;

لبنان على كـف..... أميركـا ! 1029

2007-09-24 11:36:21

بقلم : زياد ابوشاويش

Zead51@hotmail.com

دمشق في 23 / 9 / 2007

باغتيال النائب أنطوان غانم بدأ العد العكسي لمرحلة جديدة في تاريخ لبنان.وسواء جرى الاتفاق في اللحظات الأخيرة أو لم يصل طرفا الخلاف لحل ، فان مرحلة بمواصفات خاصة ستبدأ في لبنان ظاهرها ترسيخ المحاصصة الطائفية والمذهبية وبروزها عبر غيتوات مناطقية وباطنها الانقسام السياسي بين فريقي الموالاة والمعارضة لإعادة إنتاج الحرب الأهلية بهذه الصورة أو تلك.وما دمنا ذكرنا الانفجار فإننا ننتهز الفرصة لنسجل إدانتنا لكل اغتيال سياسي مهما كانت مبرراته أو أهدافه ونراه شكلاً للإرهاب يجب أن يتوقف.

إن اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية دون التوافق على رئيس لبناني للفترة القادمة وتهديد الطرفين باللجوء لإجراءات سياسية ودستورية شرعية من وجهة نظرهما سوف يضع لبنان على كف عفريت ، ويفتح على احتمالات غاية في التعقيد والخطورة.

سوف ينتهي يوم 25 سبتمبر (أيلول ) بعد غد دون حضور ثلثي النواب ، وهكذا سيفشل الاجتماع الأول لمجلس النواب اللبناني المخول انتخاب الرئيس ، وستتم الدعوة أو لا تتم لاجتماع لاحق يمكن عقده بالنصف زائد واحد أو ما نطلق عليه الأغلبية المطلقة ، وفيه يمكن انتخاب الرئيس بالنصف زائد واحد أيضاً ، وهو ما لا نرجح حدوثه خلال المهلة الدستورية.

إن الخلاف سيبقى قائماً حول ما إذا كان اجتماع المجلس لانتخاب الرئيس يشترط حضور الثلثين في كل مرة ، أو أنه يقتصر فقط على المرة الأولى ، والتي نعرف أنها بالثلثين ، لكن لا نعرف على وجه الدقة إن كان الانتخاب مثل الحضور يجري بالثلثين لنجاح المرشح الرئاسي أم لا.ولان الجميع يعرف ويدرك أن المعضلة اللبنانية ليست دستورية ، أو حتى قانونية بما في ذلك قصة المحكمة الدولية الممجوجة ، فان نهاية طيبة ومثمرة للأزمة ولمصلحة الشعب اللبناني تتطلب حلاً سياسياً وفاقياً لا غالب فيه ولا مغلوب ، وهو ما ترفضه حتى اللحظة قوى الرابع عشر من شباط.ولأن هذا العناد والرفض يرتكز لمقولات من نوع حق الأكثرية في الحكم لفترتها القانونية والدستورية وأن مشروع استقلال لبنان وسيادته يرتبط بهؤلاء حصراً ، ولان هذا الهدف لا يمكن أن يجري إلا بالتخلص من الوجود السوري والنفوذ السوري ، ولأن فريق الحريري - جنبلاط - جعجع يسوق ذلك باعتباره خلاص لبنان عبر نفي الطرف الآخر من اللوحة المستقبلية للبنان عبر استخدام موضوع الأكثرية النيابية وإلباس المشكل السياسي ثوباً دستورياً ، فان الطرف الآخر في معادلة الصراع تجاري هؤلاء ولو شكلياً في تفسير الدستور واستخدامه في معركتها،والذي ينص على التوافق بين الطوائف اللبنانية وفساد أي حكومة بالمعنى الدستوري لا تضم أحد الطوائف الرئيسية ، ناهيك عن غياب الممثلين الحقيقيين لأكثر من طائفة ، الأمر الواضح في غياب كل من حركة أمل وحزب الله عنها شيعياً وغياب الجنرال ميشال عون عنها مارونياً.

إذن هناك مواجهة على كل الأصعدة ويستخدم فيها الطرفان كل الأسلحة باستثناء إطلاق النار حتى الآن.إن المتتبع لمنحنى التصعيد الإعلامي بكل تلاوينه وديماغوجيته يلحظ التشنج الحاد الذي يسود منطق الطرفين خصوصاً طرف الحكومة التي لا نعرف من أين تأتيها كل هذه الشجاعة في مواجهة أشقاءها في المعارضة.

إن حسبة بسيطة لميزان القوة الداخلية في لبنان يظهر بجلاء رجحان كفة حزب الله وحلفائه عسكرياً ولوجستياً إذا ما اندلعت حرب أهلية لا سمح الله ، ولا إمكانية للطرف الآخر على تحقيق أي انتصار ولا حتى الصمود لبضعة أيام.إذن لماذا التصعيد ولماذا الإصرار على رفض مبادرات جدية سلمية كالتي طرحها الرئيس نبيه بري ، هذا الرفض الذي يتم تغليفه باشتراطات وتخوفات وطلب تفسيرات ما أنزل الله بها من سلطان، وكأن البلد تملك الوقت الكافي لمزيد من المناورات السياسية.إن بحثاً متزناً لموقف الأكثرية يظهر تفسيراً أو تفسيرين لهكذا موقف ، وكلاهما لا يصبان في مصلحتها إن كانت حقاً حريصة على وحدة لبنان واستقلاله.

