عبدالفتاح البتول
في حديثه لهذه الصحيفة يؤكد الباحث والمؤرخ الاستاذ علي جار الله الذيب على اهمية كتابة التاريخ بانصاف وحياد ورؤية واضحة ومصداقية وخاصة تاريخ اليمن الذي يحتاج إلى اعادة كتابته واعادة الاعتبار للدور العثماني في اليمن الذي تعرض ويتعرض للاساءة والتشويه من خلال تصوير الوجود العثماني في اليمن كاحتلال وغزو، وكان من ابرز ما لفت نظري في الحوار الذي اجراه الاخ والزميل صادق يحيى الروحاني، الحرارة التي ظهرت في حديث الاستاذ الذيب وهو يتناول سقوط الخلافة العثمانية باعتبار ذلك سقوط آخر كيان سياسي موحد للامة الاسلامية، لقد كانت الخلافة العثمانية رمزاً واحداً ووحيداً للمسلمين، لقد صدق -الذيب- وهو يصف يوم سقوط الخلافة العثمانية بانه يوم مشؤوم يكفي الاتراك- العثمانيين- انهم فتحوا القسطنطينية التي استعصت على المسلمين ثمانية قرون، وهذا ما جعلهم كما يقول العلامة ابو الحسن الندوي :موضع ثقة لقيادة الامة الإسلامية وفي استرداد قوة المسلمين ومكانتهم في العالم، ان الحقد الذي يحمله البعض للدولة العثمانية ليس له تفسير موضوعي سوى الحقد والكراهية لكل شيء، ان الاساءة للوجود العثماني في اليمن وبقية الدول العربية والاسلامية يخدم الصهاينة والصليبيين، لقد وقف العثمانيون امام الغزو الصليبي للعالم العربي والاسلامي، وبحق فقد كانت دولة الخلافة العثمانية النواة الصلبة للامة الاسلامية قرابة اربعة قرون، ولأجل ذلك فإن سقوط هذه الخلافة قد خلف فراغ قوة في قلب الامة الاسلامية، مما سهل للصليبيين والصهاينة ملء هذا الفراغ عسكرياً وثقافياً وسياسياً واقتصادياً وكانت مهمة مصطفى كمال اتاتورك تقويض الاسلام بالغاء الخلافة وفعل ما فعل بتركيا الاسلامية حيث مسخ هويتها الاسلامية، وبعد ان كانت تركيا قائدة العالم الاسلامي وفي مقدمته اصبحت من مؤخرة الركب الاوروبي والكيان الصليبي، وفي هذا المقام اتذكر وتتذكرون معي ما قيل في رثاء الخلافة العثمانية شعراً ونثراً، ومن اروع ما قيل في هذا والاكثر صدقاً ولوعة قصيدة امير الشعراء احمد شوقي التي قالها عندما ارتفع صوت الباكين وظهر جزع الجازعين وذهول الذاهلين، فما كان من احمد شوقي إلا ان يبكي الخلافة في قصيدته الشهيرة والحائية والتي منها:
عادت أغاني العرس رجع نواح
ونعيت بين معالم الأفراح
وكُفنت في ليل الزفاف بثوبه
ودفنت عند تبلج الأصباح
ضجت عليك مآذن ومنابر
وبكت عليك ممالك ونواح
الهند والهة ومصر حزينة
تبكي عليك بمدمع سحاح
والشام تسأل والعراق وفارس
أمحا من الأرض الخلافة ماح
لقد ظهرت بعد سقوط الخلافة العثمانية الدعوات لنظام عالمي جديد، وبرز مصطلح الشرق الاوسط وبدأت الخطوات الفعلية لاقامة الدولة العبرية وتكونت القوتان العظميان الولايات المتحدة الاميركية والاتحاد السوفييتي اللتان كانتا تختلفان في كل شيء ولا تتفقان إلا على العداء والكراهية والكيد للعالم الاسلامي وكل ما هو اسلامي، لقد كانت الحرب بين اميركا والسوفييت باردة بينهما وساخنة وحارة في البلاد العربية والاسلامية، وكانت هذه المنطقة التي تسمى بالشرق الاوسط مسرحاً وميداناً للصراع بين القوتين وكانت هزيمة 67م التي تمر اليوم السادس من يونيو ذكراها الاربعون كانت هزيمة ونكبة في سلسلة الهزائم والنكبات التي دارت من الغاء الخلافة العثمانية وفصل الدين عن الدولة وانتشار الافكار العلمانية والثقافات الشيوعية والليبرالية، وحتى الدعوة لالغاء شرط الاسلام لمن يتولى منصب رئىس الدولة، اننا مهزومون من الداخل وحصوننا وعقيدتنا وبلادنا مهددة من الداخل قبل الخارج ويبقى حصن الاسلام هو الشامخ والدائم «فأما الزبد فيذهب جفاء واما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض».