;

الرحلة الطويلة إلى بنسلفانيا أفنيو 1268

2007-05-05 16:22:15

حسن الأشموري

بنسلفانيا أفنيو الذي مر عليه طويل العمر رئيسنا المفدى في أكثر من رحلة هو الشارع الذي يقع عليه البيت الأبيض في العاصمة الأميركية ، حيث يسكن وينزل رؤساء أميركا، يمارسون الحكم منه على شعبهم وعلى شعوب أخرى لا تعرف بنسلفانيا أفنيو ولا أين يقع في خارطة واشنطن العاصمة إلا أنهم يلمسون بتأثيرات من يسكنه قرارات إما عاقلة وإما مغامرة غياب العقل، ولأن الشوارع والطرقات بطبيعتها أغلب الأهم للوصول إلى الغايات ، فإن بنسلفانيا أفنيو بوضع بيته الأبيض أثر لا على شوارع دول المجموعات الإنسانية بل على كل مدن العالم العملاقة والخربة أو تلك التي في طور التكون" ولخبط" هذا الشارع كل اتجاهات الطرق الرئيسية والفرعية التي تستخدمها الدول ويستخدمها الأفراد بل وحتى طرق تجار الجنس والمخدرات، وطالما أن هذه الشوارع والطرق لا تتطابق مع البيت الأبيض فإن خطوط سيرها لن تستقيم على حال، والبيت الأبيض الذي يقع عليه البنسلفانيا بناه البيض والزنوج السود في 1792 وصبغه البيض بالأبيض ولا أدري لماذا بالأبيض فهو المبنى الوحيد الشديد البياض في الولايات المتحدة ، ولا يستطيع المنجمون السياسيون رؤية مستقبله من الآن وماذا سيكون عليه لونه عندما يسكنه الرؤساء السود وذلك لأنه حدث حادث لا مفر منه وأن تأخر ت مسيرة السود إلى شارعه البنسلفاني، أما تصميمه فاختير أن يكون على نمط لينيستر هاوس البرلمان الإيرلندي أو الأيرش المتمركز في دبلن حيث الإمبراطورية التي غربت عنها الشمس وقد بني هذا البيت الأبيض على موقع عسكري لجيش الاتحاد الفيدرالي الذي حافظ على وحدة الولايات المتحدة التي أشرت إليها في مقال سابق ، ويقول بعض الأميركيون أن بركات الرب المقصود به هنا المسيح عليه السلام حلت عليه ولذلك أقصوصة حقيقية تقول في أحد أيام نوفمبر 1800 ميلادي عندما انتهت كل تشطيباته وقف ثاني رئيس في تاريخ أميركا جون أدامز كأول رئيس ينزل فيه عند مدخل الباب الرئيسي قبل أن يلج يدعو الرب قائلا أيها الرب أدعو أن تمنح بركاتك لهذا البيت ولكل من يتعاقب على سكناه وامنح الحكمة والأمانة كل من يمارس الحكم تحت سقفه ومن ثم تم نقش هذا الدعاء في لوح وعلق في مدخل صالة المآدب الكبرى للضيوف الذين يستقبلهم البيت الأبيض ولازالت معلقة إلى اليوم ،ولا أعرف مدى تقبل الرب كان لهذا الدعاء أو الصلاة فقد أحرق الإنجليز البيت الأبيض بعد اثنا عشر عاما في حرب خاطفة مع الأميركيين ونتيجة لإحراقه أعيد ترميمه وفي احدى زيارات توني بلير رئيس الوزراء البريطاني للبيت الأبيض في 2003م مازح الرئيس الأميركي جورج بوش قائلا آسف ياصديقي بوش أننا أحرقنا بيتكم الأبيض زمان. . وكأنه تابع يقول أجدادي لم يكونوا يعرفون أن أحفادهم سيحتاجون إليه ، وهذا البيت الذي كان بعيدا عن اليمانيين في مسار الجغرافيا كان قريبا وفاعلا في حركة التاريخ السياسي اليماني والعالمي، ورحلة طويل العمر الرئيس علي عبد الله صالح إلى البيت الأبيض هذه هي الخامسة وبين هذه الرحلة وبدايات تفكير الدبلوماسية اليمانية منذ ثورتي سبتمبر وأكتوبر في