عبد الله أمين ظبي
يحتفل التجمع اليمني للإصلاح بالذكرى ال«17» على تأسيسه والتي تأتي في ظل تحولات صعبة تمر بها الساحة اليمنية والتعقيدات التي تواجهها القوى السياسية وخاصة في ظل الظرف الاقتصادي العصيب الذي تعيشه البلد هو ما يجعل من حزب التجمع اليمني للإصلاح أكبر احزاب المعارضة مضطلعاً بمهام كبيرة تحدد مسار الديمقراطية اليمنية مستقبلاً ونعود إلى التجمع اليمني للإصلاح وذكرى تأسيسه في 15 سبتمبر 1990م بعد أن أصبح العمل السياسي الحزبي مشروعاً على الساحة بدل أن كان يدور في كواليس الخفاء سواءً في الشطر الشمالي او الشطر الجنوبي قبل إعادة توحيد اليمن في 22 مايو 1990م ويتكون التجمع اليمني للإصلاح من ثلاثة تيارات سياسية لها حضورها الواسع داخل بنية المجتمع اليمني وهي جناح الإخوان المسلمين وهو الجناح الأكثر مرونة وتكيف في الحياة السياسية الحزبية وهو إمتداد لحركة الإخوان المسلمين التي أسسها الإمام حسن البنا في اربعينيات القرن المنصرم في مصر وكان احد نشطائها العرب الجزائري الفضيل الورتلاني الأب الروحي لحركة 1948م الدستورية التي حاول قادتها أن يستبدلوا إمام اليمن بإمام آخر لكنه دستوري وظلت جذور الأخوان تتزايد في شمال اليمن ونشطت بعد صراعات التيارات القومية من بعثيين وناصريين مع بعضها البعض بعد ثورة سبتمبر 1962م فتارة تتولى حكومة ميولها ناصرية وتارة أخرى تتشكل حكومة ميولها بعثية وبعد الإنقلاب الناصري الفاشل في أكتوبر 1978م على رئاسة الرئيس علي عبدالله صالح الفتية حينها وظهور الجبهات الشعبية اليسارية الشيوعية ظهر نجم الإخوان المسلمين وبرزوا في الساحة كقوة فكرية تقف عائقاً امام المد اليساري الشيوعي المدعوم بقوة من نظام الحكم الشيوعي في جنوب اليمن حينها مع دعم من النظام الليبي كونهم حركة يسارية تقدمية تحارب ضد التحلف والإمبريالية حسب منظورهم حينها وبدء الإخوان يؤسسون بكثرة ما عرف بالمعاهد العلمية حينها والتي كانت تدرس منهج مختلف في المواد الدينية والأدبية والتاريخية عن المنهج الذي يدرس في المدارس العامة وكانت مخرجات المعاهد العلمية تصب في إطار تهيئة الكوادر الميدانية الشبابية للإخوان المسلمين الذين لعبوا دوراً هاماً في الحياة السياسية في ثمانينات القرن المنصرم ولمع إسم ياسين عبدالعزيز قباطي ومحمد اليدومي وعبدالوهاب الآنسي ومحمد قحطان وعبدالملك منصور وغيرهم وظل الإخوان مقربين من الرئيس صالح ويحضون برعاية سواءً بصفتهم الحزبية داخل الإصلاح او بصفة العلاقات القديمة بين الرئيس صالح بينهم قبل وبعد الوحدة اليمنية حيث لعب جناح الإخوان في الإصلاح دوراً كبيراً في المطالبة بتعديل ودستور دولة الوحدة كونة يتعارض في بعض بنودة مع نصوص الشريعة الإسلامية وبعد إنتخابات 27 إبريل 1993م حصل التجمع اليمني للإصلاح علي 72 مقعداً من إجمالي مقاعد البرلمان محققاً المركز الثاني بعد المؤتمر الشعبي العام هو ماجعله يدخل في التشكيل الحكومي كشريك في الأئتلاف الثلاثي ثم شريك في الإتلاف الثنائي بعد حرب صيف 1994م وإقتصاء الحزب الإشتراكي عن الحكم وحتى عام 1997م حيث أقصي الإصلاح عن الحكم بعد حصوله على نسبه 54 مقعداً فقط من مقاعد البرلمان ليعلن جناح الإخوان في الإصلاح أنهم لا يريدون أن يكونوا شركاء في السلطة بل يكونوا بدلاء وهو ما جعلهم يميلون إلى صف المعارضة بصورة واضحة ظهرت فيما بعد في اول إنتخابات رئاسية تنافسية شهدتها اليمن في سبتمبر من عام 2006م
الجناح القبلي في الإصلاح ويقف على رأسه الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر شيخ مشائخ قبيلة حاشد والذي لعب دوراً كبيراً في الدفاع عن الجمهورية وكان اللاعب الأساسي في إزاحة كثير من الرؤساء الذين حكموا من صنعاء ووقف بقوة ضد المد اليساري إلى صف الرئيس صالح وكان الوسيط دائماً في أي توتر سياسي يحصل بين الرئيس صالح والجارة السعودية مشغلاً علاقاتة المتينة مع الأسرة المالكة في السعودية وبعد عام 1990م وجد الإخوان المسلمين وغيرهم في الشيخ عبدالله بن حسين الاحمر صمام أمان لقيادة حزب الإصلاح حيث إنتخب رئيس الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح وإلى صف الشيخ عبدالله يقف عدد من المشائخ الأٍقوياء في الإصلاح مثل الشيخ/ حزام الصقر وربيش علي وهبان المصلي وحمود الرزامي وامين العكيمي غيرهم من المشائخ ذوي النفوذ القبلي الواسع والذين يعتمدون عليه في الإنتخابات وفرضت النفوذ والقوة ووقف التيار القبلي بقوة خلف الرئيس صالح في حرب صيف 1994م وضغط التيار القبلي علي تيار الأخوان عام 1999 ليكون الرئيس صالح هو مرشح حزب التجمع اليمني للإصلاح مقابل تمرير التعديلات الدستورية التي يطالب بها الإخوان بالتصويت عليها بالتزامن في نفس الانتخابات التي قاطعها الإشتراكيون كما قاطعوا إنتخابات 1997م البرلمانية وفي عام 2006م وقف معظم التيار القبلي في الإصلاح مع الرئيس صالح ضد جناح الإخوان وعلي رأسهم الشيخ/عبدالله بن حسين الأحمر رئيس الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح.
اما التيار الثالث في الإصلاح هو التيار السلفي ويقف على رأسه الشيخ/ عبدالمجيد الزنداني والشيخ/عبدالوهاب الديلمي والشيخ/ عبدالله صقر وقد واجه هذا التيار حرجاً شديداً في القبول بالإئتلاف السياسي بما يسمى احزاب اللقاء المشترك حيث وقف تيار الزنداني بقوة في صف الرئيس صالح في حرب صيف 1994مستنداً على جوانب دينية بحكم مرجعية الإشتراكيين اليسارية الماركسية وفي المؤتمر العام الثالث للإصلاح في عام 2002م كاد حزب التجمع اليمني للإصلاح أن ينهار بسبب إغتيال الأمين العام المساعد للحزب الإشتراكي اليمني بعد أن القى كلمته على يد جار الله السعواني وهو احد التلاميذ المقربين للتيار السلفي في الإصلاح وخاصة بعد وقوع احداث تفجير المدمرة كول وتفجيرات ابراج منهاتن في 11 سبتمبر 2001م وضعت المخابرات الأميركية كثير من رموز التيار السلفي في التجمع اليمني للإصلاح تحت خانة المراقبة الأمنية بتهمة إشتراكهم في دعم وتفريخ الجماعات الإرهابية على خلفية مشاركة بعض رموز التيار السلفي في الإصلاح في دعم المجاهدين الأفغان في ثمانينات القرن المنصرم حتى دخول كابول في عام 1988م ودعم حركة المقاومة الإسلامية حماس ولكن الحرب التي أطلقتها اميركا على الإرهاب بعد أن انفردت بموازين القوة في العالم دفعت