عبد الفتاح البتول
Albatool@yemen.net ye
يرتبط شهر رمضان والصيام بالقرآن والهداية والاستقامة والقرآن الذي انزل في شهر رمضان يهدي للتي هي أقوم والتي هي أحسن وأفضل، والهداية هي محور الارتكاز وحجر الزواية في التدين والإيمان والتقوى وتحديداً الهداية إلى الصراط المستقيم، كما ورد الدعاء في سورة الفاتحة «اهدنا الصراط المستقيم» والعجيب ان المسلم يكرر هذا الدعاء مرات عديدة في اليوم والليلة وتزداد هذه المرات في رمضان، والسؤال لماذا يدعو المصلي بالهداية وهو مهتدي، والدليل انه يؤدي الصلاة؟ والجواب على هذا الاستفهام والشكال يعود إلى تعريف الهداية ومعناها ومفهومها فالهداية لها عدة مراتب ودرجات، فهي من الناحية اللغوية تعني البيان والدلالة وهذه هداية عامة للناس كافة، ومن ذلك قوله تعالى «هدى للناس» هداية ارشاد وبيان ودلالة، ومن هذا النوع الدعوة إلى الله التي جاء بها الانبياء والمرسلون ويقوم بها الدعاة والمرشدون هداية بلاغ بالقول واللسان والهداية بهذا المعنى وردت في قوله تعالى «وما على الرسول إلا البلاغ المبين» وهذا النوع من الهداية يقدر عليه الانبياء والدعاة والمصلحين وكل من يدعو إلى الخير ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وتتوقف حدود هذه الهداية على البيان والدلالة، واما هداية التوفيق والاعانة فانه خاصة بالحق عز وجل فالله وحده هو الذي يهدي الناس إلى العمل والايمان والتقوى وهذا النوع من الهداية لا يقدر عليه حتى الرسول صلى الله عليه وسلم يقول الله عز وجل «انك لا تهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء» فالرسول صلى الله عليه وسلم لا يقدر ان يهدي احداً هداية فعل وتوفيق واعانة فليس على الرسول ولا الدعاة ولا العلماء والمرشدين إلا هداية البيان والدلالة والارشاد والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن، اما هداية التوفيق والاعانة فهي بيد الله عز وجل «ليس عليك هداهم».
والمسلم الذي يؤدي الفرائض والصلاة ويدعو اهدنا الصراط المستقيم يكون قد حصل على هداية البيان والدلالة أولاً، ثم هداية التوفيق والاعانة، فالله عز وجل قد هداه واعانه على أداء الصلاة والالتزام بالطاعات فماذا بقى بعد ذلك؟ يبقى النوع الثالث من الهداية وهي هداية الاستمرار والمدوامة والثبات على الطاعة ولهذا فإن من الأدعية المستحبة والهامة الذي علمنا الله عز وجل اياها «ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا» فالمؤمنون يدعون ربهم بأن يثبت على هداية التوفيق ويعينهم على الاستمرار والمدوامة ويأتي الدعاء اليومي -اهدنا الصراط المستقيم- من هذا النوع الثالث للهداية، فنحن مهتدون بدليل أداء الصلاة والمدوامة عليها ولكننا محتاجون - للهداية الدائمة والطاعة المستمرة، لهذا نكرر ليلاً ونهاراً سراً وعلانية- اهدنا الصراط المستقيم- ويظهر هذا المعنى ويتأكد في قوله «والذين اهتدوا زدناهم هدى» وفي هذه الآية نوعان من الهداية ففي قوله «اهتدوا» اي هداية بيان ودلالة وقوله «زدناهم هدى» اي هداية توفيق واعانة وزيادة وهذه الهداية التي هي بيد الله عز وجل وحده بمعنى خلق وزرع الايمان في القلب ومن الواضح ان كل انواع الهداية الثلاث-الدلالة- الاعانة- المدوامة- مترابطة ومتسلسلة وكل نوع يؤدي إلى الآخر واذا حصلت الأنواع الثلاث ادت إلى هداية رابعة وهي الهداية الخاتمة وتحقق في الاخرة وهي الهداية إلى الجنة فمن تحققت له الهداية في الدنيا بأنواعها الثلاثة واستمر عليها حتى اتاه الموت، فانه يحصل بمشيئة الله عز وجل وتوفيقه على جواز دخول الجنة، كما ورد في قوله تعالى «الجنة عرفها لهم» أي انه تعالى هدى المؤمنين في الآخرة إلى الجنة وذلك الفوز العظيم.