;

الهوية الثقافية الوطنية في وسائل وأجهزة إعلامنا وصحافتنا المحلية 2-2 903

2007-09-17 11:31:43

«نظرة تقويمية نقدية للأستاذ/عبد القادر سلام حيدر الدبعي»

وبناءً على كل المعطيات التي نشاهدها ونقرأها فإننا نجد من الصعوبة بمكان أن نحصر الآثار المباشرة على شبابنا وأطفالنا من ما تقوم به الفضائيات من بث ولكننا نستطيع أن نستخلص بعض هذه الآثار وفقاً لما يلي :

1- محاولة تشويش العقيدة الإسلامية، وليس هذا بغريب، خاصة إذا ما علمنا بأن منظمة اليونسكو قد أصدرت تقريراً قالت فيه: " إن إدخال وسائل إعلام جديدة وخاصة التلفزيون في المجتمعات التقليدية أدى إلى زعزعة عادات وتقاليد ترجع إلى مئات السنين".

2- إشاعة سلوكيات التنشئة بالزي وطريقة الأكل والطباخة وقصة الشعر إضافة إلى ضياع الوقت والانحدار نحو التمييع بالنسبة لقطاع الشباب

3- الأطفال : كلنا يعلم بأن الطفل يتأثر بشكل كبير جداً عن غيره بالشخصيات والتصرفات التي يراها تمارس أمامه الأمر الذي يجعل الطفل يقع في شباك التقليد الأعمى حيث أن الطفل لا يستطيع الإدراك ما يرمي إليه صانع الفيلم أو المسلسل أو الأحداث فهو يأخذ كل شيء بكل علاته، فالطفل يتأثر بما يراه تأثير بالغ لا يشترط ظهوره في سلوكياته وتعاملاته.

4- المحاولات المتكررة والجادة التي توحي وتعمل على إظهار دول الغرب وأمريكا بأنهما بلاد الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة وهذا بخلاف الحقيقة فيتصور الطفل الحرية والديمقراطية والعدل بخلاف ما أتت به الرسالات السماوية من تقويم وتصحيح سلوك الأفراد.

5- إن الغرب وأمريكا في حقيقة الأمر متقدمة عنا علمياً وصناعياً وهذا أمر لا غبار عليه ولكنها لا زالت تعيش في الجوانب الأخلاقية والقيمية حياة البشرية البدائية.

وبرغم كل شيء إلا أننا نؤكد على الأهمية البالغة والمكانة الكبيرة التي تحتلها وسائل وأجهزة الإعلام المختلفة، وذلك بعد أن أصبح النشاط الاتصالي جزءً رئيسياً من حياتنا اليومية سواء أكنا أفراداً أم جماعات وشريان للحياة في المجتمعات البشرية، سواءً أكانت أنظمة ديمقراطية أو شمولية والمرء لم يعد يستطيع الحياة دون هذه الأجهزة والوسائل وبانعدام هذه الأدوات فإن العلاقات تتجمد ومعنى الحياة فيها ينضب فالإنسان يمارس الاتصال في حياته اليومية بصورة تلقائية على مدار ال 24 ساعة.

ولو لم يستمع المرء إلى هذه الأدوات فإنها ستأتي إليه لتقدم إليه ما يدور من أحداث وما أفرزته عقول البشرية من علوم ومعارف لا سيما بعد أن فرضت التقنيات المعاصرة وثورة المعلومات نفسها عليه وأعطته الفاعلية والقدرة على التغيير وتكوين الاتجاهات فأصبح الإنسان اليوم أسيراً لهذه الوسائل وتتعاظم مكانة الإعلام اليوم، وذلك بعد أن تعاضمت الاكتشافات الحديثة والبحوث المعاصرة معطيات تقنية ووسائل الكترونية وإمكانات إعلامية لم تكن متاحة من قبل.

فإذا ما قمنا بتوظيفها واحسنا استغلالها لما يحقق رفاهية البشرية جمعاء من الحث على القيم والأخلاق الإيجابية وليس ما هو عليه الحال الآن.

فالوسائل السمعية والبصرية والأقمار الصناعية وأجهزة الاتصالات الإلكترونية المختلفة يسرت ذلك ومكنت للتدفق الإعلامي من أن ينساب بتلقائية يشد من أقصى الكرة الأرضية إلى أقصاها.