بها وبدعم من الصهينونية العالمية إلى مطاردة كل رموز الجهاد في العالم ومنهم الشيخ/ عبدالمجيد الزنداني الذي تتهمه اميركا بدعم تنظيم القاعدة وحماس وحركات الجهاد الإسلامي وضعت اسمه في قائمة المطلوبين اصدرت قراراً من مجلس الأمن بتجميد امواله وبعدها عن طريق كمين لأ أخلاقي قبضت على الشيخ/ محمد المؤيد أحد رموز التيار السلفي في الإصلاح عضو مجلس شورى الإًصلاح وحكمت عليه بالحبس لمدة 75 سنة جوراً بحجة دعمه لحركة حماس الإسلامية في فلسطين وساند التيار السلفي الرئيس صالح في إنتخابات الرئاسة في عام 2006م واكتفى الشيخ الزنداني بالتلميح لتلاميذه وأنصاره بإنتخاب الرئيس الصالح دون ان يعلن ذلك علانية حين أشارلهم بإنتخاب «القوى الأمين» ومن يرونه أصلح لحفظ الوطن. الأمر الذي دفع بالرئيس صالح إلى وضع قضية المؤيد ورفع إسم الشيخ الزنداني من قائمة داعمي الإرهاب في أولوية محادثات مع قيادة البيت الأبيض فيما بعد وربط بين هذين الموضوعين ومصير استمرار اليمن في التعاون مع أميركا في إطار الشراكة في الحرب على الإرهاب.
وكانت تلك نبذة مختصرة على الاجنحة الثلاثة المكونة للتجمع اليمني للإصلاح اكبر احزاب المعارضة في مجلس اللقاء المشترك والذي كما قلنا وقف تيارين فيه إلى جانب الرئيس صالح في الانتخابات الرئاسية نتيجة العلاقات والتحالفات التاريخية التي تربط صالح برموز هذه الاجنحة مثل الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر والشيخ عبدالمجيد الزنداني وهو ما يحرج الرئيس صالح في ما بعد في الانتخابات البرلمانية القادمة ويجعله يلتزم نوعاً من الحياد تجاهها بعدم فرض نفوذه لفوز مرشحي المؤتمر الشعبي العام فوجود معارضة قوية في البرلمان صمام أمان للوحدة اليمنية ولتفعيل الحياة السياسية في الساحة لأن «الاغلبية المطلقة مفسدة مطلقة» وعلى حزب التجمع اليمني للإصلاح بمناسبة الذكرى ال«17» على تأسيسه ان يستفيد من تجربته ويقيمها وان يوثق من علاقة الشراكة السياسية بينه وبين بقية أحزاب اللقاء المشترك في إطار الحفاظ على الوحدة اليمنية ونبذ المذهبية والمناطقية ومحاربة الفساد وخاصة ان الإصلاح قد نجح في قيادة عدد من المنظمات والنقابات الجماهيرية التي اكسبته ثقة في الميدان وزخماً جماهيرياً كبيراً مثل نقابة المعلمين اليمنيين ونقابة الأطباء والصيادلة اليمنيين وعلى الإصلاح تفعيل النشاط النسوي ودعم ترشيح المرأة ولو من غير حزب الإصلاح اي من بقية احزاب المشترك ولا بد ان تجربة حزب الاصلاح في العمل السياسي بعد 17 عاماً مع كل المتغيرات والمستجدات التي طرأت على الساحة تؤهله لأن يقود البلاد مستقبلاً وخاصة مع ضبابية الأهداف السياسية لحزب المؤتمر الشعبي العام الذي بدأت الصراعات الداخلية بين اجنحته تظهر على الساحة بشكل جلي بتقديم عدد من الكفاءات المؤتمرية النزيهة في مجلس النواب استقالاتهم وهو دليل على رفضهم لسياسات الفساد والجرع التي تتبعها الحكومات المؤتمرية المشكلة من الحزب الحاكم وعلى الإصلاح تقييم تجربته السياسية خلال 17 عاماً بوضوح وشفافية وتقبل النقد الذاتي وهو ما يكسبه مزيداً من المصداقية والحضور الجماهيري في الميدان.