الأول أن هناك تغيراً وشيكاً للمعادلة في كل المنطقة ستقوده الولايات المتحدة وإسرائيل عبر ضرب إيران واستطراداً سوريا، ومن ثم فان الصراع في لبنان سيكون بحكم المنتهي لصالح الأغلبية بافتراض الانتصار الكامل للعدوان الأميركي المشار له.

والثاني أن وعداً من نوع ما قد تم إيصاله لقوى ما يسمى بالأكثرية تحصل بموجبه على دعم دولي يصل لحدود التدخل العسكري في حال لجأت المعارضة لتشكيل حكومتها في مواجهة رئيس وحكومة غير دستوريان، يجدان الدعم والتحريض من جانب الولايات المتحدة الأميركية ، وهو ما بدا واضحاً في بيان مجلس الأمن قبل بضعة أيام، والذي يدعو لانتخاب رئيس لبناني في الموعد المحدد ، ولم يكتف بذلك بل دعا أيضاً لحضور جلسة الانتخاب من كل الأعضاء.

إن الاحتمالين المذكورين لا يتركان مجالاً للاجتهاد فيما تنويه حكومة السنيورة وأغلبيتها البرلمانية ، حيث أنهم يريدون رئيساً منهم وحكومة تستند إلى أغلبيتهم وبرنامج للبلد يأخذ بعين الاعتبار توجهاتهم وأهدافهم دون إشراك القوى الأخرى والتي تمثل واقعياً أغلبية شعبية نجح ممثلوها في حماية لبنان من أكبر عدوان يشن عليه في العام الماضي ، كما نجحوا في تحرير جنوب لبنان عام 2000 وهما الانتصاران اليتيمان على إسرائيل "القوة العظمى" في المنطقة طوال تاريخها المليء بالعدوان على البلدان العربية المجاورة، بل على كل الأمة العربية. وفي المقابل فان قوى المعارضة اللبنانية تجد نفسها مضطرة لعدم مجاراة حكومة السنيورة ومثلث برمودا (الحريري- جنبلاط - جعجع ) في تصورهم لمستقبل البلد ، لأنهم مقتنعون أنه لا مستقبل للبنان دون علاقات مميزة مع العرب وخصوصاً سوريا ، وأن موقع لبنان وحريته واستقلاله الذي يضعه المثلث فزاعة لإحراج قوى المعارضة لا يترسخ ولا يستمر إلا بانخراط لبنان في قضايا أمته ومحيطه الطبيعي ، كما بمقاومة المشروع الإمبريالي الصهيوني في المنطقة ، وأنه لا إمكانية لقيامة لبنان قوي وموحد وعادل إلا بالاعتماد على النفس والحلفاء الطبيعيين ، وليس على الوضع الدولي ووعود الولايات المتحدة الأميركية الداعم الرئيسي للعدو الصهيوني.

إذن هناك تناقض كبير في المواقف يرسم لوحة قاتمة للحل المقبل في لبنان ، يزيد من قتامته وتعقيده وجود لبنان على خط الزلازل في المنطقة المضطربة إلى أقصى الحدود ، فالتهديدات الإسرائيلية الأميركية لإيران وسوريا أخذت منحى وأبعاد جدية للغاية والتحضيرات على قدم وساق ، كما أن الاستفزازات الصهيونية لسوريا عبر الإغارة على أراضيها أو خرق مجالها الجوي لا يترك فرصة لحلفائها في لبنان وفي مقدمهم حزب الله لتليين موقفهم تجاه مشروع للبنان يحمل لسوريا الكثير من العداء والتوجس.

إن من استمع لخطاب الترشيح الرئاسي من النائب نسيب لحود في شقه المتعلق بسوريا يدرك بلا عناء حجم المخاطر المترتبة على هكذا صياغات لعلاقة أكثر من ضرورية للبنان على وجه الخصوص كما لسوريا ، الأمر الذي يعني منطقياً عدم موافقة فريق المعارضة عليه ، ولأنه يمثل في الحقيقة جوهر مشروع مثلث برمودا وفريقهم النيابي.