الذهاب إلى بنسلفانيا أحداث عاصفة ومهولة يمانيا قطريا وعربيا إقليميا وعالميا في التكتلات ، تغيرت خرائط الحكومات من ملكيات إلى جمهوريات في الغالب ،ومن جمهوريات إلى ملكيات ، كما اختفت دول وتوالدت دول وسقطت دول بالغزو،وتحررت دول بالفوضى إلى الفوضى كما هو العراق ، وتقدمت أخرى، وتقهقرت دول رحل عنها العقل والحظ لتسقط على باب الخروج بوطنها ومن وطنها إلى حيث مرحلة ما قبل الدولة وهي مراحل الطائفيات والقبليات ، تم ذلك دون أن تكون اليمن عن بعد وإن كانت عن قرب في كثير من التحولات المعمقة حاضرة ، لم نكن خارج تلك العواصف من الأحداث بل كنا أحيانا كثيرة في عيون العواصف أو على الأقل في عين عاصفة ما مرت أو توقفت أو داخت وخمدت ، وفيما حدث ويحدث في السياسة الدولية أو القطرية كان للبيت الأبيض قرار الحسم في كل ذلك حتى وإن أدى هذا القرار إلى أن تميد الأرض من تحت الأجساد قبل الأقدام، ولأن البيت الأبيض هو كيان أكبر من الدول والإمبراطوريات فقد غدا ببساطة القوة الشاملة البيضاء والسوداء والأكثر احمرارا في الأرض،وغدا الاقتراب منه حتى وإن كان بالاضطرار لامناص منه ،ألا يردد شيخ مشائخ اليمن عبد الله بن حسين بن ناصر الأحمر أطال الله عمره، ومن نكد الدنيا على المرء أن يرى عدوا ما من صداقته بد، لأنه يعي أن العقود القادمة لن تكون كسابقتها ولن تكون كالسنين التي انسلخت من تاريخنا السياسي حيث لم نكن نأبه لمن يتصدى للمستجدات الدولية حتى اليمنية وإن كان تحركها الجغرافي يمس سياستنا ووضعنا، فقد تركنا ذلك الأمر حينها إما للقاهرة والرياض أو للرياض وموسكو، ولم نتصادم أو نتفق مع فكرة متى نبدأ الرحلة إلى بنسلفانيا أفنيو، فلم يسعى لها السلال ولم يفكر فيها الشعبي قحطان ، وتجاهلها الإرياني عبد الرحمن في حين مقتها سالمين ، وتخيلها العظيمان الحمدي وعلي ناصر، وحسم أمر الرحلة أخيرا علي عبد الله صالح قبل أن يتنبأ أحد أن محور السوفييت وارسو سيطيح بنفسه في أخطر مستجد وقرار تاريخي عصف بكثير من الدول، فالانضباط في القمة الروسية التي كان نصفنا محسوبا عليها قد انهار لصالح الانضباط في الناتو القمة الأميركية التي لم تعرفنا بعد، وتتردد في السماح لنا بمعرفتها حينذاك، لكن علي أي حال بدأت الرحلة الطويلة للرئيس دون استعجال من الثمانينات عبر الإخوة هنت فلعبة الاتجاهات إلى البنسلفانيا تمر بآلاف الطرقات وكلها تنقلك إلى هناك لكن لا يعني أنك ستصل، وكثير من الذين سبقوا إلى بنسلفانيا وصلوا إلى البيت الأبيض الرئاسي لقمع بيوت رئاسية أخرى وللاستقواء على الآخرين فالكوريون الجنوبيون استخدموه لشطرهم الشمالي، واليابانيون والتايوانيون استخدموه للصينيين والفيتناميون الجنوبيون استخدموه للعم هوشي منه ، والشاه استخدمه للسعودية وللعراق ولدول الخليج،والسادات استخدمه للسعودية ولدول الصمود والتصدي، وإسرائيل استخدمته لكل العرب ولمن يزعجها ، والخليج استخدمه لإيران، واستخدمته كل أوروبا لهتلر وللسوفيت، واستخدمته بعض الدول ومنها الهند وجمهوريات البنانا أوالموز في أميركا اللاتينية ودول أفريقيا لتسهيل مرور تأشيرات العمالة والباحثون عن الأكل.


