عبد الفتاح البتول
صحيح أن على السلطة والمعارضة الاذعان لصوت العقل والحكمة والتعامل مع الأحداث والمستجدات بكل واقعية وعقلانية، واتفق مع الأخ والزميل عبدالرحمن خبارة على وجوب مد جسور الحوار حتى نستطيع جميعاً الخروج من ازماتنا والسير في الطريق الصحيح، واتفق مع الزميل على ان الوقت لم يفت فمما زالت الأمور قابلة للتدارك والأوضاع قابلة للتصحيح والتصويت وان بالإمكان تحقيق أحسن وأفضل مما كان، الأوضاع بحاجة ماسة للإصلاح وخاصة الأوضاع المعيشية ومحاربة الفساد ووضع حد للاختلالات التي تحصل هنا أو هناك، ليس صحيحاً أن الأوضاع على ما يرام وأن الأوضاع مستقرة بالقدر الكافي، وليس صحيحاً أننا نعيش في عيش رغيد ووضع سعيد، كما انه ليس صحيحاً اننا علي حافة الهاوية وأن البلاد على وشك الانهيار، هناك مشاكل ومتاعب وأوضاع صعبة وظروف معيشية قاسية وفي الوقت ذاته هناك منجزات ومكاسب ينبغي الحفاظ عليها والدفاع عنها، مكاسب سياسية ومكاسب تنموية، ولاشك عندي ولا ريب أن المعارضة تهول الأمور وتبالغ في تصويرها، وكما تقوم السلطة بالتهوين من بعض القضايا والتقليل من شأنها، وهذا يؤدي إلى خطأ عند وضع الحلول والمعالجات، ما أجمل وأروع الأنصاف والعدل والنظرة الموضوعية والرؤية الواقيعة، ومن أهم وأبرز معالم الموضوعية والعقلانية الاعتراف بأن القضية يمنية والأوضاع محلية والحلول وطنية، أن الواقع والتاريخ والحاضر والماضي كل ذلك يؤكد على واحدية القضية اليمنية، ابتداءً من واحدية النضال الوطني وقيام الثورة اليمنية الواحدة سبتمبر واكتوبر.
وفي هذا السياق أحب أن أذكر الزميل عبدالرحمن خبارة بأن الاعتراف بالقضية الجنوبية هو جزء من المشكلة وليس هو الحل ولا جزء من الحل، والدليل على ذلك أن كل وثائق وأدبيات الحركة الوطنية في عدن وصنعاء تؤكد على واحدية القضية وواحدية المسار والمصير، ولم يقل أحد من الاحرار والمناظلين بوجود قضية جنوبية ولا شمالية، وإنما القضية اليمنية التي كانت تعاني من استبداد إمامي في الشمال واستعمار بريطاني في الجنوب، والشمال والجنوب بهذا المفهوم مصطلحاً جغرافياً وليس سياسياً، لقد كانت عدن ساحة وميدان لقيام ثورة سبتمبر، كما كانت صنعاء قاعدة ومدداً لقيام ثورة اكتوبر، انني أريد أن أوضح للرأي العام المحلي والعربي والدولي أن المعاناة والأوضاع تشمل اليمن الواحد والوطن الموحد وأن ليس هناك قضية جنوبية وأخرى شمالية، ربما تكون هناك معاناة ومشكلة خاصة في محافظة من المحافظات لأسباب أو لأخرى، قضية المتقاعدين وحسب البيانات التي نشرتها صحيفة «الأيام» الغراء تؤكد أن المشكلة في عموم المحافظات إذا لم يكن كلها، وانا هنا أعلن تعاطفي وتضامني مع المتقاعدين والمسرحين من أعمال بصورة غير قانونية سواءً كانوا عسكريين أو مدنيين، وخاصة في المحافظات التي لم يتم الالتفات إليها وإلى قضية المتقاعدين فيها لاشك أننا جميعاً في المعاناة يمنيون ونحن كذلك في الافراح والاتراح والآمال والآلام والمكاسب والخسائر، وان قدرنا ومصيرنا في الوحدة والتوحد مهما كانت المعاناة ومهما بلغت الصعاب وساءت الأوضاع، على الأخوة والزملاء من الصحفيين والسياسيين والمثقفين مغادرة المواقع الجغرافية والزوايا المكانية والانطلاق في آفاق من الوطنية العالية والمعالجات الشاملة، واننا جميعاً في سفينة واحدة وأن معالجة وحل كل المشكلات والأزمات ينبغي أن تتم في إطار الجمهورية اليمنية.
وفي سياق الوحدة الوطنية، وفي حالة وجود مشكلة من نوع ما في محافظة ما فعلينا الوقوف جميعاً في حلها، فاذا كنا نرفض وندين الأصوات المناطقية على مستوى المحافظات فكيف يكون الأمر عندما تكون المناطقية شطرية وانفصالية، انني اتعاطف مع سكان عدن الذين يشعرون بأنهم فقدوا معالم النظام والانضباط والسلوك الحضاري وهذا الشعور قد يكون موجوداً عند أبناء الحديدة وللعلم فإن لأهلنا واخواننا في الحديدة معاناة كثيرة ومشاكل عديدة، وتتطلب وقوف الجميع معهم في إطار المشروع الوطني والحس الوحدوي والشعور الأخوي، ومع ذلك فإن الحديدة وإب وتعز وعدن وأبين وحجة والمهرة وغيرها من المحافظات تعيش اليوم أفضل ألف مرة مما كانت تعيش عليه قبل 17 عاماً، الوحدة جاءت بالخير والنفع والمكاسب والمنجزات لعموم اليمن وفي المقدمة ثغر الوطن عدن، اما ما يحدث من مشاكل ومعاناة ويحصل من مظالم وتجاوزات فإن اسبابها لا تتعلق بالوحدة وإنما بالممارسات الباطلة والسياسات الخاطئة التي تمارسها الأحزاب المعارضة والحاكمة.