;

الواجبات المحتمات على الراعي تجاه رعيته 2537

2007-07-07 05:19:48

محمد طاهر أنعم

قامت سنة الكون الذي خلقه الله عز وجل على ان يتحمل كل مخلوق مسؤوليته تجاه الآخرين، ففي الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.

فالزوج راع لزوجته ومسؤول عنها والأب راع لأبنائه ومسؤول عنهم، والمدير راع لمؤسسته وموظفيها ومسؤول عنها، والوزير راع عن وزارته وأعمالها ومصروفاتها ومسؤول عنها، وقائد المعسكر راع عن معسكره وضباطه وأفراده ومسؤول عنهم، وحاكم البلاد راع لأهل بلاده ورعيته ومسؤول عنهم.

وقد أعطى الله عز وجل كل راع حقوقا على رعيته مع الطاعة والإلتزام والإحترام، فعلى المرأة ان تطيع زوجها وتوقره وتسمع أمره، وعلى الأبناء ان يحترموا أباهم، وعلى الموظفين ان يحترموا مسؤوليهم المولين بقرار رسمي وعلى الرعية ان تحترم حاكمها وولي امرها وتطيعه وتحفظ هيبته، وكل تلك الطاعة والإحترام واجبة على الأفراد حتى تستقيم الحياة وتمشي على أصول حسنة صحيحة.

وفي نفس الوقت الذي توجد للراعي فيه حقوق فإن عليه واجبات عليه ان يقوم بها وإلا فانه مفرط في ما استرعاه الله إياه ومعرض يوم القيامة لعذاب الله عز وجل وعقابه، لأنه فرط في أعظم واجب قام عليه.

فعلى الوالد ان يهتم بشؤون أبنائه فيسعى في رزقهم وطعامهم وشرابهم، ولا يكتفي بذلك فليسوا حيوانات تأكل وتشرب حتى تموت، بل يهتم كذلك بحسن تربيتهم وتأديبهم وتعليمهم أمور دينهم مثل الصلاة وقراءة القرآن وتعليمهم الأخلاق الحسنة مثل الصدق والأمانة وحب الدين.

وعلى الزوج ان يهتم بأمر زوجته فيطعمها ويسقيها ويكسوها من احسن ما يجد، وعليه كذلك ان يدلها على الخير ويحثها عليه، ويأمرها بالمعروف وينهاها عن المنكر، ويؤدبها ان وجدها وقعت في خطأ ولم ينفع معها الكلام والنصح، وقد يكون ذلك التأديب بالهجر أو الضرب حسب الحالة والخطأ الذي وقعت فيه، ويكون تأديباً من اجل التأديب وليس من اجل التشفي والانتقام.

كما ان على كل من ولاه الله شيئاً من امر المسلمين ان يقوم به من اداء للأمانة، وان يسعى في مصلحة عماله وموظفيه وما ينفعهم في دينهم ودنياهم وان يقوم على شؤون مؤسسته أو معسكره أو مدرسته أو ايا كانت مسؤوليته بما ينفعها ويصلحها ويجعلها في أحسن حال، فهذه هي المسؤولية التي سوف يسأله الله سبحانه وتعالى عنها.

أما الحاكم العام في البلد المسلم فإن اعظم المسؤوليات مسؤولياته واكبر سؤال ينتظر راعيا هو السؤال الذي ينتظره، فهو مسؤول عن كل المواطنين في الدائرة التي يشملها حكمه، والواجبات عليه كبيرة ومتعددة افرد العلماء لها كتبا كاملة، ومؤلفات شاملة في بيانها وتوضيحها، وهي اعظم من ان تتناولها هذه المقالة، ولكن لا بأس من ذكر ابرزها بإشارة بسيطة.

فمن تلك الواجبات المحتمات على ولاة الأمور وحكام المسلمين ان يسعوا لحفظ دين الناس، وهو اعظم الأعمال واوجب المهام على اي حاكم مسلم، فمن حفظ الدين يكتسب الحاكم مشروعيته، ويلزم الناس طاعته، ولا يخلع الحاكم في الإسلام إلا بمخالفته الدين مخالفة جوهرية كما في حديث النبي صلى الله عليه وسلم اسمعوا واطيعوا إلا ان تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان.