إن عسكرة المجتمع اللبناني تجري على قدم وساق وليس اتهامات الفريق الحكومي ووسائل إعلامه المدعوم غربياً لقصة تسرب السلاح عبر الحدود السورية سوى محاولة لذر الرماد في العيون ، والحقيقة أن تدريباً وتسليحاً يجري في صفوف قوى الأغلبية البرلمانية ، ومصادر التسليح والتمويل تقوم بدورها هنا على أفضل وجه وبغطاء دولي وعبر المطار وعلى نطاق واسع ونتمنى أن لا تستخدم هذه الأسلحة داخلياً سواء منهم أو من حزب الله وحلفائه ، لأنها ستكون حرباً مدمرة وعبثية ولن يخرج منها لبنان لسنوات طويلة ، مع بقاء آثارها لعشرات السنين ، ناهيك عن فتح الطريق واسعاً أمام تدخل قوى خارجية لا تريد الخير للمنطقة العربية ولا للبنان ذاته وفي مقدمها أميركا.

ربما لا يكون من الحكمة ربط المعضلة اللبنانية بالملف النووي الإيراني أو حتى بالتوتر السائد على الحدود السورية مع العدو ، كما بذات الأهمية والضرورة عدم ربط لبنان بأحلاف أميركية وغربية تندرج في مخطط الهيمنة والشرق أوسط الجديد وغيره من التبعية والارتهان كما يعبر عنها بشكل فج ومهين السيد فلتمان السفير فوق العادة للولايات المتحدة الأميركية بلبنان وعلاقاته الواسعة والمشبوهة بعدد من القيادات السياسية لقوى الرابع عشر من شباط وخصوصاً السيد جنبلاط الذي جاهر بتحريضه أميركا على ضرب سوريا وإسقاط نظامها الحاكم، كما ربما ليس من الحكمة كثيراً من تصرفات كلا الطرفين المتخاصمين ، لكن الواقع المفروض بالسلوك العدائي للولايات المتحدة الأميركية تجاه سوريا وحلفاءها في لبنان والتهديد المستمر والحصار الدبلوماسي وغيره من أشكال الممارسات العدائية ، وبنموذج شبيه وأكثر وقاحة في فلسطين والعراق والصومال والسودان واليمن وغيرها من البؤر المتوترة في وطننا العربي، لا تترك مجالاً للمرونة فيما يتعلق بحل المعضلة اللبنانية.

إن تقسيم لبنان على وشك أن يبدأ إن لم ينتبه كل اللبنانين لما يخطط له المحافظون الجدد في إدارة بوش الحمقاء ، حيث الفشل في العراق والهزيمة المحتملة والحاصلة عملياً تجعل هؤلاء يتجهون للتعويض بنموذج آخر ، نرجو الله أن لا يتكرر في لبنان لا بمنطقة خضراء ولا صفراء ولا أي لون ، وأن يفهم الإخوة في لبنان أنه لا مغلوب ولا غالب في كل احتمالات حلول هذه الأزمة ، وفقط من خلال التنازلات المتبادلة من الطرفين والاتفاق على رئيس ببرنامج القواسم المشتركة، وحكومة وحدة وطنية تراعي هذا البرنامج، كما تلحظ الأغلبية التي لا يتم التنكر لها في أي دولة ديمقراطية، شريطة التزامها بما تتفق عليه الأطراف جميعاً كقواسم مشتركة كما أسلفنا.أما الحل النهائي لأوجاع لبنان فلن يكون إلا بدراسة واعية لتاريخ لبنان منذ ارتكز على المحاصصة الطائفية التي أنتجت الكثير من القتل والدمار والانقسام للبنان، ولو كان المجال يسمح لأوردنا نماذج عن هذه النتائج الكارثية جراء هذا النظام الغريب والمستهجن والمناقض لكل تطور حضاري مدني.

إن الحل شبه النهائي لمشاكل هذا البلد العربي العزيز على قلوبنا جميعاً يجب أن يكون بإلغاء الطائفية السياسية ، وتحرير الشعب اللبناني العربي من تبعات هذا النظام العشائري القبلي بثوب طائفي ، وتحويل البلد إلى الديمقراطية العلمانية المدنية، التي يتساوى فيها كل المواطنين أمام القانون ، ويتحدد فيها موقع المواطن بدرجة كفاءته واجتهاده وليس بانتمائه العائلي أو الطائفي.

الكل الآن مطالب بوقفة ضمير ، إلى أين يتجه بلدهم وكيف يحموه من التقسيم ومن الحرب الأهلية ، كما أن الحلفاء العرب وفي سوريا خصوصاً يجب أن يتصرفوا باعتبارهم أم الولد.ولا يتركوا مجالاً للعفريت الأميركي الذي يضع لبنان والمنطقة على كفه الإجرامية والمتسربلة بدماء أهلنا في العراق وفي كل أنحاء الوطن العربي للتلاعب بمصيرهم ومصير بلدهم.

وبرغم الطريق المغلق حتى الآن أمام يوم بعد غد الثلاثاء لانتخاب الرئيس العتيد ، إلا أننا نأمل في تفهم القادة اللبنانيون وحرصهم على وطنهم، فيجعلوا هذا اليوم عيداً لكل لبنان بكل ألوانه السياسية وطوائفه ، كما الفرح والأمل لنا جميعاً وللبنان السلام والوئام في هذا الشهر الكريم.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد ناصر حميدان

2025-01-18 00:17:31

وطن يصارع الضياع

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد