عبد الفتاح البتول
في إطار التداعيات التي خلفتها حرب صعدة وفي جانبها الفكري والمذهبي فانها قد اخرجت الخلاف السني- الشيعي للسطح وجعلت منه واقعاً معاشاً، واذا كان البعض- رغم كل الدماء والدمار والخراب المادي والمعنوي- ما زال يكابر بوجود تقسيم مذهبي فإن هذا الاعتقاد الخاطئ لا ينفي الواقع ولا ينكر الموجود واذا كان بعض هذا البعض ينطلق من خلال نوايا طيبة ورغبة في توحيد الصف صادقة، إلا ان مثل هذا التعامل لا يحل المشكلة ولا ينهي الفتنة بل ربما يزيدها اشتعالاً واستمراراً.
وباعتقادي ان الاعتراف بالواقع كما هو، ثم التعامل معه بعقلانية ورؤية تصحيحية في إطار ثقافة التنوع وفقه الاختلاف وحرية التعبير والاعتقاد وبما لا يتعارض مع الدستور والقوانين وفي مناخ من الحرية الفكرية والحوارات النقدية والمناظرات العلمية اما المواجهات العسكرية فانها مهما استمرت فسوف تتوقف ولا علاقة لها مباشرة بالخلافات المذهبية بقدر ما هي مواجهات عسكرية بين سلطة وجيش وتمرد ومتمردين، صحيح ان التمرد الحوثي نشأ اساساً بخلفيات فكرية ومذهبية ولكنه في الاخير تمرد عسكري يستهدف الامن والاستقرار ولا بد ان تحسم المسألة وينتهي التمرد، وبانتهاء التمرد العسكري والمسلح تبقى آثاره الجانبية وابعاده الفكرية ومنطلقاته المذهبية على اليمن عموماً وعلى محافظة صعدة خصوصاً، وفي هذا المقام ينبغي تذكير الجميع وخاصة اولئك الذين يدعون لوقف الحرب والمواجهات المسلحة دون النظرلنتائج الحرب وآثار التمرد وخاصة تلك الآثار والنتائج الفكرية والمذهبية التي تتطلب وقفة جادة لمعالجتها ووضع الحلول المناسبة والأسس الواضحة والذين ينظرون إلى القضية من جانبها السياسي وبعدها العسكري يخطئون وهم يهملون الجانب الفكري والبعد المذهبي. لقد افرزت الحرب اصطفافات جديدة وتحالفات غربية وملفات شائكة وثقافة مغلوطة، وكل هذا يتطلب الوضوح والصراحة ووضع النقاط على الحروف ولا يتم ذلك إلا بالمراجعة والمكاشفة والواقعية والشفافية ودراسة الاسباب ومعرفة المسببات وفتح ابواب الحوار الفكري وخروج وبروز كل الافكار والآراء إلى السطح هناك مشكلة وازمة علينا التعامل معها بواقعية وموضوعية، الامر يتطلب اصلاحاً سياسياً وخدمياً واصلاحاً ثقافياً وفكرياً، مثلما هناك اختلافات سياسية وحزبية فهناك اختلافات فكرية ومذهبية، لماذا التحسس من الاختلاف الفكري وهو امر واقع وحاصل نستطيع معه ان نغرس ثقافة التعايش والتسامح في إطار الثوابت الشرعية والوطنية والدستورية؟ وللحديث بقية.