;

الموســــــاد .. ثورة في طرائق تجنيد العملاء 959

2007-07-26 08:09:21

صالح النعامي

- الحلقة الأولى -

من أهم الاستنتاجات التي خلصت إليها لجان التحقيق العسكرية الكثيرة التي شكلها الجيش الإسرائيلي للتعرف على أسباب اخفاقه في تحقيق الأهداف التي حددتها حكومة إيهود أولمرت للحملة العسكرية على حزب الله في اعقاب اختطاف اثنين من جنوده، كانت بلا شك الحاجة إلى زيادة الاستثمار في مجال جمع المعلومات الاستخبارية.

فقد كان واضحاً لهذه اللجان أن هذه الحرب أبرزت العديد من مظاهر القصور في مجال جمع المعلومات الاستخبارية، أدت في النهاية إلى عجز إسرائيل عن حسم المعركة لصالحها، رغم تفوقها بشكل هائل على حزب الله.

فالاستخبارات الإسرائيلية فشلت في التنبؤ بإمكانية أن يقوم حزب الله بأسر الجنديين، كما أنه عندما أعلنت تل أبيب الحرب، تبين أنه لم يكن لدى هذه الاستخبارات معلومات دقيقة عن أمكان تخزين ونصب صواريخ حزب الله، الأمر الذي أتاح للحزب مواصلة إطلاق الصواريخ حتى آخر يوم في الحرب، الأمر الذي أدى لأول مرة إلى نزوح عشرات الآلاف من الإسرائيليين عن مستوطنات الشمال، مما ترك آثاراً مدمرة على المزاج العام للجمهور الإسرائيلي.

وفي ظل الحديث عن نتائج الحرب، شدد العديد من كبار قادة الاستخبارات والمفكرين الإستراتيجيين في إسرائيل على أن المعلومة الاستخبارية تمثل في الحقيقة جزءاً أساسياً من النظرية الأمنية الإسرائيلية.

ويقول رئيس شعبة الاستخبارات الإسرائيلي الأسبق شلومو غازيت أن توفر المعلومات الاستخبارية الدقيقة منحت الجيش الإسرائيلي دائماً القدرة على توجيه ضربات قاصمة وخاطفة للجيوش العربية وحركات المقاومة الفلسطينية، وهذا ما أدى إلى تقليص فترات الحروب مع الدول العربية، الأمر الذي سمح بعودة الحياة الطبيعية إلى مسارها في إسرائيل بسرعة كبيرة. من ناحيته يقول الخبير الأمني الإسرائيلي أمير أورن أن قدرة إسرائيل على الحصول على استخبارات " ممتازة " مكنها من الاحتفاظ بجيش نظامي صغير، بحيث أنه لا يتم استدعاء قوات الاحتياط إلا في حالة تم شن حرب هجومية على الدولة.

ويؤكد أورن أن حقيقة اعتماد الجيش الإسرائيلي على 70% من قواه البشرية على قوات الاحتياط، يعني أن قدرة العرب على إطالة أمد أي حرب سيؤدي إلى نتائج كارثية على إسرائيل؛ من هنا كانت هناك دوماً هناك حاجة ماسة إلى معلومات استخبارية دقيقة عن " العدو العربي ".

ويعتبر الجنرال جادي ايزنكوف، قائد المنطقة الشمالية في جيش الاحتلال أنه من البديهيات، أن غياب معلومات استخبارية نوعية، يعني أنه لا قيمة تذكر للتفوق النوعي الإسرائيلي في المجال العسكري. ويضيف أن سلاح الجو الذي يمثل الذراع الاستراتيجي لإسرائيل في الحرب مع الدول العربية لن يكون لديه ما يفعله أن لم يكن لديه معلومات حول المكان الدقيق للهدف المنوي مهاجمته، كما أن الوحدات المختارة لن يكون بإمكانها التدليل على قوتها ونخبويتها في حال لم تتزود بمعلومات دقيقة حول الأهداف التي تنوي مهاجمتها.

