حسن الأشموري - قطر
كنت قبل فترة أهيم على قدماي في شوارع لندن وتهيم على عيني حركات كل الناس وكل الفضاءات بحيث تزاحم عينيك المنازل والملصقات من كل نوع ويزاحمك بشر كثيرون في هذه المدينة التي تذكرك بزمن تشارلز ديكن وطفله المتشرد أولفر تويست في قصة ديكينز نفسه لولا الأبنية الزجاجية والسيارات والأزياء الحديثة لعادت لندن بك إلى الزمن القديم، وكوني فحل يماني وقعت عيناي على ثلاث شقراوات في هذا الزحام يشبهن عارضات المثيرة فيكتوريا سكرت «بكسر السين والكاف والراء»، اعتقد أن غالبية بشعات وبشعون معا مع الإرهاب في صعدة «عفوا» معا ضد الحرب في صعدة لا يعرفون فيكتوريا ولكنهن يعرفن ويعرفون سكرت الحوثيين وبالعربي يعرفون سر وأسرار الإرهابيين الحوثيين وما يخططونه لليمن واليمانيين، أما الشقراوات الثلاث في لندن اللاتي ينافس شعرهن الأشقر وصفحة وجوههن البرونزية وجه الشمس لحظة الغروب الغائم، فقد كن مشغولات بسجناء لا يعرفنهم في غوانتانامو، يتحركن كأنهن في حلقات زار يتطايرن بخفة راقصات البالي في بحيرة سوان ليك أوبحيرة البجع ونت كراكر أو كسارة الجوز للعبقري تشايكوفسكي، ومن أياديهن تتطاير توزيعا مئات الأوراق على المارة في مداخل ومخارج محطة الملكة فيكتوريا في لندن، اقتربت مني ثالثة الشقراوتين نانسي هكذا قدمت نفسها، اسمي نانسي من ولاية تكساس نناصر معتقلي غوانتانامو كما أني طالبة جامعية هنا، قلت: أها. . من ولاية الرئيس بوش، ردت: لكني لم أصوت له. هذه المرة سألتها: من أين في تكساس؟ وهل تعرف تكساس؟ قلت: نعم، قالت: من نيو بوسطن وزميلتاي اللاتي تقومان بتوزيع الأوراق في تلك الزواية وتلك الزاوية أيضا هما أميركيتان واحدة من أوكلاهوما والأخرى من أركنساس، فاستعرضت عليها عضلات معلوماتي الجغرافية وقلت: إذن تجاورتن هناك «لأن تكساس وأركنساس وأوكلاهوما جارات» وجمعتكن لندن ، نعم هو كذلك. ردت: وأنت هل أنت أميركي من أصل كوبي أو مكسيكي أرجنتيني اكوادوري تشيلي أو أنك فقط درست هناك؟ قلت: للأسف لم أدرس لا هناك ولا هنا أما أصلي فانا يماني ، ابتسمت بشغف وكأنها لقيت شيئا ثمينا فجنح خيالي إلى مراحل إسفاف علاقات الذكورة والأنوثة، وبطيبة وجه مريم العذراء تناسلت أسئلتها ليمانيتي، فكلنا اليمانيون هناك متهمون بالإرهاب ونحن سبب العنف ومخزنه وقبائله بقحطانيينا وبهاشميينا، قالت: هل لك قريب في غوانتانامو؟ قلت: الحمد الله لا ، أو صديق؟ فقلت: وهذه لا، وهل تعرف أحدا من أقرباء هؤلاء المعتقلين على ذمة الإرهاب قلت لا وهل تعرف صديقا له صديق معتقل؟ فقلت: لا أيضا، ولأقطع سيل الأسئلة استدركت وقلت: لكنهم في غوانتانامو وأسرهم في اليمن يهموني وأشعر بالحزن العميق مع أسرهم عليهم انطلاقا من التضامن مع العرق والعنصر اليماني،فواست حزني بحزن أصدق من حزني ، وتابعت تقول: أنا وزميلتاي وآخريات ندافع عن اليمانيين وغيرهم في غوانتانامو ونحن نشعر أن الحرب على الإرهاب الأعمى لا يتم بالإفراط والعنف بل بالقوة العاقلة. ولم أعرف ما عنته بالقوة العاقلة أو العضلات العاقلة ، المهم أن دفاعها عن اليمانيين أحيا في ذاكرتي عشرات الآلاف من الأميركيين رجالاً ونساء يذهبون من حين إلى آخر إلى شارع فورتي سكند ستريت في نيويورك وإلى حديقة المانمنت في