هذا بالإضافة إلى أن التقدم العلمي الذي تم إحرازه في تقنيات العمل الصحفي والإذاعي سواءً أكان منها المقروء أو المرئي مكن النشاط الإعلامي من أن يشير إليه الجمهور ويغريه بما يقدمه من أعمال درامية وقوالب حوارية وفنون وأغاني وأفلام وثقافة فأين نحن من كل ذلك ؟

إن وسائل إعلامنا إذا ما قمنا بمقارنتها بما يقدمه الأخر، فإننا نجد أنفسنا بأن الأخر يشدنا إليه ويجذبنا جذباً، دون أن نحاول العكس، بل ننجر ونعمل بكل طاقاتنا لمحاولة تقليده والسير في نفس الركب وبالرغم من المحاولات الجادة منا لمقاومة ذلك المد القادم إلا أن هناك من يقع فريسة سهلة ليس لها ما يحميها أو يحصنها، ويجعلها تبدع وتعمل على اجتذاب الغير بما تتفرد وما تقدمه من أعمال تفرض نفسها على المتلقين والمشاهدين.

الإعلام والعقيدة الغائبة

إن الخلفية العقائدية لأي عمل منظم تسهم بما لا يدع مجالاً للشك في بناء وتشكيل اتجاه الأفراد وخلق أرائهم وتوجيه نظرتهم لشتى نواحي الحياة، كما أنها تحدد لهم الطرق والوسائل والأدوات التي بها يحققون أهدافهم، والعقيدة بهذا المعنى تعد حجر الزاوية في تشييد أي بناء فكري، وهي الزيت التي به تضاء ظلمات النفوس البشرية في أحلك مراحل التدهور والانحطاط وتمثل الأساس الفكري الذي يصوغ الأهداف ويحدد الغايات ويرسم ملامح الطريق التي عن طريقه تتحقق.

وفي عالمنا اليوم الكثير من العقائد والأفكار والاتجاهات التي تهيمن على عقول الشباب وأفكار البشر وتطغى على السلوك وتتحكم بحركة الحياة وما الصراعات الدينية والثقافية والسياسية والاقتصادية في عالمنا اليوم إلا نتاج لهذه العقائد والآراء والأفكار.

وإذا ما ألقينا نظرة على خارطة العالم السياسي اليوم لوجدنا الكثير من الصراعات الدائرة في الهند والبلقان والشيشان والفلبين وفلسطين والصومال وأفغانستان والعراق والسودان وإيرلندا وراوندا الشيلي وفنزويلا والكثير من مناطق العالم المختلفة، ولكننا نجد بأن أخطر الصراعات المعاصرة والبارزة على الساحة العالمية وتتحكم بها العقيدة، فإننا سنجد بأن الإعلام يحتل المرتبة الأولى في الصراعات حيث أننا من الصعوبة بمكان بأن نجد إعلام موضوعي محايد ومتجرد بكل ما تحمله هذه الألفاظ من معاني، وسوف نجد الشواهد كثيرة على أن الإعلام لا يعمل إلا في ظل نشاط منظم ومرجعية توجه نشاطه ويحدد غاياته وأهدافه، وليس أدل من ذلك على ما يمارسه الإعلام الصهيوني. المنطلق من العقيدة الصهيونية باعتبارها الإطار المرجعي له ، وهي من تقوم بصوغ المخططات ومنها تنبثق وتنطلق أبواق الدعايات ومن هنا استطاعوا السيطرة على الكثير من أجهزة الاتصال ومنها بسطوا نفوذهم واستولوا على الجماعات الضاغطة، وتمكنوا بهذا من السيطرة على صناع القرار في الدول الكبرى والتي جعلوها تتبنى وجهات نظرهم وصاروا لا يرون إلا ما يراه الكيان الصهيوني ولا يحكمون إلا وفقاً لما يضمن ويحقق التفوق للكيان الصهيوني، ومن خلال تسخيرهم لأجهزة الإعلام العالمية تمكنوا من الوصول إلى تحقيق غاياتهم وأهدافهم وذلك بكسب الرأي العام العالمي.

ومن كل ما تقدم يتضح لنا مدى أهمية المرجعية الإعلامية في المجال الإعلامي لشتى أنواعه وأدواته، وعليه فلا بد لنا من أن نقوم بتحديد وإيجاد هذه المرجعية الفكرية حتى نتمكن من توحيد الرؤى والأفكار حتى نتمكن من كسب الجمهور إلى صفنا والحفاظ على هويتنا وهذا هو التحدي الأكبر اليوم التي تواجهه أمتنا العربية والإسلامية والحفاظ على الهوية اليوم يشكل التحدي الكبير الذي يضع صلابة الإرادة ومستقبل الأمة على محك الاختبار وباعتبار ذلك قيمة مقدسة يجب الحفاظ عليها والذود عنها.