لكن تبدو مساهمة العملاء والمعلومات الاستخبارية واضحة بشكل أكثر وضوحاً في مواجهة حركات المقاومة الفلسطينية. فتؤكد العشرات من الأحكام التي أصدرتها المحاكم الفلسطينية بحق العشرات من العملاء خلال الانتفاضة الحالية أنه بدون المعلومات التي يقدمها العملاء لم يكن بوسع الجيش الإسرائيلي تنفيذ أياً من عمليات الاغتيال والتصفية بحق قادة وعناصر حركات المقاومة، فضلاً عن تنفيذ عمليات الاختطاف والاعتقال التي يتعرض لها المقاومون. وهذا ما أكده جميع قادة جهاز المخابرات الإسرائيلية الداخلية "الشاباك " (الذي يتولى بشكل أساسي مهمة تجنيد وتوظيف العملاء من الفلسطينيين)، الذين تباهوا بقدرتهم على توظيف العملاء في مجال محاربة المقاومة. ويزخر كتاب " القادم لقتلك "، الذي ألفه يعكوف بيري، الرئيس الأسبق لجهاز " الشاباك " - والذي صدر قبل عدة أعوام - بالمعلومات التي تعكس حجم المساهمة الهائل للعملاء في تسهيل عمليات جيش ومخابرات الاحتلال. واللافت للنظر أنه حسب التحقيقات التي أجرتها الأجهزة الأمنية والفصائل الفلسطينية مع العملاء تبين أن بعضهم قاموا شخصيا بتنفيذ عمليات اغتيال أو محاولات لتنفيذ اغتيال ضد نشطاء المقاومة.

بعض العملاء اعترف بدور مباشر في المجهود الحربي لقوات الاحتلال. ففي مؤتمر صحافي عقده جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني في قطاع غزة قبل عام ونصف اعترف أحد العملاء الذين زرعهم جهاز " الشاباك " في صفوف الجناح العسكري لأحدى الفصائل الفلسطينية، أنه كان يقوم بإبطال مفعول العبوات الناسفة التي كانت حركات المقاومة تقوم بزرعها في الشوارع التي تفترض أن قوات الاحتلال ستسلكها لدى اقتحام مدينة " رفح "، جنوب قطاع غزة التي كان يعيش فيها هذا العميل.

بلورة الأهداف الاستخبارية

تواصلت حرب لبنان الثانية في ظل تعبير إسرائيل عن قلقها من إثنين من مظاهر الخطر التي تهدد أمنها الإستراتيجي، وهما المشروع النووي الإيراني، والحركات الجهادية في العالم. في نفس الوقت، فأن إسرائيل لا يمكنها إغفال الاهتمام بالدول العربية ذات التأثير الهام في العالم العربي وتحديداً مصر وسوريا. كما أن الساحة الفلسطينية تشكل تحدياً كبيراً لإسرائيل في أعقاب فوز حركة حماس، وتواصل حركات المقاومة، والحديث المتزايد عن إمكانية شن حملة برية لإعادة احتلال معظم مناطق قطاع غزة. وكل هذه التحديات تمت ترجمتها إلى أهداف استخبارية على النحو الآتي:

أولاً: قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت مؤخراً بوصفه المسؤول المباشر عن الأجهزة الاستخبارية تفويض جهاز الاستخبارات للمهام الخارجية " الموساد " مواجهة الخطر الذي تمثله الحركات الجهادية في جميع أرجاء العالم على إسرائيل، إلى جانب تسليمه ملف البرنامج النووي الإيراني. وكلف الموساد بجمع المعلومات الاستخبارية عن الحركات الجهادية والبرنامج النووي الإيراني والتعاون في ذلك مع وكالة الاستخبارات الأمريكية " السي آي ايه.

ثانياً: تكثيف عمليات جمع المعلومات الاستخبارية عن الدول العربية، وتحديداً عن سوريا ومصر. وأن كان من المفهوم أن تبرر إسرائيل جمع المعلومات الاستخبارية عن سوريا التي هي في حالة حرب معها، فأنه يكون من المثير الاستماع إلى تبريرات الإسرائيليين لجمع المعلومات الاستخبارية عن مصر الذي تربطها بها معاهدة سلام.

فقد اعتبر الجنرال يوسي كابروفسير، الذي كان يشغل منصب رئيس قسم الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية المعروف ب " أمان " أن مصر تمثل " هدفاً استخباراً من الطراز الأول ".

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد ناصر حميدان

2025-01-18 00:17:31

وطن يصارع الضياع

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد