عبد الفتاح البتول
عند الحديث عن أي مطالب معيشية أو حقوقية أو سياسية أو غير ذلك ينبغي ان يكون حديثاً ومطالب في إطار وطني ووحدوي، واي حديث باسم الجنوب أو شمال الشمال أو شرق أو غرب، فانه حديث مرفوض ومردود على صاحبه وقائله، صحيح ان هناك ازمات واحتقانات وغلاء وفساداً وسوء ادارة وسياسيات خاطئة، هذا صحيح وموجود ولكنه ليس خاصاً بمنطقة ولا بجهة، واذا كان النظام الديمقراطي والتعددي يسمح ويفتح ابواب التعبير بشتى الوسائل والاساليب فينبغي ان يكون هناك سقف وطني لا يصح تجاوزه، ومن ذلك الحديث عن -القضية الجنوبية- ومأساة الجنوب واحتلال الجنوب واذلال الجنوب.. إلى آخر هذه السيمفونية المشروخة البعض اصدر بياناً موقعاً باسم عدد من الشخصيات السياسية والثقافية والوجاهات والاكاديميين الذين استنكروا في بيانهم تعاطي احزاب اللقاء المشترك مع قضية وطنية كبيرة كالقضية الجنوبية بمثل هذا التجاهل، وعاب الموقعون على البيان الحزب الاشتراكي بشكل خاص لقبوله بتمييع هذه القضية والالتفاف عليها!! ان مثل هذا الخطاب يعبر عن نفسية محبطة غير مدركة لعواقب النزعات المناطقية والانفصالية فقد وصل الامر إلى درجة التناقض فالبيان يتحدث عن القضية الجنوبية باعتبارها قضية وطنية كبرى!! فاين الوطنية في الحديث عن القضية الجنوبية، واين الوطنية في توجيه نداء إلى كافة القيادات الجنوبية للقيام بواجبهم الوطني؟! والاكثر غرابة ان البيان اكد على ان القضية الجنوبية يمكن ان تكون مدخلاً جوهرياً لبناء وحدة يمنية قابلة للاستمرار!! انه منطق عجيب وغريب ان يكون الخطاب المناطقي والفكر الانفصالي مدخلاً للوحدة اليمنية والقضية الوطنية، اذا كان الحديث عن تصحيح مسار الوحدة خطأ كبيراً فإن الحديث عن القضية الجنوبية خطأ وخطيئة، فماذا سيكون الحديث عن الغزو الثقافي والاجتماعي الشمالي- للجنوب! اي جنون هذا، انه انكار للوحدة الثقافية والاجتماعية التي تربط بين اليمنيين حتى في مرحلة- التشطير والانقسام- بالله عليكم أليست هذه اللغة واللهجة تسيء للمطالب وتضيع الحقوق وتخلط الامور؟ ان هذا الخطاب المأزوم لا يختلف عن التمرد فكلاهما خروج على الثوابت الوطنية وزعزعة للسلم والامن الاجتماعي، واذا كانت بعض السياسيات خاطئة فهل تكون المعالجات اكثر خطأ، واذا كانت النية والقصد يتجهان نحو التغيير والاصلاح والتصحيح فلا بد ان يكون التغيير ايجابياً ونحو الافضل والاصلاح حقيقياً وجوهرياً والتصحيح عملياً وواقعياً، اما البيانات الساخنة والخطابات الرنانة والشعارات البراقة فانها لا تسمن ولا تغني من جوع «واما الزبد فيذهب جفاء واما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض» ولله الأمر من قبل ومن بعد.