لو قرأ احدنا تحولات الأسبوع المنصرم السياسية، خاصة فيما يخص الإعلام المعارض، أو ما نتج عن إعلام الحزب الحاكم في اليومين الأخيرين بشأن بعض القضايا السياسية العالقة، التي سببت الكثير من الأزمات، بين أطراف الشراكة السياسية اليمنية.
لقد لاحظ القارئ المواقف الحقيقية للأحزاب والتنظيمات السياسية من خلال بعض الصحف الحزبية الناطقة باسم هذه الأحزاب، فمثلاً الحزب الاشتراكي اليمني، الذي صنع تحولات حقيقية في مسارات الشراكة والتفاعل في المناخ الديمقراطي اليمني، هو اليوم يكرس جهوده النضالية، من أجل ممارسة العمل السياسي بشفافية مطلقة، ففي موقف الحزب الرسمي الذي جاء في صحيفة «الثوري» تحدث السياسي عن موقف الحزب الاشتراكي من الوحدة إذ ان الحزب الاشتراكي يقف في صف الدفاع عن الوحدة الوطنية، نابذاً الأصوات النشاز التي تصدر، وأنها ليست ممن يتحدث عن رؤية الحزب من الوحدة ويعد هذا التصريح من أهم التصريحات الحيوية التي اكدها الحزب وهي المسعى الحقيقي في التكامل السياسي الذي يبحث عن الاطروحات المستقبلية للخروج من انفاق الفقر المظلمة، وتردي الأحوال المعيشية وبذلك فعلاً سعى نحو ايجاد القاعدة المثلى للبناء السياسي المستقبلي بجانب الأحزاب اليمنية، وتعد هذه الإرادة هي الوطنية الحقيقية والمسؤولية الكاملة تجاه هذا البلد «الأرض والإنسان».
وإلى جانب ذلك أيضاً كانت الرؤية السياسية التي طرحها أ. محمد اليدومي في محاضرته في القطاع الطلابي من أهم النماذج السياسية في التناول والتداول إذ كان حرص اليدومي على الدفاع عن الوحدة وصل إلى مرحلة الغيرة الحقيقية على الوطن، وأن حزب الإصلاح سوف يدافع عن الوحدة بكل ما اوتي من قوة، وان اصوات النشاز الصادرة تريد ان يتفرق اليمنيون وهذا غير مرغوب فيه.
أن هذه المواقف النضالية الحقيقية جسدت جسر العبور إلى بر التناقش والتحاور الحقيقي حول مصلحة الوطن المستقبلية امكانات الحياة السياسية في المرحلة المقبلة وقد تعددت المواقف المشرفة التي تقف بجانب الوحدة وتكمم أفواه المرتزقة والمندسين والمزايدين الذين يريدون ويضمرون سوءً لهذا الوطن.
ولعل رؤية الحزب الحاكم وموقفه من الوحدة الوطنية، لم تفسرها الخلافات السياسية داخل اقطاب المؤتمر الشعبي إذ كانت تحاول بعض الشخصيات ايقاف الحوار ولكن حكمة الرئىس حالت دون وصول هذه الشخصيات إلى ممارسة النقاش السياسي مع الآخر لأنها لم تعد تدرك نفسها، ومسؤوليتها في هذه الآونة السياسية الحرجة.
اقطاب المؤتمر لم تثن الرئىس عن الحوار، وهذا مكسب لابد ان يعمل المؤتمر الشعبي على اعادة قراءته لأن الواقع السياسي اليمني الجديد، غير ما كان عليه بالأمس فلابد أن تنتج الرؤى السياسية التي تتناسب مع هذه المتغيرات.
وهناك كان الائتلاف الرؤيوي في النظر إلى الوحدة اليمنية ثابتاً لدى كل التنظيمات السياسية وان الوطن أغلى من أي قوى سياسية أو شخصية أو مناطقية أو طائفية وقد نجحت إلى حد ما، رؤى الائتلاف، وجسدت المنطق الأخوي في تحقيق الشراكة وان التجاذب والتدافع السياسي من سنة الله المفروضة في ارضه ومن الواجب ان تعي كل التيارات هذه المبادئ وان نقاط الفكر خاضعة للتداول والمراجعة، فما كان محضوراً بالأمس يصبح اليوم ذا شرعية مطلقة، وما هو مسموح بالأمس يصبح اليوم من المحظورات السياسية.
ولقد ضحت جدلية الائتلاف والاختلاف في الشارع اليمني من أهم الثوابت الديمقراطية ومن الضروري ان يكون الاختلاف هو المحور الذي يفرق طبيعة وآليات المعالجة اما ان يكون سبباً في ايقاف التنمية والتطور، فهذه مسألة أخرى.
ولنا في مشروعية الاختلاف تعدد مثير ومهم اختلاف احزاب المعارضة «اللقاء المشترك» حول الايديولوجيات والمنطلقات الفكرية، حول العديد من الرؤى الداخلية، اختلاف الداخلي لكل تنظيم سياسي ولابد من مراعاة الوعي الشعبي لحركة السياسة اليمنية التي تؤثر في مصير اتخاذ القرار السياسي لدى بعض الأحزاب.
بهذا أو ذاك فإن الشعب اليمني اتخذ القرار السياسي بشأن الوحدة مبكراً، إذ ان تردي الاوضاع الاقتصادية وتدني الخدمات الصحية والتعليم لن يكون في مقابل الانفصال وتفويض الوحدة وها هي اليوم المواقف تتلاحم وتتكامل لأن الوحدة مصير واحد لكل الشعب.
وقد تكون هناك رؤى للاختلاف لها أبعادها ومنطلقاتها ولابد من وعي حقيقي تجاه هذه النقاط ولا يمكن صب الزيت على النار وايجاد مشروعية للإنقطاع وافتعال الأزمات.
حول طبيعة مكافحة الفساد تقف كل القوى السياسية مع هذه الرؤية لكن اجراءات التنفيذ تأخذ حيزاً زمنياً ومواقف شخصية لابد ان يتخذ المؤتمر الشعبي الموقف الحازم تجاه الشخصيات التي تلاعبت بالمال العام، لابد من المثول امام العدالة ولابد من تطبيق النظام والقانون ولكن تتأخذ المصداقية في هذه الأطروحة يجب ان تتخذ كل الإجراءات اللازمة حيال المتنفذين.
وإلا ستكون القضية مدعومة شعبياً وسياسياً من بعض الأحزاب ونسية ومتساهلة من حزب المؤتمر الشعبي لأن مكافحة الفساد وتطبيق القانون من أهم الثوابت الوطنية ولابد ان تكون المرحلة القادمة مهيئة لتطوير الاقتصاد ودفع عجلة التحديث ومواكبة العالم في شتى المجالات.
وقد تركز نقاط الاختلاف بين الحاكم والمشترك حول:
طبيعة الأداء السياسي:
فللمعارضة برنامجها والاصلاح وللحزب الحاكم الآليات التي يحكم بها الآن وحول الرؤيتين جدل عميق لا يمكن ان يحل بطريقة واحدة ولابد من تكريس الجهود لايجاد المقاربات اي ان المرحلة الجديدة تعتمد على فكر المقاربات لأن بين التحقق والفكر فجوات عميقة خاصة في تجزر رؤيتين متخالفتين فلابد من العمل الجيد على تحديد طبيعة الأداء السياسي من خلال برنامج مشترك مأخوذ من الأطروحتين فلا يمكن بحال من الأحوال ان ينفذ برنامج المشترك كله ولا يمكن السكوت على برنامج الحزب الحاكم بسبب وجود الاختلالات الوظيفية في تنفيذه واعداد البرنامج الموحد سيحدد طبيعة الأداء السياسي المستقبلي بارادة وحزم وتصميم.
وان تشكيل حكومات الظل لا يخدم توجهات المعارضة في البلد بأي حال من الأحوال.
قضايا المواطنة:
وقد تكون هناك نقاط اختلاف في معالجة هذه الرؤية ولابد من تحديدها بعيداً عن الانتماءات والولاءات الحزبية من ناحية التوظيف، والتأهيل والخدمات الاجتماعية لأن التعامل وفق المصالح الحزبية يسبب الكثير من الازمات الاجتماعية التي بدورها تتبلور إلى قضايا سياسية خطيرة، كما حدث في الأشهر الماضية مع المتقاعدين.
وكل هذه المشكلة لابد من التعامل بكل مسؤولية وأمانة تجاه المواطن في كل المحافظات الجنوبية والاتفاق حول آلية متابعة ذلك في سير الأداء لابد ان تدخل آلية الحوار والنقاش في جدول أعمال السلطة والمعارضة حتى لا يحدث احتقانات سياسية في الآونة المستقبلية.
الغلاء وتحسين الأوضاع:
قد تكون الأوضاع الاقتصادية في المحاور المهمة التي تختلف في معالجتها الاحزاب السياسية نظراً لموقع كل منهم ولكن القضية موجوة بحاجة إلى حل صحيح وقوي ولكن آلية المعالجة بحاجة إلى أطروحات خبراء اقتصاديون حتى يتم ايقاف الأسعار عند حد ما، مع وضع استراتيجيات اجور تناسب دخل الموظف في المرافق الحكومية وغلاء المعيشة.
