;

رسالة إلى وزير الأوقاف 1142

2007-06-23 23:47:01

كتبها الدكتور/ علي قاسم اليافعي - كاتب وباحث في الدراسات والمذاهب الإسلامية

الحمد لله الذي أخرجنا من حال إلى حال وجعلنا من أهل الإيمان ونسأله أن ينجينا والبلاد والعباد مما تمرُّ به البلاد من المشكلات والمعضلات، آمين اللهم آمين.
وبعد: إلى معالي الشيخ العلامة القاضي حمود الهتار وزير الأوقاف «حفظه الله ورعاه». . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. . الموضوع:-
لقد لفت نظري توجهكم وما منحته وزارة الأوقاف للمساعدة في حلِّ المشكلات الفكرية والطائفية التي تمرُّ بها البلاد في الآونة الأخيرة، ولم يخفَ عليَّ خطابكم الموجه إلى خطباء المساجد في الجمهورية ولاشك أنني لم أطلع اطلاعاً كاملاً على كلِّ ذلك الجانب لعدم مشاركتي فيه، إلا أنه كان من الواضح أن معاليكم قد ربط بين شدة الخطاب الموجه من بعض خطباء المساجد وبين بعض تلك المشكلات التي تجري في البلاد وتعرض البلاد للخطر من تلك الناحية الفكرية الإسلامية المتشددة، أو تلك الحركة التي جعلت البلاد غير آمنة الجانب وتهدر طاقاتها.
وهذا ما لمسته كذلك في خطاب فخامة رئيس الجمهورية علي عبد الله صالح «حفظه الله ورعاه»، وحتى ندرس الوضع من كلِّ جوانبه ونلخصه بعجالة ونجعل الدراسة كاملة شاملة لجانب واحدٍ وجزءٍ مهمٍ «وهو أسباب التشدد في الخطاب الدعوي عند الجماعة والجماعة الأخرى» وربطه بجزءٍ كبيرٍ من مشكلات البلاد السياسية والفكرية، نقول، أولاً: لا شكّ أن بعض ما يجري في الساحة اليمنية من نزاعات فكرية أو سياسية يعصر قلوبنا ألماً وحزناً وندعو الله جلّ في علاه أن يجنب البلاد والعباد ما حلّ بها. . آمين.
ثانياً: لا شكّ أنه إذا أردنا أن نحلّ مشكلة الجانب الفكري المتشدد لا بدّ أن ندرسه بإنصاف وبصدق ولا أَشُكُ أن هذا غير موجود عند معاليكم وتريدونه وأنه لا يخفى عليكم فك معضلته بل الذي جعلني أكتب مثل هذه الدراسة المختصرة هو الإيمان بتكاتف الجهود والإيمان بصدق ما تريدون الوصول إليه.
إلا أنه لا بدّ من حصر الأسباب المهمة التي لا بدّ من حصرها ومعالجتها بما يوافق وجهة نظر الطرف الآخر ولا يرى أن ما يُقدم له مجرد دراسةٍ لا تُقدم إلا وجهة نظر الطرف الواحد ولا تؤخر وتقصي إلا الطرف الآخر في ظل دولة السيادة والقانون وفي زمنٍ ارتقت فيه الأمم بقبول حرية التعبير والمساواة بين كل الأطراف.
وحتى لا نطيل على معاليكم سنحصر تلك المشكلات وحلّها «بهذه الدراسة المختصرة، التي تنبعث من الواقع، ولا يرفضها الطرف الآخر - إن شاء الله -» بالآتي:-
أ - إن ما يجري في الساحة اليمنية من التشدد الفكري ليست أسبابه المشكلات الداخلية وحسب بل إن المشكلات الإقليمية كانت سبباً رئيساً في جنوح الخطاب الفكري الإسلامي إلى الحد الذي وصل إليه اليوم، وهذا لا يخفى على معاليكم.
ب- توجه الدولة في القضايا الإسلامية، والمشكلات الخارجية، كان توجهاً أخوياً جعل الكل ينظر إليه من زاويته ويفسره بما يوافق توجهه ووجهة نظره وما يريده، وهذا يؤخذ بعين الاعتبار.
ج - لا شك أن كلَّ من يفكر أو يدرس الخطاب الإسلامي في اليمن يجد أن كلَّ جماعة تدين بالولاء أولاً للطائفة أو الجماعة أو الحزب ثم الدولة، وهذا له أسبابه، أهمها سببان:-
السبب الأول:الذي يدقق النظر في ماهية الجماعات الإسلامية يجد أن التربية في كل جماعة لم تخضع للتدقيق والتمحيص وهذا يعود لمشكلتين هما:-
1- المشكلات الاقتصادية التي تمر بها البلاد لعلها هي التي جعلت الدولة لا توجه جهداً كافياً في حلِّ المشكلات المادية أو الفكرية عند تلك الجماعة أو تلك أو ذاك الفرد أو ذاك.
2- جهد الجماعات الإسلامية في البناء المؤسسي أو الفكري الواسع أو المحدود شمل كل الجوانب في بناء تلك الجماعة أو تلك وخاصة الجانب المادي، ثم انفرادها فيه جعل لها الأولوية في الولاء عند الأفراد، فمطالبة الدولة الآن لأفراد الجماعات بالخطاب المستقيم مع القانون، غير كافٍ لماذا؟!.
