;

آخــــر الأوراق... إيــــران 931

2007-08-22 11:40:28

أحمد عبد الله الطيري

الامريكيون نصبوا حكومتين فى جوار إيران. وكلاهما تمتدحان الدور الذى تلعبه إيران فى مساعدة نظاميهما تحت الاحتلال. وكلاهما تقولان ان إيران تلعب دورا إيجابيا فى مواجهة أعداء هاتين الحكومتين. بل وتؤكدان ان الدور الايرانى حيوى لضمان الاستقرار. إلا ان آيات النفاق فى طهران لا يكفون عن الإدلاء بتصريحات "تناقض الأفعال" توحى بانهم يعارضون الاحتلال، بينما لا يكف البيت الأبيض عن انتقاد الدور الايرانى ويتهم طهران بزعزعة الاستقرار فى كل من أفغانستان والعراق.

هل يوجد لغز؟

اللغز الوحيد هو ان الطرفين يحاولان، كل بطريقته الخاصة، تغطية تواطئه مع الآخر، من دون ان ينسى ان لديه مطالب يسعى للفوز بها.

الجدل حول الدور الايرانى سببه ان الولايات المتحدة، لحسابات محض اسرائيلية، لا تريد ان ترى هذا البلد وقد وقف على ضفاف التحول الى قوة نووية قد يعسر التفاوض معها فيما بعد. فى حين يفعل آيات النفاق فى طهران كل ما فى وسعهم للقول انهم لا يعادون المصالح الامريكية لا فى العراق ولا فى أفغانستان، بل ويساعدون حكومتى عملاء واشنطن فى هذين البلدين بما يكفى للقول انهم يخدمون المصالح الامريكية أكثر مما تخدمها واشنطن نفسها، وكل ذلك فى مقابل ان تُترك إيران وشأنها لكى تتخذ وسائل الحماية الكافية لضمان استقرار نظامها.

ويبدو ان الاسرائيليين يثيرون المخاوف من تسلح ايران ليس لان هذا التسلح سيتحول الى تهديد فعلي، بل لانهم لا يريدون منافسا إقليميا يحد من سطوتهم فى المنطقة او يشاركهم النفوذ على عربانها. كما انهم يخشون من إغراء التحالف بين طهران وواشطن لانه سيأخذ الكثير من لمعان تحالفهم الخاص مع الولايات المتحدة. خاصة وان إيران، من الناحية الجغرافية، تقع قلب منطقة المصالح الامريكية وتربط بين عدة جبهات وأجنحة من الهند الى العراق، ومن الخليج العربى الى روسيا. وهذه جغرافيا تجعل اسرائيل مجرد قرية خلفية محدودة القيمة.

واشنطن تحاول تطويع آيات النفاق بفرض الضغوط عليهم، وبدفعهم الى العمل على خدمتها، فيما تحاول طهران إثبات انها تطيع بالفعل وانها تفعل كل ما هو مطلوب منها فى مقابل ضمانات أمنية هى فى النهاية حق يمكن اكتسابه. حسب الأفعال لا الأقول، وقف الرئيس الأفغانى حميد قرضاى ليقول فى واشنطن، عقب اجتماعه بالرئيس بوش مؤخرا، "ان إيران دولة تقدم مساعدة وحلولا لافغانستان اكثر مما تشكل تهديدا لها". واضاف "نقيم علاقات وثيقة جدا وجيدة للغاية مع ايران". وزاد "ان ايران مصدر دعم لافغانستان فى عملية السلام ومكافحة الارهاب وتهريب المخدرات.. وسنواصل اقامة علاقات طيبة مع ايران وسنستمر فى تذليل العقبات التى قد تظهر"، موضحا "ان هذا التعاون ممكن جزئيا بفضل تفهم الولايات المتحدة".

وقرضاى ليس عضوا فى تحالف شيعي- صهيونى مع واشنطن، كما الحال بالنسبة لرئيس الورزاء العراقى نورى المالكي، الذى امتدح بدوره الدور الايرانى فى العراق "من دون ان يقول طبعا ان هذا الدور ينطوى على تدريب مليشيات تابعة لحكومة الاحتلال، وإدارة فرق موت لملاحقة رجال المقاومة الذين يحاربون الاحتلال، ودعم "الاستقرار" بشن حملة تصفيات منتظمة لضباط الجيش العراقى وكوادر النظام السابق". ونقلت وسائل الاعلام الرسمية عن الرئيس الايرانى محمود احمدى نجاد قوله، لدى استقباله المالكي، ان ايران والعراق يتحملان مسؤولية كبيرة فى احلال السلام والامن فى المنطقة". واضاف "ان الوضع فى المنطقة بما فيها العراق حساس جدا وطهران ترى ان مستقبل المنطقة رهن بالانتصار على الارهاب فى العراق". والإرهاب هو نفسه "الإرهاب" الذى تحاول قوات الاحتلال الامريكية الانتصار عليه من جانبها أيضا.

وذهبت بالمالكى الحماسة فى طهران الى حد القول: ان "اليوم هو مرحلة مكافحة الارهاب من جانب ايران والعراق وجميع دول المنطقة الاخرى". هذا هو تحالف الأفعال. أما عداء الأقوال، فان ايران تقول "أن نهاية العنف فى العراق تعتمد على انسحاب القوات الامريكية" و"ان هذا الانسحاب هو السبيل الوحيد لعودة الاستقرار الى العراق". وفى المقابل قال الرئيس بوش الاسبوع الماضى "أن ايران قوة تزعزع الاستقرار فى العراق وأنها دولة تثير قلقا بالغا وينبغى عزلها".

وكانت ايران اجرت ثلاث لقاءات رسمية مع الولايات المتحدة للتباحث فى التعاون المشترك لارساء الأمن فى العراق. وشاركت فى جميع اللقاءآت الاقليمية لبحث مواضيع الأمن. وكان آخرها اجتماع دمشق الذى اختتم أعماله الخميس الماضى ببيان أكد "على تعزيز التعاون الأمنى بين الدول المشاركة فى مجال مكافحة الإرهاب ومراقبة الحدود المشتركة مع العراق وتبادل المعلومات سعيا لتحسين الوضع الأمنى هناك.

وقال البيان فى ختام أعمال اللجنة الأمنية، التى تضم العراق ودول الجوار فضلا عن مصر والبحرين، أن"الاجتماع بحث الموضوعات المتعلقة بالتعاون الأمنى بين العراق والدول المشاركة بما فى ذلك مكافحة الإرهاب وسبل ضبط الحدود العراقية ومواجهة كل جديد وتبادل المعلومات الاستخبارية للبناء على الجهود المبذولة". وأضاف أنه "بحث آليات قائمة وأهمية إقامة آليات جديدة لدعم التنسيق بين العراق ودول الجوار بشكل جماعى وثنائى بما لا يتعارض مع البروتوكول الأمنى الموقع من قبل وزراء داخلية دول الجوار العراقى فى اجتماع السعودية أيلول العام الماضي". وأكد المجتمعون وفقا للبيان على أنه "فى ضوء المسؤولية المشتركة حول دفع التعاون فى المجال الأمنى كضبط الحدود" فإنه لابد من "التعاون مع الحكومة العراقية فى جهودها لتحقيق أمن واستقرار العراق وبناء قوات الجيش والأمن العراقى على أسس مهنية ووطنية "يعنى طائفية حسب تفسير حكومة الاحتلال"". ومع ذلك لا تبدو واشنطن راضية عما تفعله ايران، بل وتتهمها بتزويد مليشيات بأسلحة ومتفجرات، متعمدة عدم النظر الى حقيقة ان فصائل المقاومة العراقية تشترى هذه المتفجرات او تقوم بتهريبها من تجار سلاح بعضهم إيرانيون، وبعضهم عملاء لحكومة الاحتلال، بل وربما جنود ومرتزقة أمريكيين يسعون الى المال.

وكان متحدث عسكرى أمريكى زعم الاثنين الماضى ان أكثر من 70 بالمئة من الهجمات على القوات الامريكية فى بغداد خلال شهر يوليو- تموز نفذتها ميليشيات شيعية. وأضاف "من هذا الرقم يمكن أن نقول ان بعضهم تلقى تدريبه فى ايران". ولكن، فى الأفعال، فقد وصفت الولايات المتحدة وايران اجتماعهما فى بغداد الأسبوع الماضى بانه كان "صريحا وجديا" وذلك فى إطار لجنة امنية مشتركة جديدة شكلها الطرفان فى مسعى لانهاء العنف "ضد قوات الاحتلال". وكان تشكيل اللجنة الفرعية الامنية الانجاز الاساسى للاجتماعات الجديدة بين واشنطن وطهران.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية شون مكورماك للصحافيين فى واشنطن "انها قناة اتصال قائمة وسنرى فى المستقبل ان كانت قناة اتصالات ذات جدوى".

وذكر مسؤول فى السفارة الامريكية أن السفير الامريكى ريان كروكر ونظيره الايرانى حسن كاظمى قمى اجتمعا مع "مستشار الامن القومى العراقي" موفق الربيعى فى مكتبه لمدة ساعتين لاستعراض ما ناقشته اللجنة.

ولم يحدد الطرفان بالضبط ما يأملان فى تحقيقه خلال المحادثات التى استضافها مسؤولون عراقيون فى بغداد والتى ترأستها مارسى ريس وهى دبلوماسية كبيرة بالسفارة الامريكية وأمير عبد الله يان نائب السفير الايراني.وبعد المحادثات التى استمرت عدة ساعات قال المسؤول بالسفارة الامريكية انها كانت صريحة وجدية وركزت، كما هو متفق عليه، على المشاكل الامنية فى العراق.

والحال، فاذا كان التعاون بين الطرفين وصل الى كل ما وصل اليه من تنسيق وعمل مشترك ضد "الإرهاب"، فما الذى يبرر الشكوى من جانب واشنطن؟

الاعتقاد السائد فى بغداد هو ان الولايات المتحدة التى تواجه مقاومة ضارية وظروفا عصيبة، تريد من ايران ان تلعب دورا أمنيا أكبر، من دون ان ينطوى ذلك على اعتراف صريح بأهمية هذا الدور. فواشنطن تريد ان تقوم طهران بان ترسل مليشياتها للقيام باعمال "مكافحة الإرهاب" تحت وطأة الضغط، لا تحت يافطة الشراكة. وبرغم ان هناك ما يقدر بنحو 10 آلاف ضابط ومجند إيرانى يقومون بتنظيم أعمال الملاحقات والتصفيات والاشراف على "فرق الموت"، إلا ان هذا لا يبدو كافيا بالنسبة لواشنطن. على الأقل لان أعمال المليشيات الايرانية "التى تعمل تحت غطاء المجلس الأعلى للثورة الاسلامية وحزب الدعوة الذى يعد المالكى واحدا من ابرز قياداته" لم تسفر عن نتيجة ملموسة على صعيد خفض أعمال المقاومة التى تواجه قوات الاحتلال.

والاحتلال فى خريفه فى العراق. ويبدو انه من دون مساعدة آيات النفاق فى طهران، فان الانسحاب سيكون هو الخيار الوحيد المتبقي.

وفى حين لا يستطيع البيت الأبيض طلب إرسال المزيد من القوات، فان إيران لا تعانى من أى مشكلة من هذه الناحية، وهى تستطيع توسيع دورها الأمنى فى العراق بما يكفى لجعل حكومة "صديقى رئيس الوزراء" "كما وصف الرئيس بوش "صديقه" المالكى عندما كان فى طهران" أكثر قابلية على البقاء.وعلى الرغم من فشل حكومة "صديقي" المالكى وعزلتها المتزايدة، فقد ظل الرئيس بوش يدافع عنه وعنها، لانه يعرف جيدا ان ارتباطاتها الإيرانية هى آخر الأوراق لانقاذ الاحتلال. والحق يقال، فان آيات النفاق فى طهران يفعلون كل ما بوسعهم. فهم يساعدون حكومة "صديقه" بالمليشيات، ويقومون بكل ما يحتاجه "الاستقرار" من ملاحقات لرجال المقاومة ويشردون عوائلهم ويقتلون ذويهم وأقاربهم على الهوية، ويقومون باعمال اختطاف ويؤدون قسطهم فى رمى الجثث فى الشوارع، ويشاركون فى عمليات التحقيق والتعذيب فى سجون حكومة "صديقهم" و"صديقه" إياه. وفوق ذلك فانهم لا يكشفون عن هذا الدور، لكى لا يبدو انهم يعملون كشركاء للاحتلال، ويكتفون بقبول حصتهم من الغنيمة فى الخفاء.

ولعلهم سيفعلون أكثر لإرضاء كل "الأصدقاء" وأصدقاء أصدقائهم أيضا.

حتى اذا ما جُمع التواطؤ العملى بنقيضه من الأقوال، فان الأمر لا يتوقف عند حدود ممارسة مبدأ "التقية"، لانه فى الواقع، "زواج متعة". وهكذا تكون العمامة عمامة دعارة لا ترقى إلى مستواها أى دعارة أخرى.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد ناصر حميدان

2025-01-18 00:17:31

وطن يصارع الضياع

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد