه تقترب اليوم من المليار دولار وهي بالتأكيد لا شيئ مقابل النفوس الزكية التي تسقط في صعدة ، إذن حافظ الأشقاء في إيران وغيرهم على قواعد اللعبة ليكون اليمن بحلقات زمنية متباعدة ساحة اللعبة وبالمقابل بدا موقفنا اليوم من أخطاء إيران صورة للموقف القديم المتعب المتهالك، بل وقفت اليمن الرسمية مع إيران بحماس في كل طموحاتها النووية ما ظهر منها وما بطن لتكون اليمن الدولة الوحيدة في شبه جزيرة العرب وفي كل العالم العربي من يردد ما يردده أحمدي نجاد حول حق إيران في برنامجهم النووي السلمي، بل ذهبت اليمن أبعد من ذلك فقدمت مقترحا حول أحقية أن تكون إيران عضوا مراقبا في الجامعة العربية حدث ذلك قبل سنتين، لا أعرف بالضبط متى ولكن أسألوا الدكتور القربي، ووضعتنا هذه المواقف اليمنية ذات المراهقة السياسية مجددا على مستوى علاقاتنا بدول الخليج في خانة الشبهة القديمة لنا مع صدام في احتلاله المروع للكويت، لنظيف قلقا جديدا قديما لجيراننا وأهلنا السلالي ولا ينعكس هذا القلق عليهم فقط بل إن اليمانيين قلقون اليوم أكثر من أي وقت مضى من إيران التوسعية والحل للفت الإخوة في طهران لرؤية أخطائهم معنا، ببساطة لا يحتاج لدراسات معمقة في الاستراتيجيات وفقه الأزمات، وإنما أن تقف اليمن أو لنقل بالتحديد أن تقف الدبلوماسية اليمنية المرتبكة والمربكة الآن دون تأخير على مسافة نقدية لا لبس فيها والتعبير بغضب وليس بعتب عن رفض استغبائنا من قبل الأخوة في إيران أو غيرهم وإذا لم يحدد الأخوة الإيرانيون علاقتهم بنا بصواب التصرف السياسي عن قرب وعن بعد وفي الخفاء كما في العلن فقد حسمت وحددت الطبيعة علاقتنا بإيران بالبعد الجغرافي.