واشنطن العاصمة بل وإلى بوابة سجن غوانتانامو يطالبون بإعادة الغوانتاناميين إلى أحضان أمهاتهم وآبائهم وأولادهم وأسرهم ، وبالتوازي مع هذه المواقف النبيلة التي تتجاوز الأحكام المسبقة على المعتقلين في خليج كوبا يأتي معتوه من الإرهابيين الحوثيين وينادي الموت لأميركا الموت لإسرائيل وهو نفس الشعار لتنظيم الظواهري شقيقهم في سحل مخالفيهم أو لحس الأغيار عنهم، ثم يقولون لنا :كل هؤلاء أعداء الإسلام أو أعداء العروبة أو أعداء البيت النبوي والعترة الطاهرة، أو كما يشيع مقتدى الصدر لأتباعه أن الأميركيين الآن يبحثون عن المهدي محمد بن حسن العسكري ليقتلوه، وتكتشف عندما ترتب سلم التفكير الذاتي داخل عقلك أن الإرهابيين الحوثيين والقاعديين هم أعداء الإسلام من الداخل وليست نانسي ومعها أخريات يدافعن عن معتقلين لم يعرفنهم وبالتأكيد لن يتزوجن أحدا منهم وربما لن يلتقين بهم في المكان، لكن دافع القرابة الإنسانية ومناصرة الحق أخرجتهن وأخريات وآخرين إلى الشوارع في العواصم الأوروبية وأميركا في أعمال دفاعية من أجل الإنسان الفرد وليس كما يفعلن بشعات اليمن الدفاع عن حقوق الإنسان فقط للبحث عن المال والصدقات، أما نانسي التي أتبعت استفساراتها بمنحي نسخة من تلك الأوراق بعد أن ضمت تلك الرزمة من الأوراق إلى صدرها الشريف لكي لا تتناثر وتذهب مع الريح فهي عالم قائم من الطيبة التي لا توجد إلا لدى أميركيين مثلما لديهم سيؤون أجلاف ، وأوراق نانسي عبارة عن عرائض تدعو لتكوين رأي عام عالمي يدعو لإغلاق غوانتانامو وإعادة السجناء الذي انخفض عددهم من «700» شخص في 2002م إلى «385» في 2007م منهم «84» يمانيا بعد أن كان عدد اليمانيين تقريبا «108» ونانسي التي تنادي بإنصاف أسرى غوانتانامو بعد خمس سنوات من السجن كانت تتحدث معي بشكل متقطع فما أن تلمح مارا إلا وتلحق به لتصرف له ورقة ولأنها فائقة الجمال وجسمها كان إلى حد غير معقول يشبه الغيتار الإسباني فقد ساعدها ذلك على نفاد أوراقها ، وبينما تطارد نانسي المارة من أجل يمانيين في غوانتانامو انسحبت مشيا لشراء ماء وعصائر لهذه المناضلة الشقراء ولصديقتيها لأدلوا بنصيبي في الدفاع عن المعتقلين كل المعتقلين في غوانتانامو بمن فيهم أكبر جالية أجنبية مسجونة هناك الآن وهم اليمانيون.
وعندما عدت كن المناضلات الشقراوات التي أنجبتهن أميركا التي يسعى الإرهابيون الحوثيون والقاعديون لتدميرها ثانيا وتدميرنا أولا، لا زلن يتحركن بنفس الحماس، لقد مر عليهن ست ساعات ولم يتسرب الملل والكسل لأنهن كن مقتنعات بأن أحفاد الصحابة الذين بيعوا كالخرفان في أفغانستان وباكستان وعلى حدود إيران وفي إيران من قبل مواطني وأجهزة تلك البلدان بحاجة إلى من يدافع عن حقوقهم ، بعد أن غرر بهم بائعوا جهاد آخرين كما يصنع الإرهابيون الحوثيون في بيع الجهاد والقتل في صعدة حبا منهم في قتل يماني ليس منهم أما أصحابهم فإن قتلهم يصل بهم على وجه السرعة إلى الدور العلين في الجنة، وينطلق هؤلاء من أحقية كل شخص في الإفتاء بالجهاد، فقط لأنه يحفظ اية وفي الغالب لم يفهم مقاصدها الشرعية وبجانبها حديث في الغالب لا يفهم مغزاه وعلاقته من دار الحرب أو دار السلم، مع أن نانسي التي نلتقي معها الأسبوع المقبل هي بوضوح السلوك دار سلم.