لأن الفراق الواسع بين الدولة والجماعات الإسلامية وبين الجماعة والجماعة جعل ولاء الأفراد يكون للجماعات التي تغذي ذلك الفراق الفكري والمادي عند الأفراد.
السبب الثاني: عدم إيمان الدولة سابقاً بأهمية تلك الجماعات وما تقدمه من خدمات من الناحية المدنية في ناحية البناء المؤسسي وعدم تشجيعها ومراقبتها من الناحية الفكرية في آنٍ واحد جعل الاتجاه في كل جماعة يُقَدم من وجهة نظر الجماعات أو المؤسسات أو الأحزاب وحسب.
د - لا يكفي إيمان الدولة مؤخراً بحلِّ تلك المشكلة أو تلك بمجرد طلب الدولة من تلك الطائفة أو الاتجاه أو الجماعة بتقريب وجهات النظر بين تلك الجماعات الفكرية التي بُنيت أساساتها خلال سنوات وسنوات، ولقد رأى معاليكم البون الشاسع والفرق الهائل في الخطاب الدعوي الذي أريد منه لمّ الشمل وجمع الكلمة، والذي حدث في «محافظة إب» الذي دعي إليه أئمة وخطباء المساجد والذي لم يؤت ثماره ومات في مهده.
ه - لم ولن يكون خطباء المساجد هم الحل الشامل لما يجري في الساحة اليمنية من النزاعات الفكرية وخطرها، ولكن سيكون جزءاً من حلّ المشكل وحسب؛ لأن الخطباء - وهو ما لا يخفى على معاليكم وهو ما أشرنا إليه سابقاً هم -جزءٌ يسير من منظومة جماعات متعددة الاتجاهات والرؤى فلا يكفي حلّ جزء بسيط من مشكلات كثيرة جذورها في أصل بعيد لا تُعدّ وزارة الأوقاف جزءاً منه.
و - إذا أرادت وزارة الأوقاف ممثلة بمعاليكم حلّ مشكلات الخطاب المتشدد المتمثل بخطباء المساجد يجب أن تحل أولاً المشكلات والعقبات المادية التي يعاني منها أئمة وخطباء المساجد الذين هم بالأصل يدينون الولاء للجماعة تلك أو تلك، والتي تموّن وتوفر الدعم المادي والفكري لأولئك الأفراد.
ز - لابدّ أن تتكاتف الجهود ممثلة بجهود الدولة وكل الوزارات المعنية وخاصة وزارة الداخلية ووزارة الأوقاف في حلّ ما يحدث من المشكلات الفكرية الإسلامية بتروٍ وحكمة دون اللجوء إلى العنف ومخاطبة العقل حتى لا تدخل اليمن بنزاعات جديدة هي بالأصل في غنى عنها.
ح - إن ما يحدث في محافظة صعدة ليس جزءاً من الخطاب الإسلامي المتشدد وحسب بل هو ذات أبعاد فكرية عقدية وسياسية فلا يربط في جوهر النزاع الفكري المتشدد الموجود في الساحة.
ط - حتى تحلّ مثل تلك المشكلة «أقصد الموجودة في صعدة» يجب ألا نقحم الجماعات المتنازعة فكرياً في لب الموضوع وكأنها جزء مما حدث وما يحدث في ذلك النزاع، وحتى لا نصنع نزاعات جديدة بين الجماعات أو بين الجماعات والدولة، التي بالأصل لا توجد معها نزاعات بينها وبين الدولة.
ي - إذا أرادت الدولة حلّ المشكلة التي تهدر طاقات البلاد في جبال صعدة- ونسأل الله أن ينجي اليمن منها-فلا بدّ أن تشرك في ذلك رجال الدين الذين لا ينتمون لجماعة أو فكرٍ حتى يقبل بذلك الطرف الآخر ويرضاه.
ك - يجب على الدولة أن تقدم دراسة جديدة شاملة مقنعة لكل الأطراف مدعمة بالحلول التي يرضى فيها الكل دون استثناء إذا أرادت الخروج من المشكلات الفكرية والعقدية المتشددة.
ل - يجب على الدولة أن لا تسمح لأي طرف متشدد ببث أفكاره المتشددة ضد الجماعات الأخرى على مبدأ ذلك الأمر لا يعنيني؛ لأن الدولة تفقد سيادة القانون ولأن ذلك المبدأ لا يضمن عدم تحول ذلك الفكر إلى مشكلة جديدة مع الدولة ولا ينفع بعد ذلك «وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ».
م - تحتاج الدولة الآن وفي المستقبل إلى الخطاب الإسلامي المعتدل الذي ينشر المحبة والوئام والسلام والعدل والتآخي بين الجماعات من خلال من يدعو إلى هذا المبدأ ويؤمن به من العلماء والمفكرين الإسلاميين وغيرهم خلال فترة وقدرها. . . ؟ لا من خلال جمع الجماعات وطرح المفروضات عليها.
ختاماً: أقول لمعاليكم أنا ومن يؤمن بمثل هذا المبدأ مستعدون للعون وتقديم النصح والدراسة أو لمّ الشمل وجمع الكلمة للوزارة أو الدولة أو الجماعات أو الأفراد، والله على ما نقول شهيد ونسأل الله الإخلاص والصدق. . آمين.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد ناصر حميدان

2025-01-18 00:17:31

وطن يصارع الضياع

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد