كتب - المحرر السياسي :
تتجه الاحداث المتغيرة على الساحة المحلية خاصة بعد ان برزت احداث تمرد صعدة لتمثل مرتكزات لانطلاقة التدخلات الخارجية في اليمن والتي وصلت في جرمها حد التحريض على قيام انقلابات مسلحة على النظام السياسي الجمهوري في اليمن.
واذا كانت صعدة المحطة الاولى لتدخل خارجي سافر وقفت وراءه ايران وليبيا فانهما بما قاما به من جرم التدخل في دعم خروج مسلح قد انطلقتا في تحقيقه سعياً لانجاز اهداف وسواء نجحت في تحقيق ما هدفت إليه ايران وليبيا ام لم تنجح فإن الاهم والخطير بأن تدخلهما ذلك سيفتح شهية تدخلات خارجية اخرى، ولا نستبعد ان تكون كلا الدولتين قد وجدتا في تجربة احداث صعدة مرحلة اولى للتدخل السافر في الشأن اليمني ضمن هدف هو اسقاط السكينة العامة وتدمير الوطن ارضاً وانساناً، وبذلك نجد ان اليمن قد اصبح عرضة للمطامع الاقليمية والدولية وان إحداث اي متغير في الخارطة السياسية اليمنية اصبح امراً تهدف قوى اقليمية إلى تحقيقه بما ينسجم مع مطامعها واهدافها في المنطقة ويعزز نفوذها سواء كانت ايران أو اميركا أو اي دولة اوروبية، وفي اطار الفوضى الخلاقة التي تشوب العالم والاستهداف الواضح للوطن العربي فإنه من البديهي ان تتسابق الدول الفاعلة اقليمياً ودولياً في التدخل في شؤوننا العربية وان تكون اليمن احدى محطاتها، واذا كان التسليم بهذا هو البديهي فان الاستسلام لذلك لا يمكن ان يكون بديهياً وان العمل على مواجهة واغلاق كل المنافذ التي يمكن ان تدخل رياح التدخل التآمري الخارجي على الوطن هو الواجب.
واذا كانت احداث صعدة قد لقنتنا مرارة التدخل الخارجي وعرضت اليمن ومكتسباته للخطر ارضاً وانساناً بجميع تشكيلاته السياسية فإنه وبحجم تلك المرارة التي ذقناها من ذلك التدخل السافر لايران يدفعنا ان نعمل على عدم السماح بنسخ احداث صعدة إلى محافظة اخرى مما يعني ان يكون فرضاً علينا التعاطي بمسؤولية وطنية تجاه اي عوامل من شأنها ان تكون منفذاً لتكرار «صعدة» جديدة.
ومن هنا فإن النظر إلى الاوضاع المتشنجة في بعض المحافظات جراء سياسات خاطئة من بعض مسؤوليها التنفيذيين يجب ان يأخذ اولويته من قبل الحكومة، وان تعمل على معالجة حالة التشنج في اوساط تلك المحافظات باعتبار ان ارضية التشنج وارتفاع وتيرتها هي الارض الخصبة التي تسعى القوى التآمرية الاقليمية لغرز جذور تدخلاتها ومن ثم تكييف مسارها في قوالب تنسجم مع مطامعها.
وإزاء ذلك فاننا لن نعتبر ما يحدث الآن في محافظة ابين أو الضالع يمثل بوتقة لتآمر خارجي جديد وتدخل خارجي، لكننا نؤكد بأنه في حالته الراهنة يمثل لدينا خاصية يسهل تغذيتها خارجياً لتتحول إلى شرارة شيطانية تستهدف الوطن، ولكي لا يحدث ذلك فانه وبما تقتضيه المسؤولية الوطنية التعامل مع اسبابها ومن تسبب في احداثها بجدية وحزم ومسائلة جادة لمن يثبت تقصيره من المسؤولين التنفيذيين في تلك المحافظات في اداء واجباته الوطنية في التعاطي مع مقتضيات حياة الناس الخدمية-ليس فقط لكونه قصّر في اداء عمله بل لكونه بذلك الاهمال قد دشن اولى شرارة التآمر على الوطن والنظام السياسي قبل المتآمر نفسه ويكون يقدم باهماله الدعم اللوجستي اللازم لمن يريد ان يتآمر ويظهر شراً لهذا الوطن ارضا وانساناً.
اليمن بما حققته من انجاز عظيم بنهجها الديمقراطي تتسع دائرة ممارسته في الحياة السياسية وادارة البلاد حد الترقب الوشيك لادخال انتخاب المحافظين حيز التنفيذ كانجاز سياسي وديمقراطي عظيم لليمن- يتوجب حجم ذلك الانجاز ان يواكبه انجاز آخر في تفعيل روح القانون ليكون سياجاً حامياً للوطن ووحدته ومنجزاته.