اليمن باختلاف المقارنة استخدمه لتثبيت استقرار اليمانيين لا في ارض أحد وإنما في أرضهم وللمساعدات الأمنية والاقتصادية، واللقاءات العدة التي جمعت صالح ببوش الإبن وبوش الأب وبينهما كلينتون لم تكن لتحدث دون تفكيك الحواجز بين اليمن وأميركا ، فقد أتت كلها على ظهر دبلوماسية نشطة جدا بدأها الإرياني عبد الكريم وباجمال عبد القادر ولن يكون القربي الأخير في هذه الحلقة، ولكن أداة الوصل الأقوى والأنجع والأكمل لهذه الحلقات في ترتيب الدبلوماسية اليمنية مع واشنطن كان هذا "الإبليس الدبلوماسي" عبد الوهاب الحجري، أو كما قال عنه ذات يوم وزير خارجية مصر السابق أحمد ماهر «الواد الخطير» وهذا الوصف هو الذي يعتقده الندين في الشيطنة والتشيطن السياسي الإرياني وباجمال في حديثهم عن الحجري ، فقد أخل الحجري بدبلوماسية الفقراء لأنه جعلها تتساوى في النتائج مع دبلوماسية الأغنياء، فقد كان قريبا جدا من دبلوماسية المحنك الأمير بندر بن سلطان ومن شفافية وزير خارجية قطر حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني في التعامل مع واشنطن، وقد غرق هذا الدبلوماسي في مهنة هندسة طرق الرحلة التي من حين إلى آخر تعود طويل العمر أن يرمي فيها حجراً يتسبب بوقف عربة سيرنا الفقيرة ،وهي تلك التصريحات الناقدة للإدارة الأميركية والتي تتسابق إليها القنوات الإعلامية ، فتقع أميركا بشك المنطق والنطق في نية وسلامة علاقتنا بها، ويسقط الحجري بدوره في خطوط الصدمة بين صنعاء واستفسار واشنطن، وما أن يلبث الخروج منها حتى يقع في صدمة أخرى من بوحمد ، انتقاد جيد للإدارة الأميركية التي هي أصلا إدارة نظيره الرئيس بوش ويقضي الحجري بين صحو وكدمات بوحمد من أجل فلسطين مرات ومن أجل العراق مرات ومن أجل أفغانستان ومن أجل نووي إيران ورغما عن كل كدمات طويل العمر يفتح بوش ذراعية إلى أوسع مدى لاحتضان بوحمد ويقول مبتسما له في مدخل باب المكتب البيضاوي الأربعاء الماضي لم أستطع أن أميزك فخامة الرئيس ويتساءل طويل العمر بدهاء ماذا يقصد فخامة الرئيس بوش بأنه لم يستطع أن يميزني فيوضح فخامته بوش لفخامته بوحمد ، أقصد لقد بدوت شابا «سير» أو لقد بدوت شابا سيدي ، وبالمقابل فبوش الذي يفتح ذراعية لطول العمر تعجب طريقة بوحمد الرياضية في مصافحتة فليس هناك أحد من زعماء العالم يتقنها بدهاء مثله وينظر لها بوش بأريحية كبيرة لطبيعته البسيطة رغم قراراته العنيفة، وبين فتح الذراعين وطريقة المصافحة المميزة للرئيس كان هناك دوما شخصيات أسست على مدى سنين في صنعاء وواشنطن لهذه العلاقة، بالتأكيد أن طويل العمر هو محرك علاقة اليمن بأميركا ولكن ذلك يتم في الأعم عن مسافة، فالفاعلون كثر من الجميلة و الرشيقة والناعمة باربرا بودين إلى الشيخين أدمون هول و توماس تشارلز كراچسكي الذي من هواياته لعبة القولف ولا أدري أين يلعبها في اليمن،وهما شيخان أولا لأنهما أول دبلوماسيين غربيين أقاما علاقات مع شيوخ القبائل وإن كان الشيخ كراجسكي أكثر حكمة من هول لقدومه للمشيخة مما اعتبر أنها أخطاء الشيخ هول وثانيا لأنهما أيضا من مشائخ منظمات المجتمع المدني في اليمن وهي الرديف المدني للمشائخ القبليين، ومن الذين خدموا هذه العلاقة أبن عمومتنا في السامية آدم إيرلي المتحدث السابق باسم وزارة الخارجية الأميركية ويرأس حاليا مسؤول العلاقات العامة في الخارجية وقد عمل في اليمن قبل هذه المناصب فضلا عن كونه مغرم باليمن وغاوي لأكلات السلتة كما أنه كان «مخزناً كبيراً» بالإضافة إلى هؤلاء أخونا العزيز في التجذر نبيل خوري الذي قد يكون أول وزير خارجية من أصول عربية من يدري ، وفي صنعاء كما في واشنطن هناك عسكريون وأسماء أخرى كبيرة ربما تسمح الأيام بذكرها، فقط لكيلا ننسي من يعمل لمصلحتنا من مصلحة خدمة بلده، والمهم أن تكون علاقة صنعاء بواشنطن من أجل الأكل لنا ومن أجل الاستقرار لنا ، ومن أجل الأمن لنا ولهم لكي لا يدمرنا الإرهاب.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد ناصر حميدان

2025-01-18 00:17:31

وطن يصارع الضياع

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد