عبد الفتاح البتول
يلعب الإعلام دوراً هاماً ومؤثراً في حياة الشعوب والأمم واليوم ومع الثورة الإعلامية أصبح الإنسان أبن الإعلام تربية وتوجيهاً وتأثيراً، وفي المجال السياسي وتشكيل الرأي العام يأخذ الإعلام بوسائله المختلفة واتجاهاته المتعددة -يأخذ زمام المبادرة والدافع للحراك والتحاور والاحتراب والتدافع، وتأثير الكلمة وفي اثارة الحروب والصراعات واقامة الثورات والانقلابات تأثير واضح وتاريخ واقع وقد رأينا في الأزمة السياسية التي مرت بها البلاد سنة 1993م و94م كيف ان وسائل الإعلام وتحديداً الصحف لعبت دوراً في اتجاه تعميق الأزمة وتعقيدها بدلاً من حلها ومعالجتها فقد استطاعت الصحف الحزبية أن تشكل الميول والاتجاهات لدى الرأي العام والاعضاء الحزبيين والاتباع والانصار، فكانت على سبيل المثال صحيفة صوت العمال مسعرة حرب ومنتجة لأزمات ورائدة في خلق الفتن والمشكلات وكذلك كانت صحيفة المستقبل وصحيفة الميثاق من أسباب وعوامل اندلاع الحرب بالإضافة إلى الأسباب الأخرى طبعاً، فالصحافة سلاح ذو حدين والأصل ان تكون الرسالة الصحفية مؤثرة وصانعة للاحداث بجانبها الإيجابي وصورتها الوطنية بعيداً عن الاثارة الرخيصة، يمكن ان تكون الاثارة الصحفية ايجابية وجادة وفاعلة ومؤثرة، واذكر على سبيل المثال ان صحيفة الشعب المصري استطاعت بكل مهنية ومصداقية ان تسقط وزير الداخلية المصري السابق زكي بدر بعد ان قامت بحملة قوية ومتابعة مستمرة وشجاعة لممارسات زكي بدر الذي سقط بالضربة القاضية من صحيفة جادة ووطنية.
واليوم وفي بلادنا تلعب الصحافة دوراً مؤثراً في مسار الأحداث والمتغيرات وان لم تكن هذه الصحف بحجم صناعة الاحداث ولكنها قادرة على التأثير في مسارها واللعب باتجاهاتها وتوجهاتها واذا تأملنا الخارطة الصحفية واصداراتها المتنوعة والمتعددة والتي تشهد مواليد العديد من الاصدارات الجديدة والمتجددة، والحق أنه من كم هائل واعداد كبيرة من الصحف والمجلات والدوريات والاصدارات، توجد صحف قليلة تعد بالأصابع هي المؤثرة والموجهة والفاعلة والحديث في المقال سوف يقتصر على الصحف الحزبية والأهلية واما الصحف الرسمية فإن لها مقال ثان ومقام آخر، واما المواقع الاخبارية والصحف الإلكترونية على شبكة المعلومات الدولية الانترنت فإن لها وقفات قادمة وعليها ولها ملاحظات إيجابية وأخرى سلبية.
المهم فإن المتأمل والمتابع والمراقب للاصدارات الصحفية خلال الفترة الماضية تهويلاً كبيراً لبعض الأحداث والمستجدات وتهويناً لأحداث أخرى ومستجدات أكثر اهمية وأولية والملاحظ ان الصحف الحزبية تتراجع لصالح الصحف الأهلية التي فاقتها وتفوقت عليها من حيث الكم والكيف والتأثير والأثر !!.
ولهذا اسباب عديدة من اهمها تراجع مصداقية الأحزاب والخلط بين العمل الحزبي والأداء الصحفي المهني وهذا ما دفع بغالبية الصحفيين الحزبيين الهروب من صحفهم الحزبية إلى تأسيس واصدار الصحف الأهلية، المشكلة الأكبر انعدام الموضوعية وغياب المصداقية لدى الصحف الحزبية والتي مع قلتها وضعفها تسير بوتيرة عالية نحو تسخين الأجواء وتوتير الأوضاع وكأنهم مستعجلون على الخراب والدمار بينما تحاول غالبية الصحف الأهلية ان تكون موضوعية واقرب إلى الحياد منه إلى الانحياز، وكانت غير قادرة على تحقيق ذلك نظراً للخلفية الفكرية والآثار الحزبية، بالإضافة إلى ان الموضوعية والحياد والأداء المهني الجاد والصادق لا يشجع على الصادق لا يشجع على الصدور والاستمرار بحجة ان الشارع يحتاج إلى الاثارة والصخب والضجيج بالحق وبالباطل والحق ان هناك صحف تحترم نفسها وتقوم بدورها الصحفي وأدائها المهني وتحاول قدر الاستطاعة الاقتراب من الموضوعية وتحري الحقيقة وعدم الانجرار وراء الشائعات والأكاذيب والأباطيل التي يصنعها بعض المرجفين.
والمهزوزين وحسبك موقف غالبية الصحف من حرب صعدة فترى غياب الحقيقة وانعدام المسؤولية والتبعية للمواقف السياسية والتوجهات الحزبية والتأثيرات الشللية وتفوق روح المعارضة للسلطة على الروح الوطنية والتوجهات الصحفية ونفس الموقف يحدث مع ما يجري هذه الأيام في بعض المحافظات الجنوبية، حيث يعمد البعض إلى خلط الأوراق والجمع بين المتناقضات وعدم التفريق بين المطالب الحقوقية المشروعة والقانونية وبين الدعوات المناطقية والتوجهات الحزبية.