وحفظ الدين يكون بأمور كثيرة جدا من اهمها تحكيم الشريعة الإسلامية في كل كبيرة وصغيرة، ورفض ومحاربة كل القوانين والتشريعات التي وضعها البشر وفيها ما يخالف شريعتنا الإسلامية في انظمة الحكم مثل الديمقراطية الغربية، وفي انظمة الاقتصاد مثل البنوك الربوية، وفي انظمة السياسة الخارجية مثل العلاقات الدولية القائمة على المصلحة المجردة من المبادئ الدينية ونصرة المظلوم والقيام مع المسلمين في قضاياهم العامة.

كما ان على الحاكم الراعي في بلاد المسلمين ان يسعى في حفظ معيشة الناس وارزاقهم وما ينفعهم وينفي عنهم الغلاء والإرهاقات التي يصابون بها، ويرفع عنهم المظالم التي يشكتون منها فيحارب التجار المحتكرين الظالمين ويشرع التسعيرات المناسبة والقوانين الملائمة، ويحارب الغش في التجارة والبيع والشراء، ويخفف الضرائب ويلغيها والجمارك وغيرها من امور الدولة، وخاصة في اوقات الفقر والأزمات، كما يخفف كل مستحقات الدولة على المواطنين كمبالغ الفواتير من ماء وكهرباء والضرائب المفروضة على رواتب الموظفين ويرفع مستوى الأجور ولا يقبل املاءات المانحين والمقرضين من الدول الأخرى وديونها الربوية المرهقة للبلاد.

ومن هذا المجال الإهتمام بمسألة الأفراد المساعدين والمعينين في اكبر الوظائف في الوزارات والمعسكرات والإدارات والهيئات فلا يكونون فاسدين ولا يقوم تعيينهم على أساس المحسوبية والمعرفة والمناطقية وانما على اساس الدين والصلاح والوطنية والأولوية.

وكذلك على الحاكم ان يحارب المظاهر السلبية في البلد من رشوة وفساد اخلاقي وعصابات سرقة ونهب وتهديد وقتل وجماعات ولوبيات الفساد في بعض المواقع الحساسة، ويواجه مظاهر الافساد العقائدي وخاصة العلمانية والليبرالية التي تفسد توجهات الناس والتي يدعمها الغرب لاستئصال الاسلام من نفوس ابنائه وعلى الحاكم ألا يمكن لهم ولا يتغاضى عنهم في المناصب الحساسة سياسياً واعلامياً واجتماعياً واداريا، وكذلك الفرق المنحرفة مثل الاثني عشرية وغيرهم، وعليه استئصالهم ليأمن الناس شرورهم، ولا يصح التغاضي عنهم أو التعامل معهم بغباء فيسمح لهم مقابل سكوتهم عن مطالب سياسية ان يستمروا في نشر اباطيلهم العقائدية.

كم ان من واجبات الراعي لرعيته ان يحافظ على امنهم، من ناحية قمع الفاسدين والظالمين والخارجين على الناس فيمنع المشائخ وكبار الضباط والنافذين من ظلم الناس والاستقواء عليهم بأموالهم ومناصبهم وامتيازاتهم كما يمنع السرق والنهابين والعصابات ويأخذ على ايديهم وفي نفس الوقت يفرض للقضاء هيبة وقوة ومكانة، ويجعل القضاء في ايدي النزهاء والصالحين وليس في ايدي من هب ودب، ولا يجعل معاهد القضاء وكلياته مكانا للضغوط السياسية والارضاء الفئوي فيسمح تارة للنساء بدخوله، ويسمح تارة لبعض الناس والجماعات والمذاهب بالاستحواذ على نسب منه من اجل شراء ولائهم وتقريبهم.

وعلى الراعي واجبات كثيرة مهمة، يقوم ولاة امورنا بشيء طيب منها، ويقصرون في شيء آخر وعلى الناصحين الصادقين ان يوجهوهم وينصحوهم لما فيه خيرهم وخير شعوبهم بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة وبعدم الاستقواء بالأجنبي أو الخروج بالسلاح اما المداهنة والتلميع الفارغ الكاذب فلن تأتي بخير ولن يؤدي إلى فلاح في دنيا ولا في آخرة والله المستعان.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد ناصر حميدان

2025-01-18 00:17:31

وطن يصارع الضياع

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد