عزيز بن طارش سعدان - الحلقة الرابعة
قبل أن نتحدث عن ذلك الشباب وأفكاره ونظرياته واعتقاداته في الخلافة الإسلامية بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يرفضون مسألة الشورى في الخلافة ويعتقدون بالوصاية لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وقد أحببت أن اوضح ما قاله امير المؤمنين علي عليه السلام في كتاب له إلى معاوية وأنقله نصياً من الصفحة «342» من كتاب نهج البلاغة للإمام علي رضي الله عنه، قال في ذلك الكتاب «انه بايعني القوم الذين بايعوا ابا بكر وعمر وعثمان على مابايعوهم عليه فلم يكن للشاهد أن يختار ولا للغائب ان يرد وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار فان اجتمعوا على رجل وسموه اماماً كان ذلك لله رضا، فإن خرج عن امرهم خرج بطعن او بدعة ردوه إلى ماخرج منه فان أبى قاتلوه على اتباعه غير سبيل المؤمنين وولاه الله ما تولى» لقد احببت ان اوضح ذلك الكتاب الجليل في جميع مقدمات الحلقات التي نكتبها عن الشباب المؤمن لعل الله يجعل منها هداية لمن اهتدى وقد ذكرت في الحلقة الماضية انني سوف اذكر الآيات القرآنية التي تحدثت عن فضل الصحابة رضي الله عنهم من المهاجرين والانصار وما هي اهم الاحداث التي حدثت قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وابو الصحابة ان يخالفوها خشية عقاب الله قال تعالى «اولئك المؤمنين الصادقين الذين يسعون إلى إرضاء الله سبحانه وتعالى ورضا رسوله ولم يسعوا إلى حب الدنيا وانما يسعون إلى الآخرة والفوز بالجنة»، قال عز وجل في المهاجرين «للفقراء المهاجرين الذين اخرجوا من ديارهم واموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله اولئك هم الصادقون» وقال تعالى في الانصار «والذين تبوأوا الدار والايمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في انفسهم حاجة مما اتوا ويؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون» وقال الله سبحانه وتعالى في رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين «محمد رسول الله والذين معه اشداء على الكفار رحماءبينهم تراهم ركعاً سجدا يبتغون فضلاً من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من اثر السجود ذلك مثلهم في التوراة والانجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى سوقه يعجب الزراع ويغيظ الكفار وعد الله الذين امنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة وأجر عضيم عظيما» فلا يصدق العقل ان يخالف المهاجرين والانصار وغيرهم من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصية قد اوصى بها في خلافة الامة من بعده ولم يخالفوه في انفاذ جيش اسامة بن زيد بل تم انفاذ جيش اسامة بن زيد تنفيذاً لامر رسول الله صلى الله عليه وسلم خشيتهم مخالفة رسول الله عليه الصلاة والسلام لايمانهم الصادق برسول الله صلى الله عليه وسلم وما جاء به وان اي مخالفة للرسول الله صلى الله عليه وسلم هي خروج عن الدين والعقيدة لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى وانما ينطق بما يوحى إليه من رب هذا الكون العظيم ولو كانت هنالك وصية للرسول صلى الله عليه وسلم لنفذت بعد مماته لأن الوصية لاحد ابناء الامة بالخلافة من بعده هي امر الهي لرسوله ولكن الله سبحانه وتعالى لم يبعث محمداً عليه الصلاة والسلام مثبتاً حكماً وراثياً وانما بعثه هادياً ومتمماً لمكارم الاخلاق واخراج الامة من الظلمات إلى النور وتأسيس مبادئ الشورى التي أمر بها صلى الله عليه وسلم لقول الله تعالى «ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعفو عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الامر فاذا عزمت فتوكل على الله ان الله يحب المتوكلين» وامر بها جل شأنه الامة المحمدية لقوله تعالى «والذين استجابوا لربهم واقاموا الصلاة وامرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون» فهذه هي مبادئ الاسلام الشوروية التي لا يمكن ان تستقيم الحياة بدونها والذين يسعون إلى حب الدنيا في توريث الحكم بحجة الوصية فانهم يخالفون ما جاء من الله سبحانه وتعالى وأوامر رسول الله صلى الله عليه وسلم وما نهج عليه الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم ولو كانت هناك وصية لسعى إليها امير المؤمنين علي كرم الله وجهه استجابة لامر رسول الله صلى الله عليه وسلم من اجل ارضاء الخالق جل شأنه وقاتل عليها حتى النصر أو الشهادة لأن ذلك امر من رسول الله صلى الله عليه وسلم وامر من الله فإن تخلى عنها فإن ذلك معناه التخلي عن ما اوصى به رسول الله عليه الصلاة والسلام والتخلي عن ما امر به الله والمعنى معروف لمن يخالف رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن قد كثرت الفرق التي تدعى هنا أو هناك وضلوا عن المبدأ الذي نهجوا عليه الصحابة رضوان الله عليهم وخلفاء الرسول الذين علمهم رسول الرحمة والهداية بكل مبادئ الاسلام السمحاء حسبما يوحى اليه وقد جاؤوا من بعد المهاجرين والانصار رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ونهجوا نهج رسول الله واولئك العظماء وقال الله سبحانه وتعالى فيهم «والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين امنوا ربنا انك رؤوف رحيم» هؤلاء هم المؤمنون الصادقون الذين ذكرهم الله سبحانه وتعالى وفي الحلقة القادمة سوف نتحدث كيف جاءت تلك الحوارات العظيمة والصادقة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في سقيفة بني ساعده.