عبدالفتاح البتول
أتفق مع الدكتور احمد الدغشي في معظم ما تناوله في حواره مع صحيفة «أخبار اليوم»، بل واتفق معه في غالب الآراء والافكار والتوجهات، كيف لا نتفق ونحن ننتمي فكرياً إلى مدرسة واحدة، مدرسة الوسطية الاسلامية المعاصرة، والدكتور الدغشي مفكر اسلامي وباحث منهجي وداعية وتربوي كبير ومع كل الاحترام والتقدير لشخصه الكريم وفكره العميق فانني اختلف معه في الشيء القليل واليسير من الآراء والافكار، ومن ذلك الاختلاف المحمود والتنوع المشروع ما ذهب إليه اخي وصديقي د. احمد الدغشي في مستهل الحوار الذي اجرته معه صحيفة «أخبار اليوم» الغراء في عددها رقم «1105» والصادر يوم الاحد 2 جمادي الاول 1428ه الموافق 17 يونيو 2007م عندما قال :يعود الصراع السني - الشيعي الحاصل اليوم في المنطقة بالدرجة الاساس إلى العامل السياسي !! وفي هذه العبارة أو الجملة اصاب د. الدغشي بوصف ما يحدث بانه صراع «سني- شيعي» ولكنه اخطأ عندما ارجع هذا الصراع بالدرجة الاساس إلى العامل السياسي، والصواب حسب اعتقادي ان العامل الاساسي والسبب الرئىسي لهذا الصراع التعيس هو العامل المذهبي والطائفي اولاً ثم يأتي العامل السياسي تالياً، وقد توصلت إلى هذا الاستنتاج والرأي بعد فترة من البحث والاستقراء والمطالعة، وربما يعرف د. احمد وآخرون بانني كنت من دعاة وانصار التقريب بين السنة والشيعة ومن القائلين بأن الاختلاف في الفروع لا الاصول، وان العوامل السياسية هي التي اوجدت الصراعات الطائفية، ومن خلال البحث والتنقيب إلى وبعد جمع الادلة والبراهين توصلت إلى ان الاختلاف في الاصول بل في اصل الاصول، وان حجم ونوع الاختلافات العقدية والمنهجية يستحيل معها التقريب وانما تتطلب المراجعة والتصحيح وقبل ذلك المكاشفة والمصارحة كما فعل المفكر الشيعي الكبير آية الله موسى الموسوي في كتابه الشهير والهام «الشيعة والتصحيح- الصراع بين الشيعة والتشيع» وفي هذا الكتاب وضع الدكتور موسى الموسوي العديد من المقترحات التصحيحية لمذهب الشيعة الاثني عشرية وغربلة الكتب والمصادر وتنقيحها وتهذيبها والتي الفت في عهد الصراع الاول بين السنة والشيعة والتشيع في عهد الدولة الصفوية، فلقد جمعت هذه الكتب من عجائب الامور والاقوال مالا يرتضيه اي عاقل، ومن هذه الامور التركيز على سب الصحابة، والطعن بالخلفاء الراشدين، واللعن لكل من خالف الاثني عشرية، والتكفير الذي يؤدي إلى استحلال الانفس والاموال، وهذا اساس من اساسات الاختلاف وسبب من اسباب الصراع، فالاختلافات العقائدية والمنهجية تتحول إلى خلافات سياسية والخلافات السياسية تؤدي بدورها إلى الصراعات والمواجهات الدموية.
ان مما لا شك فيه ولا ريب ان اهل السنة -جميعاً وبالجملة -عند الشيعة الاثني عشرية كفار تحل منهم الاعراض والدماء والاموال، وهذا ثابت ومتواتر في كتبهم ومصادرهم ولا عبرة في بعض الاقوال التي تقول بخلاف هذا فهذا من باب التقية التي هي من اصول الدين لدى القوم، انهم يكفرون ويلعنون الخليفة الراشد عمر بن الخطاب- عليه السلام- وكما يذكر الباحث الشيعي حسن العلوي في كتابه الذي صدر مؤخراً -عمر والتشيع- فإن العدو الذي يتردد اسمه بكثرة هو عمر. انهم يختلفون في يوم يسمى فرحة الزهرة- انه اليوم الذي قتل فيه عمر بن الخطاب ففرحت الزهراء بمقتله !! ويعقب العلوي قائلاً: ولم نكن نعلم ان الزهراء توفيت قبل عمر بثلاثة عشر عاماً !! وفي مقابل ذلك يقدسون قبر ابي لؤلؤة المجوسي قاتل عمر، وله مرقد عظيم ومزار كبير في مدينة كاشان الايرانية ويسمونه أبا شجاع الدين، ابو لؤلؤة الفارسي الشهيد والمجاهد!!.
ان الخطاب الطائفي المليء بالسب والطعن والاساءة والتجريح في خطاب عاشوراء والغدير، وصيغة الاذان وثقافة القطيعة، وفقه الكراهية والحزن والبكاء، والخيار الكربلائي «كل يوم عاشوراء وكل ارض كربلاء» بالثأرات الحسين لبيك يا حسين، البس جديد والعن يزيد، تحرير الحرمين الشريفين من رجس الوهابيين، تطهير العراق من الصداميين والتكفيريين، انه خطاب مذهبي طائفي يضع الفتنة ويزرع الاحقاد، وبالتالي فإن ما يحدث من صراع سياسي واختلاف حزبي انما هو انعكاس لهذا الخطاب الطائفي الموغل في الحقد والكراهية والقطيعة والمسرف في العنف والخراب والدمار والافساد في الارض. . واما استدلال الدكتور الدغشي ببعض الشخصيات والمواقف فلا يصح كما سنعرف ذلك غداً بمشيئة الله عز وجل.