;

الاستراتيجية الأميركية الجديدة في العراق: ضرب السنة بالشيعة 985

2007-06-18 00:13:02

جلال بوشعيب فرحي *

أثبتت الحرب على العراق عدم جدوى استخدام القوة العسكرية لحل المشاكل السياسية في العالم، فرغم وجود القوات الأميركية وحلفائها بالعراق كل هذه المدة فإنهم فشلوا في تحقيق أهدافهم الاستعمارية في العراق، ماعدا خلق الفوضى والاضطراب، وأصبحوا يلهثون هنا وهناك بحثاً عن حل ربما يخرجهم من هذا المستنقع الذي أدخلوا أنفسهم فيه، ومخطئ من يتصور أن العراق يتحسن أو أن الوضع الأمني بدأ في الاستقرار، لأن العراق تحول بالفعل إلى ساحة لتفريخ الجماعات المسلحة على اختلاف أيديولوجياتها وخلفياتها السياسية ، فبعضها يستخدم العنف كوسيلة للوصول إلى غايته وبعضها ينتظر الفرصة المناسبة لعله يحصل على نصيب من الكعكة العراقية، وبعضها الآخر ينفذ مؤامرات خارجية لتحقيق أهداف سياسية، أما الولايات المتحدة فتسعى للبقاء فترة طويلة بالعراق، وطالما أنها متواجدة في العراق فهذا يعني استمرار مسلسل العنف والقتل والصراع الطائفي.
إن الحرب على العراق خلفت تحولاً سياسياً خطيراً في منطقة الشرق الأوسط الذي أصبح أكثر خطورة من السابق، وأكثر تهديداً للأمن والسلم العالميين، ولعل لنا في حركة فتح الإسلام خير دليل على هذا التحول الخطير في المنطقة، تلك الحركة التي ظهرت بسبب التوتر السياسي بين الحكومة والمعارضة، والأكيد أن العديد من الجماعات المسلحة ستظهر هنا وهناك فالسيناريو أصبح متشابها بين العراق ولبنان، فكلاهما يعانيان من تدهور سياسي خطير قد يؤدي إلى حرب أهلية التي يمكن القول إنها بدأت فعلاً في العراق.
إن الحل الوحيد الذي تبقى أمام الولايات المتحدة لحل معضلة العراق والخروج من مستنقعها هو ضرب السنة بالشيعة ، بل وربما ضرب السنة بالسنة والشيعة بالشيعة، هذا الحل الذي تحدثت عنه الصحف الأميركية سيحول العراق إلى ساحة للدماء بطلاها السنة والشيعة، بمعنى أن المشهد العراقي سيتحول إلى ساحة للصراع بين القاعدة التي يقال أنها لا تفرق في هجماتها بين سني وشيعي من جهة وبين جماعات سنية وشيعية من جهة أخرى، هذه السياسة التي تحاول الإدارة الأمريكية تطبيقها في العراق ستفشل بدون شك، فالعراق بحاجة إلى حل سياسي وليس إلى إشعال فتيل القتال بين الجماعات المسلحة، إن هذه السياسة الفاشلة من حيث المبدأ ستؤدي إلى استفحال الطائفية والتفكك في العراق. وربما قد يكون هدف واشنطن الآن هو توسيع نطاق الحرب الطائفية لتبقى بشكل دائم في العراق.
إن الساسة الأميركيين يعزفون على وتر الطائفية ليس في العراق وحده بل إنهم يحاولون نقلها إلى باقي دول المنطقة، ويحاولون زرعها لتصبح مرضاً عضالاً ينهك الشرق الأوسط معتقدين بأن هذا هو الحل الأمثل لوقف المد الإسلامي على حد تعبير بعض المنظرين الأميركيين، ولكنهم بهذا النهج مخطئون، لأن العراق سيتحول إلى دويلات مقسمة على أساس مذهبي عرقي منقسمة إلى جماعات يصعب السيطرة عليها فيما بعد، ولا أدل على ذلك من المذابح والاقتتال الدائر الآن. إن الحل في العراق هو تشكيل حكومة وطنية تحت اسم العراق وليس بالمذهبية أو العرقية، وهذا لن يتحقق إلا إذا انسحبت القوات الأميركية بشكل كامل من العراق وإعطاء الفرصة للعراقيين لتشكيل حكومة نزيهة وبرلمان عراقي يمثل كافة الطوائف العراقية بالإضافة على مسح مصطلح الشيعة والسنة والأكراد من القاموس العراقي واستبداله بمصطلح عراق موحد متعايش، وترك كل طائفة تمارس طقوسها الدينية بحرية، ويكون من بين أهداف الحكومة تحقيق التعايش بين جميع الطوائف جنباً إلى جنب في أمن وأمان. فلكل عراقي حق العيش على أرض وطنه بغض النظر عن مذهبه، هذا التعايش كان سائداً قبل الاحتلال الأميركي الذي تسبب في تأجيج الصراع المذهبي والعرقي من خلال إعلامه الموجه ومن خلال سياسته الفاشلة في العراق.
إن سياسة دعم المليشيات من قبل الولايات المتحدة تهدف إلى إشعال صراع كبير بين كافة الفصائل الشيعية والسنية ودفعها للاستقلال وتأسيس مناطق حكم ذاتي على أساس طائفي مذهبي وهو ما سيتيح الفرصة للولايات المتحدة لوضع يدها على آبار النفط لفترة طويلة، ليس هذا فقط بل إن الجغرافيا السياسية للمنطقة ستتغير بشكل يظن الأميركيون أنه يخدم مصالحهم، ناهيك عن العدد الكبير من المهجرين بسبب الفوضى وانعدام الأمن والذي قد يصل إلى مئات الآلاف من المغادرين للأراضي العراقية.
إن قدر العراق أن يكون ضحية للمشروع الأميركي المتعثر في المنطقة ، والقلق يساور الجميع في المنطقة خوفاً من انتقال عدوى الطائفية والعرقية والمذهبية إلى باقي دول الشرق الأوسط ، وهو ما بدأ يظهر فعلاً في لبنان، وعلى العرب أن يستيقظوا ويقفوا في وجه المشاريع الأميركية المدمرة للمنطقة، وهي الآن تلوح باستخدام القوة ضد إيران الأمر الذي قد يؤدي إلى اتساع رقعة الفوضى في المنطقة ويدخلها في صراع أبدي قد يأتي على الأخضر واليابس.





* كاتب مغربي

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد ناصر حميدان

2025-01-18 00:17:31

وطن يصارع الضياع

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد