سيف الإسلام الأهدل
عند الرد على نبيل الصوفي، الصحفي والكاتب، ذي الخلفية الحركية الإسلامية، والمتحول مؤخرا إلى ناقم إسلامي، وهو مصطلح جديد يمكن أن نضيفه للساحة الإعلامية، التي تزدحم بالمصطلحات البراقة في استقبال قوى التحرير الغربية القادمة على الدبابات والطائرات العصرية التي عجز الإسلاميون عن أن يأتوا بمثلها، لأنهم أساسا ليسوا هواة إيقاد حروب مهما قتلوا في جهادهم قصدا أو خطأ أو تأولا!.
عند الرد عليه يجب أن نتذكر الطرفة التي تتردد كثيرا عند الحديث عن طابور الناقمين الإسلاميين، كأمثال نصر طه مصطفى ومحمد ناجي علاو، والتي تشير إلى أن الرئيس علي عبدالله صالح، بعد استقطابه لعبدالملك منصور للتخلي عن التجمع اليمني للإصلاح، شعر بتغير جذري لدى عبدالملك منصور الأمر الذي دفعه لمناصحة الرجل وتذكيره بالقول: أنا طلبت منك التخلي عن الإصلاح وليس عن الإسلام! «وأنا هنا لا أكفر عبدالملك منصور وفقا لرواية كهذه، حتى لا يعتبرها نبيل الصوفي ممسكا ضد خصومه الذين لا يرقب فيهم إلاً ولا ذمة، والذين سألتحق بهم بمقالي هذا في نظر الصوفي»!.
حقيقة لا أعرف عن نبيل الصوفي الشيء الكثير، لكنني اقرأ له في بعض الأحيان، وكتابات الرجل، الذي ينطق في كل العلوم الإسلامية والفكرية والسياسية و. . مع أنه ليس بالباحث المدقق ولا الدارس المحقق، طافحة بالغيض والغل على تيار العلماء والدعاة الذين تمتلئ بهم الساحة اليوم، وتزداد شعبيتهم يوما بعد يوم، والذين لا يتورع الصوفي بتتبع عوراتهم ومحاولة الإثارة عليهم والانتقاص من قدرهم بمناسبة وبدون مناسبة!.
الصوفي غير راض عن الجميع بالمناسبة، لا دولة ولا معارضة ولا شعب ولا صحوة، الرجل معارض من الدرجة الأولى، وشخص من هذا الطراز مريض، مرضا نفسيا، فهو يحمل راية اليأس ويزرع بذور القنوط ولا يرى من المرأى العام إلا السواد. . ! ونفسية بهذا الشكل لا شك أنها غير مؤهلة لتلتف حولها الأمة في وقت الأزمة!.
وهو -فيما يبدو- ينطلق في تعامله مع علماء ودعاة الإصلاح من خلفية خلاف قديم، لكنه على خلاف حديثه - وأمثاله من الكتاب- لا يفرقون بين الخصومة والفجور الذي يتولد عنها عند أهل الضغائن والأحقاد، فالصوفي -بمناسبة وبدون مناسبة- يتخذ من العلماء والدعاة -وعلى رأسهم الشيخ الزنداني وفي مقدمتهم السلفيون خاصة- غرضا للإثارة والتهم والغمز واللمز والسخرية! مناقضا بذلك الشعارات التي تتكرر في عباراتهم ضد الحكومات الظالمة الكاذبة! مطالبة بالعدل والإنصاف وأدب الخلاف والتعددية في الرأي و. . و. . !!.
في حين لو ملك الصوفي -وشاكلته- فلن يكون أحسن حالا من علي عبدالله صالح، فالشللية والنزعة الفردية وروح الغطرسة والأنا المتضخمة المتورمة. . واضحة في هذا التيار، التيار الناقم الإسلامي! والذي يتخذ من خطابه المتسامح ورؤيته الحضارية التي تستوعب الآخر من منطلق لأن تستوعب رجلا خير لك من أن تهديه! لأنه إذا اهتدى كما هو الحال مع هؤلاء العلماء والدعاة سنفقد الحضارة، أما إذا استوعبناه فإننا بذلك نضمن أن ينتج لنا إسلاما تنويريا يرحب بالتكنولوجيا المنقولة برا وبحرا وجوا عبر آلاف القطع العسكرية! ويترك الفلسطينيين ليجاهدوا جهادا وطنيا!.
الصوفي بائس، وبؤسه ينعكس في خبط عشواء كتاباته التي لا تبقي ولا تذر! لا جهاديين ولا سلفيين ولا إخوان ولا معارضة ولا سلطة ولا شعوب مقاومة ولا شعوب محافظة ولا قائمة بآلاف الأسماء والمؤسسات التي يبدو أنها بدأت تدخل قائمة المدرجين في موضوعاته التي تخاطب البيت الأبيض باستحياء وتغازله بطرف خفي!.
