عبد الفتاح البتول
تأتي الاجراءات التي اتخذها الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن في الفترة الأخيرة مؤكدة على ان الموضوع يتجاوز الخلاف على السلطة بين فتح وحماس، او ان هذه الاجراءات الرعناء والتصرفات الحمقاء لرئيس السلطة الفلسطينية رد فعل لما قامت به حماس ضد الأجهزة الأمنية وتحديداً الأمن الوقائي والتيار الخياني، الأمر ابعد واخطر من هذا وذاك، محمود عباس يقوم بتنفيذ توصيات أميركية - صهيونية للقضاء على حركة حماس بصورة نهائية وجذرية وفي اطار الحرب على الارهاب وفق المفهوم الاميركي، وما يحدث للأخوان المسلمين في مصر من اعتقالات ومضايقات ومحاكمات بصورة تعسفية واستفزازية تؤكد استهداف الاسلاميين المعتدلين وفق الأجندة الاميركية، التي تخشى استفادة هؤلاء الاسلامين من الديمقراطية الإنتخابات للوصول إلى السلطة لذلك ينفي اعلان الحرب ضدها وتحقيق منابعها، وهذا ما يحدث في الاردن عبر مضايقة وتحجيم جبهة العمل الاسلامي- التي تمثل الاخوان المسلمين، ولا شك ان حل البرلمان الاردني والدعوة لانتخابات مبكرة تصب وتأتي في هذا الاتجاه، واستهداف الاسلاميين المعتدلين او الاخوان المسلمين في هذه الدول فلسطين ومصر والاردن له علاقة بالكيان الصهيوني والصراع العربي - الاسرائيلي، فمن الشروط والعوامل التي تحفظ امن - الدوله اليهودية بالقضاء على الحركات الاسلامية، وكانت مؤسسة راند الاميركية قد اصدرت في مارس 2007م تقريراً بعنوان - بناء شبكات مسلمة معتدلة - وهذه المؤسسة ترتبط بالسياسة الاميركية وتقاريرها تحدد الأطر الفكرية للمواجهة مع العالم الاسلامي، وفي تقريرها لهذا العام تقدم مؤسسة - راند - توصيات محددة وعملية للحكومة الاميركية، في مواجهة التيار الاسلامي المعاصر، كما يوصى التقرير ان تدعم الادارة الاميركية قيام شبكات وجماعات تمثل التيار العلماني والليبرالي والعصراني في العالم الاسلامي، لكي تتصدى هذه الشبكات والتيارات للتيارات الاسلامية التي يصفها التقرير ويصنفها في إطار - التيارات المتطرفة - ولم يهمل التقرير او يتجاهل تحديد وتعريف مفاهيم الاعتدال والتطرف التي اكد على ان تكون مفاهيم اميركية غربية، وليست مفاهيم اسلامية ولاشرقية، بحيث تحدد الادارة الاميركية مفهوم الاعتدال والتطرف وفق رؤيتها ومصالحها، التقرير الذي صدر في 217 صفحة يؤكد على ان الصراع هو صراع اقطار إضافة إلى الصراع العسكري والأمني، كما يرى التقرير اهمية استعادة تفسير الاسلام من التيارات الاسلامية وتصحيحها حتى تتوافق وتتواكب مع المفاهيم الاميركية، وعلى ان تقوم اميركا بتعريف الاعتدال بحيث يصبح هذا التعريف هو الأداة والوسيلة لتحديد المعتدلين في العالم الاسلامي، على ان تدعم امريكا فقط الافراد والمؤسسات التي تندرج تحت مفهوم الاعتدال بالتفسير الأميركي، وهكذا تواجة الادارة الاميركية الاسلامين بالعلمانيين والليبرالين الذين يتحدثون عن الاسلام بالمفهوم الاميركي، التقرير مثل بقية التقارير الاميركية التي صدرت عقب احداث سبتمبر تؤكد على ان - الاسلام - ذاته هو العائق ضد التغيير والاصلاح في العالم الاسلامي، فالامريكيون يرون في الشريعة الاسلامية خطراً لايقل عن خطر الشيوعية، وكما تم اختراق الفكر الشيوعي وهدمة من الداخل وفق خطط اواستراتيجيات اميركية وغربية، القضية فكرية وثقافية وعقدية ولا تحل بالحسم العسكري والأمني والتدخل السياسي والاقتصادي وانما بإيجاد وتشكيل تيارات اسلامية وفق المقاسات الاميركية والمفاهيم الغربية، والعجيب ان التقرير الاميركي وهو يوصي بعدم التعامل مع الاسلاميين وقطع اي علاقة معهم او تشجيع لهم، وفي الوقت ذاته يدعو التقرير الادارة الاميركية للتفريق بين الاسلام السني والاسلام الشيعي، وهذا الاخير يمكن التعامل والتحالف معه كما في الحالة العراقية، بالاضافة إلى التعاون مع - الشيعة لمواجهة السنة يدعو التقرير لأستخدام والاستفادة من التيار التقليدي الصوفي في مواجهة الاسلام السلفي، وقد تم تعريف التيار التقليدي بأنه الذي يصلي في الأضرحة ويميل الى التمذهب وينكر الاجتهاد والميل نحو التصوف، وبالمحصلة فان التقرير يؤكد على ايجاد ارضية تفاهم مشتركة مع التيار الصوفي التقليدي من اجل التصدى للتيار الاسلامي.