لذا فإننا نجد بأن العمل الإعلامي الذي ليس له عقيدة أو مرجعية واضحة سيكون مصيره الفشل، ولن يكتب له النجاح، ونحن نجد بأن كل الخطط والمحاولات التي حاولت أن لا تضع لها مرجعية أو عقيدة قد سقطت وتهاوت لذا لابد لنا من أن نتعامل مع هذه الحقائق وإلا ذهبت كل الجهود والإمكانات أدراج الرياح ولن يكتب لها النجاح ما لم تستميل ويتجاوب معها المتلقون وسوف تكون صيحاتهم مكاءً وتصدية، وبما أن المؤسسة الإعلامية في بلادنا ليست تجارية ولا صناعة لإشباع الاحتياجات البيولوجية للإنسان، ولكنها يجب أن تسموا وتهدف إلى غايات أسمى من كل ذلك، ولا نمانع من التنوع في الأساليب ونقد القوالب شريطة احتكامها لإطار فكري واضح ذلك أن غياب هذا الإطار فإن أجهزتنا الإعلامية ستتحول إلى أجهزة هدم وتخريب بدلاً من ان تكون أجهزة بناء وتشييد، وأين نحن اليوم مما يدور في هذا الصدد على المستوى العالمي من أحداث وحملات إعلامية منظمة تستهدف تشويه صورتنا العربية وعقيدتنا الإسلامية من خلال بتر الحقائق وتزييف الوعي وتغييب وإخفاء التاريخ ووقائعه وطمس الرموز النضالية لخيرة أبناء أمتنا والتنكر لكل تراثنا ومقومات وجودنا وسيعلم الظالمون لمن عقبى الدار.

المواكبة الإعلامية واستباق الحدث تؤكد حقائق العلم أن التحرك المواكب للاحداث واستباقها أفضل من متابعتها أو اللحاق بها، وعليه فإن من الضروري أن يتطلق الإعلام العربي من واقع يتفق مع دين وتاريخ ولغة وثقافة هذه الأمة والحفاظ على إرثها الإنساني المتميز وهذا يتطلب منا أن نعمل جاهدين على تجميع شتات هذه الأمة التي مزقها الاحتلال وظل القائمين على حكمها خانعين في الحفاظ على هذا التمزق والشتات الذي لا يخدم سوى أعداء الأمة والإسلام والسلام العالمي وبما أن الدول الكبرى هي من يسيطر على وسائل وتقنيات الاتصالات الدولية فلابد لنا من المحاولة لكسر طوق هذه السيطرة وهذا الاحتكار والتفكير بآلية تضمن لنا الوصول لتحقيق ما نصبو إليه والعمل على التخلص من قبضة القوى الكبرى على أجهزة صناعة الفكر في العالم ولا يخفى علينا مدى الهيمنة في السيطرة والتفرد على الإعلام العالمي خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وعدم ظهور قوى دولية أخرى تضع حداً للهيمنة الأمريكية والأوروبية على الرأي العام العالمي وأصبحت بعض التجمعات الرأسمالية الغربية والأمريكية تسيطر على السوق العالمي لإنتاج وتوزيع السلع والخدمات الإعلامية، وأصبحت هذه الصناعة في قبضة وهيمنة الأمبروطوريات الضخمة تنظم السوق وفق ظروفها ومصالحها وأهدافها وغاياتها.

ولا يخفى على أحد بأن الدول ا لمتقدمة هي المحتكرة لمصادر المعلومات الاستراتيجية التي تحملها أقمار الاستشعار عن بعد ، وتحجبها عن الدول العربية والإسلامية على وجه الخصوص، الأمر الذي مكن لهذه الدول المعادية من المزيد من السيطرة والتفوق وفي الوقت الذي لم تستطع مؤسسات إعلامنا اليمنية والعربية والإسلامية أن تحرز قصب السبق.

وواقع الحال لنا كعرب ومسلمين يدعو للأسف والحسرة، فنحن نعتمد على وكالات الأنباء العالمية في نقل المعلومات بين مختلف مناطق وطننا العربي والإسلامي، وتقبل تعريفاتهم وتصنيفاتهم ونعمل على أخذها حرفياً دون أن نكلف أنفسنا عنا التحليل والدراسة وقد لهث الكثير من مسئولينا على شراء تكنولوجيا، ولم نسع إلى تعلمها والعمل على الإبداع والابتكار من خلال المحاولة في صناعتها.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد ناصر حميدان

2025-01-18 00:17:31

وطن يصارع الضياع

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد