عبد الفتاح البتول
مما لا شك فيه ولا ريب ان ما حدث يوم الخميس الماضي في محافظة عدن يتطلب وقفة متأنية ونظرة منصفة ورؤية موضوعية تتجاوز الأحكام المسبقة والاصطفافات القائمة، ينبغي علينا تجريد القضية مما علق بها من اثار جانبية فهناك مشكلة تحتاج لحلول ومعالجات فلا بد من وضع الأمور في نصابها، قضية المتقاعدين بدون وجه قانوني. المسرحون من اعمالهم، قضية الأراضي قضايا اخرى توضعها في إطارها الصحيح الحقوقي والقانوني، بعيداً عن الاستغلالي السياسي والكيد الحزبي والنفس المناطقي والهوى الانفصالي، باعتقادي ان القضية خرجت عن مسارها وينبغي تصحيح مسار هذه القضية لما فيه مصلحة الوطن، لقد كان الاعتصام والفعاليات التي اقيمت يوم 7/7 الماضي كافية لتسليط الأضواء على القضية بل ان تلك الفعاليات السلمية رغم ما شابها وخالطها من شعارات استفزازية فقد اجبرت ودفعت الحكومة والسلطة للتعامل الجاد والفعلي مع قضية صدرت قرارات جمهورية وتوجيهات رئاسية، ونزلت لجان فاذا كانت المطالب حقوقية مجردة وبعيدة عن الأهواء والأغراض الأخرى فالأصل متابعة المطالب والضغط لأجل تنفيذها في إطار النضال السلمي والإطار الشرعي، حتى تفوتوا استغلال القضية لمآرب واهداف اخرى ومثلما كان هناك مندسون في المظاهرات والفعاليات فهناك مندسون في الحزب الحاكم وفي السلطة يعملون ضد الوطن والمواطن، كما ان في الأحزاب اصحاب اهواء ومصالح، كما ان هناك من يتربص بالجميع من الخارج، اتصور ان هذه القضية تمثل تحدياً ليس للسلطة فحسب وانما لنا جميعاً، هناك حقوق ضائعة ومنهوبة، هناك رقعة فقر تتسع، وغلاء يتوحش ويتغول على السلطة والحكومة وضع حد لهذا الارتفاع المخيف في الاسعار التي قد تكون مفتعلة من هذه الجهة أو تلك علينا ان نقف مع المتقاعدين وكل المظلومين والمهضومين في إطار المواطنة المتساوية، وتحت عنوان الوحدة الوطنية لا أحد ينكر وجود اختلالات وفشل في اداء العديد من المؤسسات الرسمية والوزارات الحكومية، هناك مسؤولون كبار ليسوا اهلاً للثقة ولا عند المسؤولية والأمانة واليمين الدستورية، كما ان هناك من يستغل ويستثمر هذه الاحتقانات والاحداث والسير بها نحو الفتنة والفوضى، الحقيقة أيها الاعزاء ان ربط قضية المتقاعدين وحقوق المواطنين في بعض المحافظات ربط ذلك بالجنوب والقضية الجنوبية امر غير مستساغ ولا مقبول ولا معقول لقد كان الوزير الناجح والمسؤول القدوة عبدالقادر هلال صادقاً وواضحاً وهو يؤكد ان محافظة عدن واهلها الطيبون لا يصلح لهم ولا معهم ولا يناسبهم سوى الحوار والتعامل الحضاري والأسلوب السلمي لقد كان ما حدث يوم الخميس في عدن امر مؤسف وينبغي تجاوزه وعدم السماح بتداعيات له، ومهما تكن الاسباب وبغض النظر عن المسؤول فلا بد من الافراج عن كل المعتقلين على خلفية هذه الأحداث، ومواصلة الحوارات واللقاءات مع اللجان الوزارية التي نزلت بتوجيهات رئاسية، الأوضاع لا تتحمل التوتير وشد الأعصاب واقلام الفتنة واصوات الفوضى والدعوات المناطقية انني مع النضال السلمي والفعل الحضاري للمطالبة بالحقوق على ان يكون هذا النضال واضح في وسائله صريح في اهدافه ومطالبه، وعليه فإن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هل الفعاليات والاعتصامات التي يقوم بها مجلس تنسيق جمعيات المتقاعدين وسيلة ام غاية؟ وهل هذه الفعاليات للمطالبة بالحقوق أم أنها وسيلة للعقوق؟ اننا اذا لم نضع النقاط فوق وتحت الحروف ويعرف كل طرف وشخص وكل حزب وكل مسؤول وكل مواطن حقوقه وواجباته بانصاف وصدق ووطنية اذا لم يكن ذلك فاننا ندفع في اتجاه الفتنة والفوضى ان حل اي مشكلة بإيجاد مشكلات امر غاية في الغرابة والعجب والأغرب والاعجب ان تكون مثل هذه الاحداث مظاهر لصراعات اخرى واهداف كبرى يستفيد منها ويستغلها اصحاب المشاريع الصغيرة، انني لا اخشى على الوحدة ولكن الخشية على الوطن ان من شروط النضال السلمي الحفاظ على المكاسب والمنجزات والمصالح العليا والموازنة بين المصالح والمفاسد وتقديم الموجود على الموعود والحقيق على الموهوم، الوطن يتسع للجميع والأمل والتفاؤل مطلوب من الجميع والحق احق ان يتبع، ان المساس بالوحدة الوطنية وما تحقق من مكاسب تنموية تحت شعارات حقوقية، امر مرفوض شرعاً وعقلاً وقانوناً وعرفاً، ان الذي يغلف مطالب وحقوق المتقاعدين بالقضية الجنوبية والنزعات المناطقية كالذي يستبدل الذي هو خير بالذي هو شر، والغاية لا تبرر الوسيلة، وتحصيل المصلحة الجزئية لا يكون على حساب المصلحة الكلية، وللحديث بقية.