فهل تملك المعارضة أو الحاكم استراتيجية المعالجة المستقبلية لمثل هذه الأزمات؟ سؤال يبحث عن اجابة شاملة.
كل ما ذكر نقاط بحاجة إلى دراسة ومعالجة ووضعها في جدول اعمال الحوار بين الاطراف السياسية ومن الطبيعي جداً ان تظل عالقة في الحوار لكن معالجتها لابد منه وعالقة هنا بمعنى محل اختلاف فقط.
وللمواقف السالفة الذكر تداعيات وآثار بحاجة إلى التأمل والدراسة من الجدوى جداً الوقوف منها ومنها:
الايجابية
وبهذه الرؤية نُنهى قضية الخيانة والسلبية، من كل الأحزاب وتنتهي مواقف السب والتسفيه، ويبدأ كل حزب بأخذ طابع وقراءة جديدة عن الآخر اي ان الموقف هنا يكون ايجابياً، سواءً من السلطة أو المعارضة وذلك بعد تحديد القضايا المصيرية في الأداء السياسي وهذا يجعل احترام الآخر قائم وبه تموت النعرات وتنتهي الابواق ويخفت الاعلام المتطرف. وتكريس مفهوم الايجابية من أهم المواقف والانطباعات في تسيير العمل السياسي نحو الأفضل.
ترسيخ قاعدة الحوار:
ومن تداعيات المواقف السياسية الحكيمة بترسيخ الحوار والبحث عن جذور الشراكة والعمل الدؤوب ويبلور أطراً مستقبلية لتكن قاعدة الحاضر للتفاوض حول الجديد والمفيد في مهام العملية السياسية ولأن ترسيخ قاعدة الحوار لا يمكن ان تحقق إلا اذا توصلت الأطراف إلى الحلول المبكرة فإن ذلك يوجد نقاط الائتلاف كثيراً ويقوي مصير الوجود السياسي على الأرض اليمنية.
تطوير الشراكة الجادة:
في معالجة القضايا المستجدة الناتجة عن التأزم الاجتماعي والسياسي وفق برامج واتفاقات لذلك وقد شهدت الأحزاب السياسية العديد من آخر الشراكة الفاعلية فيما بينها، فما اتفاقات واختلافات بالنسبة لائتلاف الحزب الحاكم مع الاشتراكي أو الإصلاح وتداعيات الموقف الآني يطور مسار التفاعل والحيوية السياسية بين الأحزاب.
تدمير التطرف السياسي:
قد تشهد التأزمات السياسية مزيداً من التطرف لدى الأحزاب من رؤية ما وانقطاع الحوار يجعل التطرف في اوجه قد يسبب التطرف السياسي لدى حزب، أو احزاب م إلى تدهور الأوضاع السياسية والأمنية.
والعمل وفق الائتلاف والشراكة يؤدي إلى تدمير التطرف السياسي وانهاء حالات التوترات بين قادة الأحزاب والعمل بروح الوطنية الشفافة والكاملة والارتقاء المسؤولية والاحساس بالقيم الوطنية والسياسية في البلد وهذا مكسب حقيقي ينتج عن الأخذ والعطاء والتبادل والتحاور وتنتهي كل الضغائن والاحقاد.
فضح الأصوات النشاز:
هناك بعض الأصوات كانت تسعى إلى تفويض الوحدة من خلال التأزم الناتج وذلك بدعم المواقف تجاه الانفصال ادى اتفاق المبادئ بين الأحزاب حول مصير الوحدة إلى تبين الكثير من الذين نادوا بالانفصال وظهر للعيان هؤلاء الحاقدون الذين لهم مصالح شخصية يريدون تحقيقها رؤية الوحدة ونبذ الاصوات النشاز وهذه التداعيات تحقق الأمن والاستقرار في الوطن وتضمن الفرصة الزمنية الكافية للاشراف على البرامج والأعمال التي وضعت لتحسين الوضع اليمني، وهي صمام الأمام للحفاظ على الوحدة الوطنية اليمنية وكذلك الباعث الحي في دعم التنمية المستقبلية وتطوير الأداء في الأجهزة الأمنية والحكومية ببذل الجهود العالية وتظافر كل الأيدي الداخل والخارج.
ولاستمرار هذه الجهود لابد من العمل الرقابي المسؤول من قبل جهات الرقابة سواءً المشكلة من الحاكم والمعارضة أو من أوكلت إليهم الأمور من الجهاز المركزي.
نأمل ان تسير قضايا الشراكة السياسية بين الأطراف السياسية إلى ما يخدم الوطن والمواطن بعيداً عن الاحتدامات والتوترات المغرضة.