علي عبد الله علي الدربي
في غضون الأسابيع القليلة الماضية شهدت الساحة الفلسطينية اتفاقا سيكون له تأثيراً واضحا على القضية الفلسطينية، والاتفاق كان بين كتائب شهداء الأقصى من طرف، وبين الكيان الصهيوني ومعها الرئيس أبو مازن من طرف آخر، والذي نتج عنه أن يكف الكيان عن ملاحقة أفراد وقيادات كتائب شهداء الأقصى مقابل تسليم السلاح لجهاز الأمن الوقائي والانخراط في صفوفه.
فالاتفاق ليس الأول من نوعه بل قد سبقه أتفاق قبله حينما حاول الرئيس الراحل أن يضم الفصائل الفلسطينية في عام 94 لكن الاتفاق الأول لم يكتب له النجاح بل سرعان ما زال وتلاشى بقصد آنذاك، ولم تتلاشى معه الفكرة التي منبعها الكيان الصهيوني و تدعمها أميركا.
ونحن هذه الأيام نشهد ولادة هذه الفكرة في الضفة الغربية لحركة فتح مجدداً ، بعد حمل استمر لأربع سنوات.
وأما قائد المجلس العسكري الأعلى لكتائب شهداء الأقصى في غزة، فقد نفى من جانبه أن يكون تسليم السلاح طال جميع عناصر كتائب شهداء الأقصى بل شمل شريحة محددة من الكتائب، وبعضهم ليس له علاقة بها.
وأضاف خالد أبو هلال أن هناك مجموعات من كتائب الأقصى في الضفة الغربية لا زالت متمسكة بسلاحها رغم قطع رواتبهم ومحاربتهم في لقمة عيشهم مشددا على أن «الشرفاء» من أبناء شهداء الأقصى وباقي الفصائل يرفضون التضحية بالوطن مقابل السلامة الشخصية.
وبهذا تشهد الأم الفلسطينية وليداً جديداً تحت شعار جديد «التسليم والانخراط والكف» وقبل أن يبلغ الوليد مرحلة الفطام أو البلوغ … هل يا ترى سينقاد أبناء الحركة في الضفة إلي قياداتهم أم أن لهم كلمة أخرى مثيل أخوانهم في القطاع وغيرهم من الفصائل الأخرى.
إذا كان هدف كتائب شهداء الأقصى، أن لا تشق عصا ولي أمرها فلماذا إذاً لم تستجب له في حرمة الدم الفلسطيني فكم عاثوا به ، وكم صرخ ولي أمرها بحرمته أم أن صراخه ذاك كان شفرة لهم في إباحته ، إن إقدام كتائب شهداء الأقصى إلى هذه الخطوة سيعود على المقاومة الفلسطينية بالويلات. بل إنه سيزيد من انشقاق الصف الفلسطيني ، مع أن ظاهر هذه الخطوة توحيد المواجهة مع العدو كما يقول مؤيدو الفكرة من أصحاب حركة فتح ، وبهذا القول تكون كتائب شهداء الأقصى قد دفعت الوحدة الفلسطينية إلى الأمام ولكن الواقع غير ذلك.
والجرم ليس في إسرائيل التي تريد قتل القضية الفلسطينية، أنما هو في سلوك حركة مقاومة لهذا السلوك المشين، فهو وصمة عار في تاريخها فقد أثبت التاريخ والتجارب أنه لا ضمانات للاحتلال، ولا يمكن الوثوق بوعوده ولا بأذنابه.
ومما لا شك فيه أن هذه الخطوة هي نصر للمحتل شاءت كتائب شهداء الأقصى أم أبت.
وإن من المفارقات العجيبة أن بعض قياداتها رفضوا تسليم سلاحهم لأن أسماءهم لم ترد في القائمة التي اسقط فيها العدو ملاحقتهم، مع أن قائد أي حركة مقاومة أو أي جندي فيها مستعد لبذل الروح من أجل تحقيق النصر المنشود، وقد قال نصر الخراز أحد قيادات كتائب الأقصى إن قرار تسليم السلاح شمل من ذكرت أسماؤهم في قائمة وقف الملاحقات التي سلمت للجانب الفلسطيني، وإن الذين لم تشملهم القائمة سيظلون في دائرة الاستهداف والملاحقة، وعليه فلن يسلموا أسلحتهم.
إن قبول كتائب شهداء الأقصى لهذا الاتفاق في هذا لوقت الحرج ما هو إلا تأكيد للشرخ الفلسطيني وبيع حركات المقاومة وعلى رأسهم حركة المقاومة الإسلامية حماس للعدو.
و مع الأيام ستصير حركات المقاومة في نظر كتائب شهداء الأقصى التي كانت تقاتل معهم في خندق واحد ، حركات إرهابية تريد شق الصف الفلسطيني، وهي العائق الأول لوجود السلام مع إسرائيل ولقيام الدولة الفلسطينية.
وهكذا فإن الرئيس أبو مازن يريد أن يثبت للعالم أنه الرجل الأقدر على قيادة الشعب الفلسطيني فهو في معركة إثبات لذاته وقدراته.
نعم لقد استطاعت إسرائيل اللعب بأوراق المقاومة الفلسطينية وما هي إلا خطوة أولى لتفكيك المقاومة شيئاً فشيئا.
فوداعاً لحركة فتح ذات النضال التاريخي بهذه الوصمة المخزية في جبينها وأما إسرائيل فهي لا تزال تكسب النقاط والوقت لصالحها.
ثبت الله كل حركة مقاومة تقاتل المحتل.