ومقاله «الجهاد اليمني في العراق: سلفيون وقبائل ينضمون إلى الجهاديين. . . وعودتهم مشكلة»! في صحيفة الحياة، في 11/4/2007م، خير شاهد. .
فالرجل غير راض عن ظاهرة المجاهدين اليمنيين، وليس عن أخطائهم، والفارق بينهما كبير، لذلك فهو يحذر من الظاهرة ككل، كما في عنوان مقاله ومضمونه! ولم يقنعه أن مئات اليمنيين يلتحقون بالجهاد العراقي من داخل أراضي الجمهورية اليمنية! مما يدل على مدى حب اليمنيين للجهاد وولائهم للأمة وتضحيتهم لنصرة إخوانهم! وعلى العكس من ذلك يقول الصوفي: على أثر إعلان أحد أعضاء ثالث مجموعة يمنية تحاكم لعلاقتها بالعنف المسلح في العراق. . ، إذن مقاومة الاحتلال في نظره عنف مسلح!
ويحاول جاهدا الإشارة للارتباط بين الشباب اليمني وبين الرئيس علي عبدالله صالح، الذي بزعمه استقبل أول طائرة عائدة بمجاهدين من العراق في قاعدة الديلمي! رغم نفي مصدر في مكتب الرئيس لهذه الأكاذيب! لكن كثرة مجالسة الصوفي للاشتراكيين جعله يؤمن بتحليلاتهم السياسية، وقد قيل من جالس جانس!
ثم يعطينا الكاتب والناقم الإسلامي مصطلحا جديدا لتوصيف ظاهرة المجاهدين الذين تركوا أوطانهم لمشاركة إخوانهم شرف الدفاع عن بلاد المسلمين، بحديثه عن التجربة اليمنية مع الجهاد غير الوطني! وكأن الجهاد معلبات صلصة أو منسوجاً محلياً! متحسرا أن اليمن كان بلد تصدير رئيسي للمجاهدين إلى الأراضي الأفغانية، وأنه كان موئلاً لخلايا المتدربين ليس فقط الأفغان اليمنيين بل والأفغان العرب، حسب زعمه!.
وينقل الصوفي عن مصدر قيادي في حزب التجمع اليمني للإصلاح لم يسمه «على العادة إياها»، لأنه شدد على عدم ذكر اسمه -حسب تعبيره، أن الإصلاح حذر الأجهزة الأمنية مبكراً من خلايا المجاهدين العرب، وهذه تهمة ينتظر من الإصلاح نفيها أو تأكيدها، وفي كلا الحالين سيخسر الإصلاح طرفا من معادلاته السياسية: الداخل أو الخارج، ويكون الصوفي سببا من أسباب الشقاء عليه!
الصوفي نصب من نفسه مخبرا في سرد المعلومات، وقاضيا في صياغتها كتهم! ليستنتج ما استنتجه اليساريون، وبخاصة أعضاء الحزب الاشتراكي اليمني منذ ما قبل حرب 1994م، من أن غالبية القيادات الدولية للعنف المسلح باسم الدين، ومنها قيادات في تنظيم القاعدة، مرت على اليمن!
ومؤسف أن الصوفي لم يمكنه التأكد من مصدر رسمي من صحة الحديث عن أن أيمن الظواهري زار اليمن في محاولة للبقاء فيها! وإلا لنال درجة عالية ووساما رفيعا لدى «C. I. A» وعلى أية حال لم يفته ذكر مرجان سالم، الذي تحدثت عنه التقارير الاستخباراتية، ومن ثم فالعهدة عليها، وهي ذاتها الأجهزة التي لا ينفك الصوفي يذمها، كونه كان يقيم في اليمن والتقى أكثر من مرة خليفة أبو مصعب الزرقاوي، ناقلاً مراسلات بينه وبين أيمن الظواهري!
الصوفي في الحقيقة دقيق الملاحظة فغالبية مجموعات القاعدة التي نفذت عمليات في اليمن وخارجها، كان من بين عناصرها يمني على الأقل، وكان لهؤلاء علاقة مباشرة بمجموعات الجهاد الأفغاني! ورجل يستقرئ الأحداث فباستعادة خريطة الجهاد اليمني، بين أفغانستان والعراق، يمكن اكتشاف أنها لم تتغير كثيراً، إلا من حيث دخول مصادر مد بشري جديدة وانكفاء أخرى! وهو يتابع الإحصاءات شبه الرسمية عن المعتقلين! ومناطقهم! وما قاموا به! ويعرف في أي المناطق تراجعت إسهامات المجاهدين فيها! وفي أي المناطق دخلت! وأيها المصدر! كما أنه مطلع على أداة الإنترنت، التي أجمع من تحدثوا إلى الحياة من أقارب يمنيين جاهدوا أو يجاهدون حالياً في العراق، على تسهيلها التواصل بين المجاهدين الجدد والقدامى! لكنه بالطبع لم يحرمها لأن فيها أثماً كبيراً للناس ومنافع للأميركان!
