عبد الفتاح البتول
مثيرة هي التجربة التركية ومتشابكة ومعقدة واجمل ما فيها اجراء الانتخابات البرلمانية بتلك السهولة والسلاسة والحرية والنزاهة واجمل ما في هذه النزاهة والشفافية انها اعادة -حزب العدالة- مرة اخرى إلى الحكومة والاستمرار بخدمة الشعب التركي، عودة مظفرة وقوية وحميدة، وفي نفس الوقت رسالة واضحة وعبرة فاضحة للأحزاب العلمانية اليسارية والليبرالية رسالة للحرس القديم من عباد كمال اتاتورك، ان ما حدث يوم أمس في تركيا يعتبر استفتاء شعبياً على إسلامية الدولة التركية الحديثة ورفض وسحق العلمانية والاشتراكية لقد انتصر الاتراك لثقافتهم وانحازوا لهويتهم وعبروا عن تطلعاتهم، حزب اتاتورك العتيق يحصل على 20% مقابل 48% لحزب العدالة والتنمية- الإسلامي- الذي يلتزم -كرهاً- ودستوراً بالعلمانية لقد كان -طيب اردغان- ذكياً وهو يكرر تمسك حزبه- بالعلمانية- اي علمانية لا ادري المهم ان الرجل لا يريد اثارة- الأتاتوركيين اكثر مما هم فيه، انه يتلطف معهم ويجاملهم، حزب اتاتورك يخسر وتتراجع شعبيته لصالح حزب اردغان يتحدى الجيش والعلمانيين وبقايا اليساريين والقوميين وكل من وقف ضد ترشيح- جول- لرئاسة الجمهورية انني اختلف مع الكثير من سياسة حزب العدالة في العديد من القضايا والتوجهات ولكن لا يسعني إلا ان احترم واقدر هذا الحزب الذي زاد من شعبيته وهو في السلطة، وهذه حالة نادرة وفريدة فالاصل ان الاحزاب الحاكمة- في البلاد الديمقراطية - طبعاً اذا ما فازت للمرة الثانية فانها تتراجع في شعبيتها وعدد الاصوات التي تحصل عليها والذي حصل في تركيا ان حكومة حزب العدالة والتنمية استطاع كسب اصوات الناخبين الذين ولا بد انهم اعطوا اصواتهم لمن يخدمهم لا يحكمهم باعتقادي ان ما حدث امس في تركيا هو فوز للديمقراطية الحقيقية وفوز للنزاهة والشفافية وفوز لدور الأحزاب ووظيفتها الجوهرية في تنفيذ برامجها ومواجهة التحديات امامها، سبق لحزب العدالة ان حقق نتائج طيبة ومذهلة في الانتخابات المحلية السابقة وها هو يواصل نجاحاته وعطائه التراكمي في رسالة ودرس ينبغي ان تستفيد منه الاحزاب في بلادنا- الحاكمة والمعارضة- التي تحتاج إلى دورات تدريبية حتى تتمكن من القيام بدورها وتشخيص وضعها ماذا تريد وإلى اين تسير، انظروا كيف واجه حزب العدالة معركة الانتخابات الرئاسية التركية وخرج منها سالماً غانماً ادار المعركة بقدرة فائقة واساليب راقية، ترك- الرئاسة- ونظر نحو تعزيز وجوده في البرلمان وزيادة رصيده- الحقيقي- في الشارع هل يستطيع الحزب الحاكم في بلادنا الاستفادة من تجربة حزب العدالة وكيف كسب هذه الجولة؟ وهل تستطيع احزاب اللقاء المشترك ان تفهم الدرس وتعترف بفشلها في الانتخابات الماضية، انتخابات المحلية والرئاسية في سبتمبر الماضي عندما ركزت وتوجهت بكل ثقلها نحو -الرئاسية- واهملت المحلية فكانت النتيجة خسارتهما معاً تصور لو ان حزب العدالة التركي تشبث بمنصب الرئاسة وتحالف مع بعض الأحزاب اليسارية والقومية كيف كانت نتيجة هذه الانتخابات الناخب ايها الاعزاء يريد ان يختار حزباً محدداً واضحاً لا تكتلاً مشكلاً وملوناً بجيع الالوان، الاحزاب تتحالف وتنسق في الإجراءات والاستعدادات والتوجهات اما في الانتخابات فلا بد من التميز والتفرد والتنافس حتى يظهر كل حزب بحجمه الحقيقي وحضوره الشعبي والجماهيري على كل ما زالت دروس الانتخابات التركية ورسائلها كبيرة ومليئة بالمفاجئات المذهلة والخطوات النوعية.
سقوط الاقنعة إعلان الخارجية القطرية سحب اعضائها من لجنة تنفيذ مبادرة وقف الحرب في صعدة لم يكن مفاجئاً ولا متسرعاً فالإخوة القطريون مع اعضاء اللجنة البرلمانيين اعطوا الحوثيين المهلة بعد الأخرى والفرصة تلو الفرصة رغم ان كل المؤشرات كانت تؤكد وتثبت تعنت المتمردين وانعدام اي رغبة أو جدية في انهاء التمرد ووقف الحرب وسفك الدماء والمشكلة انه ومع وضوح الأمر فما زالت القيادة السياسية والاعلامية للتمرد تمارس الخداع والتضليل والكذب والتدليس انهم يحملون السلطة والحكومة والجيش والقادة وجهات اخرى مسؤولية ما حدث ويحدث وسيحدث في صعدة الكل متهم والجميع مسؤول عن الحرب باستثناء -الحوثيين- وحدهم دعاة سلام وملائكة رحمة، آخر مخترعات وافتراءات القيادة السياسية والاعلامية للتمرد اتهام اللجنة الرئاسية والبرلمانية بمن فيهم القطريين اتهامهم بتوفير الأجواء وعودة المواجهات لقد وجدوا غريماً يحملونه مسؤولية ما يحدث انني في غاية الاعجاب والانبهار بقدرة -الحوثيين- الساسة والقادة الحقيقيين قدرتهم على الخداع والتضليل وتبرير كل ما يقوم به جنودهم وافرادهم المسلحين في ميدان الحرب، قمة الروعة والاثارة وهم يؤكدون ويثبتون براءة المتمردين وحسن نواياهم وسلامة مقصدهم وسلمية وسائلهم وعدالة قضيتهم انها المعركة الحقيقية معركة الأحرار والوطنيين مع العنصريين.