أعد المادة للنشر/ سامي عبد الدائم عبد الله
دعا الله عباده إلى الاستباق في الخيرات ، والمسارعة إلى القربات طلباً لثوابه ومغفرته ، فقال سبحانه :{فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعًا} وقال جل وعلا: {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم}ومن أعظم ميادين المنافسة والمسابقة إلى الخيرات قَصْدُ بيت الله الحرام لأداء العمرة ، لما في ذلك من الأجر العظيم ، وتكفير الخطايا والسيئات ، وقد قال - صلى الله عليه وسلم- : (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما ) متفق عليه ، وفي حديث آخر يقول عليه الصلاة والسلام : ( تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب، كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة ) رواه أحمد وغيره.
والعمرة في رمضان لها مزية ليست في غيره ، فقد جاء الترغيب فيها ، وبيان فضلها وثوابها ، وأنها تعدل حجة في الأجر والثواب ، ففي "الصحيحين"من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال لأم سنان الأنصارية حين لم يكتب لها الحج معه صلى الله عليه وسلم: ( فعمرة في رمضان تقضي حجة، أو حجة معي )«عمرة في رمضان تعدل حجة»، وفي لفظ آخر (عمرة في رمضان تعدل حجة معي). . أي مع النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحض النبوي الكريم لزيارة البيت الحرام في شهر رمضان المبارك، لأداء شعيرة العمرة بالطواف حول الكعبة والسعي بين الصفا والمروة، يترجمه على الارض إقبال كبير من قِبل المسلمين في مختلف أنحاء العالم، خاصة السعوديين، بحكم وجود الحرمين الشريفين في وطنهم على مكة من اجل اداء شعائر العمرة، والإقامة لبضعة أيام بجوار الحرم.
تعريف العمره
العمرة لغة:الزيارة.
وشرعا:زيارة بيت الله الحرام على وجه مخصوص وهو النسك المعروف المتركب من الإحرام والتلبية، والطواف بالبيت، والسعي بين الصفا والمروة، والحلق أو التقصير
وقت العمرة
الأحاديث الدالة على فضل العمرة وعظيم ما رتب الله عليها من الثواب، تدل على فضل الإكثار من الاعتمار، وأنه ليس للعمرة وقت خاص بها لاتصح إلا فيه، بل كل السنة وقت لها سوى أيام الحج. وحديث عائشة - رضي الله عنها - الثابت في الصحيحين وغيرهما، أنه صلى الله عليه وسلم أعمرها من التنعيم سوى عمرتها التي كانت أهلت بها معه، أصل في جواز وقوع عمرتين في شهر واحد أو أقل، ويدل على التفريق بين العمرة والحج في التكرار في نفس العام، فمن فضل الله تعالى على عباده أن العمرة لا تختص بوقت- من العام- دون وقت، بل تفعل سائر شهور السنة.
وذهب جماعة من أهل العلم أن العمرة في أشهرالحج أفضل من عمرة في غيرأشهرالحج؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمرعمرة كلها في أشهر الحج.
حكم العمرة :-العمرة واجبة مرة واحدة في
العمر.
فضل العمرة :- فضلها تكفير الذنوب ورفع
الفقر وحياة القلوب. . كيف لا ؟ وأنت تسير على هدي نبيك من بعده وقد شوقك فصورالعمرة وكأنك معه فقال :تعدل حجة معي !!
وجوب العمرة
الصحيح أن العمرة تجب على من يجب عليه الحج لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أنه قال لجبريل : الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأن تقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتحج وتعتمر وتغتسل من الجنابة وتتم الوضوء وتصوم رمضان، ولحديث عائشة وأبي رزين وابن عمر رضي الله عنهم
صفة العمرة :-تصوره وكأن نبيك صلى
الله عليه وسلم قد ابتدأ من اقرب ميقات لك بعد أن تجرد من ملابسه وأغتسل وتنظف وتطيب في بدنه ثم لبس رداء الإحرام دون تطييب وقد رفع يديه الشرفتين بعد صلاة فريضة ،أو سنة ضحى أو سنة وضوء ، وأنت أفعل كذلك وتصوره وهو يقول صلى الله عليه وسلم ( لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ) ، فإن خفت أن يصيبك عارض من مرض ونحوه ، اشترط على ربك بقولك (فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني- فتحل ولاشيء عليك ) ، ثم تصوره يستمر برفع صوته كل ما على أو انخفض أو رأى جمعا أو نحو ذلك. . وكأنك بجواره تسمع ذلك الصوت المبارك بهذه الكلمة العظيمة ، وقد ودعت الدنيا والأهل والأحباب والمنصب وحب المال ، ولبست ثوب الآخرة ذلك الرداء الأبيض وكأن الموت قد اصطحبته معك رغبة في إمتثال أمر ربك وطلبا لرضاه وشوقا للقاه ،وإتباعا لهدي نبيك ، فأخذت تجأر بالتلبية تنادي بصوت التوحيد علام الغيوب فما أجمل تلك الكلمات وتلك الهيئة وذلك التصور في صحبة سيد ولد آدم محمد صلى الله عليه وسلم.
فتدخل الحرم من أي باب تيسر لك ثم تقدم رجلك اليمنى وتقول باسم الله والصلاة والسلام على رسول الله اللهم افتح لي أبواب رحمتك. وأنت مازلت تلبي نداء ربك حتى تستلم الحجر الأسود وتقبله أو تستلمه بيدك أو بعصى وتقبل ما استلمته به أو تشير إليه بيدك إن لم تستطع استلامه ولا تقبل وأنت تتخيل أن محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه أمامك ثم تقول باسم الله والله وأكبر. . اللهم إيمانا بك وتصديقا بكتابك ووفاء بعهدك وإتباعا لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم ، ثم تدعو بما تيسر لك من الدعاء أو تقرأ القرآن الكريم ، فتطوف بالبيت سبعا و ترمل( تقارب الخطى مع الجري ) في الثلاثة الأشواط الأولى إن تيسر ذلك - للرجال دون النساء - ولا تؤذي أحدا ، وأنت مضطبع رداءك ( مكشوف الكتف الأيمن) حتى نهاية الطواف ، جاعلا الكعبة على يسارك ، فإذا مررت بالركن اليماني استلمته بيديك دون تقبيل وإن لم تستطع استلامه فلا تكبر و لا تشير إليه بيدك ولا بغيرها، ثم إذا كنت بين الركن اليماني والحجر فقل: ( ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار). ثم أكمل أشواطك اللاحقة كالشوط الأول إلا أنك لا ترمل في الأشواط الأربعة الأخيرة ثم لا تنس تصورك وكأنك مع محمد صلى الله عليه وسلم وصحابته ، ثم إتجه لمقام إبراهيم وأنت تقرأ (. . . وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً. . )البقرة.
فصلي ركعتين خلفه إن تيسر وإلا في أي موقع من الحرم وأقرأ في الأولى الفاتحة وقل يا أيها الكافرون والثانية الفاتحة وقل هو الله أحد.
فإن تيسر لك العودة للحجر فبها وإلا فاتجة الى الصفا وأنت تقرأ : قوله تعالى ( إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ) (البقرة:158).
ثم قف على الصفا بعد أن ترقاه وترى الكعبة بعينيك متجها لها ، وقل أبدا بما بدأ الله به ، واحمد الله ثلاثا وكبره ثلاثا ثم قل لا إله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير ، ثم أدع لنفسك ولأهلك ولمن تحب ثم كرر الدعاء ( تحمد وتكبر وتهلل ثلاثا ، وتدع لنفسك بين ذلك مرتين ) ثم تقول في بداية السعي الحمد لله الذي انجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده.
ثم تسعى سبعة أشواط بين الصفا والمروة مع ملاحظة الإسراع في الجري الشديد بحسب القدرة ودون أن تؤذي أحدا بين العلمين الأخضرين - للرجال دون النساء - فإذا أكملت الشوط السابع من السعي تتحلل من عمرتك بالحلق وهو الأفضل أو التقصير من جميع شعر الرأس بالنسبة للرجل وبالنساء قدر انمله من كل ظفيرة من شعرهاوتكون على هذا الحال قد تمت عمرتك ونسأل الله لك القبول والمغفرة.
أركان العمرة :-
-الأحرام ( نية الدخول في النسك ، بقولك لبيك اللهم لبيك. . . )-الطواف - السعي (( إذا اختل منها ركن لم تكتمل العمرة إلا به سواء عمدا أو نسيانا أو جهلا ))
واجبات العمرة:-
الإحرام من الميقات -الحلق أو التقصير (( إذا إختل منها واجب واحد وجبت الفدية )) وهي كما قال تعالى : ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (البقرة:196)
. محظورات الإحرام:-قص الشعر -تقليم الأظافر -الطيب بعد لبس رداء الإحرام - لبس المخيط كالثوب ، السراويل -تغطية الرأس بالغترة ، أو الطاقية ونحو ذلك- قتل الصيد للمحرم -عقد النكاح -مباشرة النساء-الجماع.
مواقيت العمرة والحج
المواقيت نوعان :
النوع الأول : المواقيت الزمانية
فالميقات الزماني بالنسبة للحاج من أول شهر شوال إلى العاشر من ذي الحجة قال تعالى الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وأما ميقات العمرة الزماني فهو العام كله، يحرم بها المعتمر متى شاء لا تختص بوقت، ولا يختص إحرامها بوقت، فيعتمر متى شاء :في شعبان، أو رمضان ،أو شوال أو غير ذلك من الشهور.
النوع الثاني : المواقيت المكانية
وهي خمسة بتوقيت النبي صلى الله عليه وسلم. قال ابن عباس رضي الله عنهما :وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة ولأهل الشام الجحفة ولأهل نجد قرن المنازل ولأهل اليمن يلملم فهن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن كان يريد الحج والعمرة فمن كان دونهن فمهله من أهله وكذاك حتى أهل مكة يهلون منها.
وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لأهل العراق ذات عرق ولم يبلغ عمر بن الخطاب رضي الله عنه هذا الحديث فحدد لأهل العراق ذات عرق، وهذا من اجتهاداته الكثيرة التي وافق فيها السنة والواجب على من مر على هذه المواقيت أن يحرم منها ويحرم عليه أن يتجاوزها بدون إحرام إذا كان قاصدا مكة يريد حجا أو عمرة، سواء كان مروره عن طريق البر، أو البحر، أو الجو، والمشروع لمن توجه إلى مكة عن طريق الجو بقصد الحج أو العمرة أن يتأهب لذلك بالغسل ونحوه قبل الركوب في الطائرة، فإذا دنا من الميقات لبس إزاره ورداءه، ثم لبى بما يريد من حج أو عمرة، وإن لبس إزاره ورداءه قبل الركوب أو قبل الدنو من الميقات فلا بأس، ولكن لا ينوي الدخول في الإحرام ولا يلبي إلا إذا حاذى الميقات أو دنا منه
;لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحرم إلا
من الميقات.
وأما من كان مسكنه دون هذه المواقيت كسكان :جدة وبحرة والشرائع وغيرها فمسكنه هو ميقاته فيحرم منه بما أراد من حج أو عمرة أما أهل مكة فيحرمون بالحج وحده من مكة.
ومن أراد الإحرام بعمرة أو حج فتجاوز الميقات غير محرم، فإنه يرجع ويحرم من الميقات، فإن لم يرجع فعليه دم يجزئ في الأضحية ; لقول ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : من نسي من نسكه شيئا أو تركه فليهرق دما.
أما من توجه إلى مكة ولم يرد حجا ولا عمرة وإنما أراد التجارة أو القيام بعمل من الأعمال له أو لغيره أو زيارة لأقربائه أو غيرهم ونحو ذلك ; فليس عليه إحرام إلا أن يرغب في ذلك ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم حينما وقت المواقيت هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن كان يريد الحج والعمرة فمفهومه أن من مر على المواقيت ولم يرد حجا ولا عمرة فلا إحرام عليه، ويدل على ذلك أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل مكة عام الفتح لم يدخلها محرما بل دخلها وعلى رأسه المغفر لكونه لم يرد حينئذ حجا ولا عمرة وإنما أراد فتحها وإزالة ما فيها من الشرك.