وهو متتبع -من الطراز الأول- «لبعض حالات السفر إلى العراق!» -هكذا دون استحياء! ليكتشف مصدر البارود! جامعة الإيمان الأهلية! والتي تعد بحسب تعبير «نبيل!» واحدة من مناطق ربط المجاهدين الجدد بالقدامى في العراق. . . . من دون أن يعني ذلك طبعاً دوراً لإدارتها في هذه الوظيفة! وحسب زعمه النبيل -أيضا- فإن عدداً كبيراً من الذين وصلوا إلى العراق بدأت رحلتهم من على مقربة من تلك الجامعة! لكن الصوفي لم يكن دقيقا ليحدد لنا-ولو تقديرا- مسافة القرب بالكيلومترات! وفي ظني -وبعض الظن حق- أن الصوفي لم يحمِّل نفسه عناء القياس لأن أهمية الجامعة تكمن في علاقة كثيرين من شخصياتها بالجهاد في أفغانستان! وإضافة إلى أن «15» من أصل «26» وقعوا على بيانات العلماء في شأن الجهاد في العراق هم من جامعة الإيمان! وإضافة إلى الأجواء العامة التي تعيشها الجامعة ككل مؤسسات التعليم والتعبئة الدينية. . ومنها المساجد! بحيث تمثل أرضية متماسكة لترتيب سفرة جهادية تنتهي بحصد مواطنين عراقيين أكثر مما تفعله بقوات التحالف! -يقول نبيل!.
إذن لا قيمة للقرب والبعد! فالجامعة ومؤسسات التعليم والتعبئة الدينية ومنها المساجد تمثل أرضية جهادية تنتهي بحصد مواطنين عراقيين!!!!.
السلفيون. . ،الذين لا يرضى الصوفي عنهم رضاه عن ملاحدة يستأنس بهم ليلا ونهارا، لم يسلموا من غمز الصوفي، لأن شخصيات سلفية تصدرت الدعوات إلى الجهاد، أمثال الشيخ عبدالمجيد الريمي والشيخ مراد القدسي، والشيخ محمد البيضاني.
ولا حتى أبناء أبين، الذين يعدون المخزون الأبرز للجماعات الجهادية التي تتحدث عن أرض الإسلام! حسب تعبير الصوفي كانوا على المشرحة الصحفية! التي لم يسلم منها الأمن السياسي اليمني والجيش اليمني الذي تتجه بعض عناصره إلى العراق! وغير بعيد قبائل مأرب، التي اختطفت سياحاً نمساويين في ديسمبر 2005م للمطالبة بالإفراج عن أبنائهم المعتقلين على خلفية مشاركتهم في القتال في العراق!.
الصوفي أيضا لم ينس أن يذكر العلاقات بين حزب البعث العراقي وعدد من مشايخ القبائل! والتي تعد أحد روافد تصدير المجاهدين إلى العراق! بل لم ينس الخلل المنهجي للدولة اليمنية! التي أفرجت عن أشخاص بعد تأكيدهم تراجعهم عن قناعاتهم بالعنف بخلفية دينية كوسيلة لفرض الآراء وتحقيق المصالح، ولكن عثر على عدد منهم في العراق بعد مدة بسيطة من خروجهم من السجن! دون أن يذكر الخلل، وهو هنا يريد احتجاز الأشخاص على ذمة قناعاتهم وآرائهم، على خلاف اعتراف الأجهزة الأمنية اليمنية بأنها لا تحاور المعتقلين لديها عن العراق بل عن المصالح في اليمن! وبالتالي فإن قضيتها ليس ذهابهم إلى العراق!
لقد دق الصوفي ناقوس الخطر، بقوله: ومع أن اليمن هو الدولة العربية الوحيدة التي أجرت حتى الآن محاكمات لمجموعتين بتهمة السفر إلى العراق، إلا أن هذه المحاكمات كشفت أن الشباب، وبغض النظر إن كانوا سافروا أفراداً أم مجموعات، يعودون شبكات مدربة وأعمارهم تتراوح بين ال«19» وال«35» عاماً! لكنه يدقه لصالح الولايات المتحدة الأميركية! وإلى حين عودة المجاهدين من العراق سيكون الصوفي قد قدم خارطة الجهاديين اليمنيين بالإحداثيات للصواريخ الأميركية الذكية! والتي تقرأ ما بين سطور مقالاته كما قرأتها لكم!
سئلت ذات مرة: هل يطهر جلد الكلب إذا دبغ؟ فقلت: لا، لأن أصل الحيوان نجس! لكنه يمكن أن يجمل!!!.