عبد الفتاح البتول
Albatool@yemen.net ye
في إطار الحديث عن شهر رمضان والصيام والقيام وتلاوة القرآن، وكل الفرائض الشرعية والواجبات الدينية، تبرز قضية التيسير وان هذا الدين وان الله قد رفع عن هذه الأمة الحرج وكل ما يشق عليها، ولم يكلف الله عباده إلا وسعهم «ما جعل عليكم في الدين من حرج» أي انه جعل الدين واسعاً ولم يجعله ضيقاً «لا يكلف الله نفساً إلا وسعها» فالذي نص عليه الشرع وجميع التكاليف انه سبحانه وتعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها، وكل تكليف أو فرض يكون حسب الوسع والطاقة فلا أقرحكم ولا فرض امر ولا نهي فوق وسع الإنسان وأكثر من طاقته «ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ان يطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون» وشريعة الله في رمضان أو في غيره من الشهور سمحة ميسرة وسهلة مخفضة لا تشدد ولا عنت ولا شدة ولا مشقة «طه ما انزلنا عليك القرآن لتشقى» انها شريعة الصراع المستقيم والطريق الواضح، الذي لا اعوجاج فيه، وهو طريق الذين انعم الله عليهم من النبييين والصديقين والشهداء والصالحين، وفي شهر رمضان يتجلى الصراط المستقيم والطريق الواضح، وتظهر المقابلة والمقارنة بين الصراط المستقيم والصراط المعوج وهو طريق أهل الكتاب وغيرهم من الضالين والمضلين والمنحرفين الذين يصدون عن سبيل الله وصراطه المستقيم «قل يا أهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله تبغونها عوجا» والعوج هو الالتواء وعدم الاستقامة، ويقال اعوج العود اعوجاجاً، اي انحنى وهو ضد الاعتدال، وكل ابتعاد عن التيسير والتخفيف هو انحراف واعوجاج وصد عن سبيل الله ومصادمة لشريعة رب العالمين، ومنهج رسوله الأمين، ان الاستقامة والطاعة والهداية تحقق بالصراط المستقيم والنهج القويم، وقصد السبيل، وهو المستقيم المعتدل «وعلى الله قصد السبيل وفيها جائر ولو شاء الله لهداكم اجمعين» سورة النحل الآية 9 وقصد السبيل والسبيل القاصد هو معنى الخيرية والوسطية لهذه الامة الإسلامية فمن سار في الطريق الواضح الصراط المستقيم فهو على الحق والهدى وكذلك جعلنا الله امة وسطا، والجعل هو الهداية إلى الصراط المستقيم ومن نظر وتأمل وتمعن في مقاصد الشريعة الإسلامية يجد ان كل حكم شرعي ما قصد به إلا تحقيق مصالح الناس، والمقصد العام للشريعة الإسلامية هو تحقيق مصالح الناس بجلب النفع لهم ورفع الضرر عنهم، وحسب تعبير العلامة ابن القيم فإن الشريعة مبناها واساسها على الحكم ومصالح العباد، في المعاش والمعاد والشريعة عدل كلها ورحمة كلها ومصالح كلها وحكمة كلها، واي مسألة خرجت من العدل إلى الجور وعن الرحمة إلى ضدها وعن المصلحة إلى المفسدة وعن الحكمة إلى العبث فليست من الشريعة وان ادخلت فيها، فالشريعة عدل الله بين خلقه وظله في أرضه، وهذه الشريعة الباهرة التي هي رحمة واسعة لا تقبل بالأدلة القاطعة بالغلو والتطرف والتشدد ولا يصح معها التعسير ولا التنفير فهذه الشريعة السمحاء والديانة الغراء والمنهجية البيضاء التي لا يزيغ عنها إلا هالك، «ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم».