ان حتمية التعاون المشترك بين اليمن والسعودية لها قدمها التاريخي وأسسها ومنطلقاتها الفكرية، وقد أضحى العمل الجاد من الطرفين جسراً متيناً للتواصل المؤسسي، والهيكلي بين حكومة الجمهورية اليمنية والمملكة العربية السعودية وكذلك تنسيق المواقف السياسية الأخوية وتقويها على كل المستويات.
ويعد اجتماع الدورة الثامنة عشرة لمجلس التنسيق اليمني السعودي قاسماً مشتركاً نحو الاحساس بالمسؤولية الكاملة تجاه الأشقاء، والإيمان المطلق بحق الجوار، والتعاون والوفاء تكن هذه المسؤولية في معرفة مستوى الأداء الفعلي، ورفد بالأسس المادية والمعنوية، وفي حجم التغيرات الحاصلة بين فترة وأخرى ولأن طبيعة وشفافية التعامل كرست الحضور بأسلوب عال وأداء رفيع في ظل أوضاع عربية بحاجة إلى التأزم والتلاحم.
إذ أن كل عمل يأتي لتعزيز الشراكة الكاملة في تطوير البنية التحتية والهيكلة الإدارية والمالية في الجمهورية اليمنية ولا يمكن ان يكتمل البناء إلا بالنظر الدقيق إلى ما يوقف عجلة التنمية الاقتصادية اليمنية. والبنية التحتية مجموعة من المنظومات التي تتراص بعضها فوق بعض لأداء الوظيفة المناطة بها وهذه المنظومات تشكل كل البناء الإداري والهيكلي للجمهورية اليمنية وهي المنظومة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية والثقافية ولا يمكن ان يحفظ البناء الهيكلي قوته إلا بمعالجة هذه المنظومات وتحسين أدائها وتطويرها.
والجهمورية اليمنية تبذل المزيد من الجهد نحو تحسين هذه البنى ولا يمكن ذلك، إلا بايجاد العلاقات الودية المثمرة مع كل المنظومات في الجوار والأساس في ذلك تطوير العلاقات بدول مجلس التعاون الخليجي حتى تصير الجزيرة العربية منظومة كلية واحدة لها أداؤها المباشر في مسارها الداخلي وفي السياسة الخارجية ومواجهة الأزمات والمخاطر المسيرة على الأمة الإسلامية.
وقد يشعر المرء بشكل أو بآخر أن البنية التحتية اليمنية بحاجة إلى المزيد من المعالجات لانها في اهترائها تسقط بعض المصالح والخدمات العامة التي تعطيها الحكومة للشعب ومعالجة هذه البنى يحتاج إلى تفعيل المجال السياسي ودفعه نحو الحيوية والشراكة بإيجاد الفرص المتاحة للحوار والتبادل والاحساس بالآخر وفق برامج وخطط واستراتيجيات وهذا ما تحتاجه الحكومة اليمنية في تطوير أداء البنية وتأهيل الكوادر الحقيقية الذين يستطيعون ان يديروا البلاد وبشكل صحيح من خلال وضع العنصر الفاعل والسليم في مكانه المناسب ومراجعة ما تلف من هذه العناصر.
وأقصد بهذه العناصر الشخصيات التي تدير المؤسسات الهيئات الوزارات والمرافق الحكومية، وقد تكون هذه غير صالحة لموقعها لعدم خبرتها بشيء، يذكر وبحاجة إلى تطوير وبذل المزيد من الحماية حتى تؤدي وظيفتها باكتمال.
ولعل الاستراتيجيات المادية والمعنوية في دفع عجلة التنمية الداخلية اليمنية بحاجة إلى تفعيل وأداء وفق شروط زمنية تضمن هذا التفعيل والحكومة اليمنية تسعى نحو ذلك لكنها تحتاج إلى ذوي الخبرات والقدرات لدعم الموقف.
وتطوير التفاعل الاقتصادي اليمني السعودي في مجلس التنسيق يدفع الاقتصاد اليمني في تحسين وايجاد فرص العمل اللازمة لسوء الأوضاع المسيطرة لأن في ذلك تنفيذ اتفاق مؤتمر المانحين الذي التزمت فيه السعودية بالعدم بمليار دولار عبر المالية وصندوق التنمية السعودي بالقروض المناسبة.
يأتي ذلك في إطار إعداد الموازنات العامة للدولة والفروق الهائلة في العجز السنوي المقدم لأخذ اعتمادات اضافية قد تسبب في التضخم الاقتصادي وتضعيف للعملة المحلية امام العملات الأجنبية وهذا يضر كثيراً بالاقتصاد الوطني ويجعل الأزمات الاقتصادية تتفاقم وكذلك من قراءة مؤشرات زيادة الارباح عن الأعوام الماضية، يلاحظ المواطن ان الزيادة لا تعنى شيئاً بالنسبة للتغيرات الاقتصادية المسيرة ولعل الخروج من تفاقم الازمات الاقتصادية يكمن في الشراكة الاقتصادية الكاملة بين البلدان العربية وبين اليمن والسعودية على وجه الخصوص ولا يكون الخروج إلا بتأهيل البنية التحتية تأهيلاً حقيقياً في أطر محددة تضمن هذه الشراكة والتفاعل ولابد منها ولو ظلت كما هي عليه سوف تقلل من التفاعل والتعاون ومساعي الحكومة دائماً نحو ذلك من خلال:
1- مشروع الطاقة الكهربائية وتطويره بالأسس السليمة لخدمة الشراكة.
2- تحسين مشاريع المياه وتقويتها لأن ذلك سيفتح العديد من آفاق الشراكة والتعاون في المجال الزراعي بين البلدين.
3- الاتصالات وهو من المشاريع المستحدثة التي تعمل وفق الآليات الجديدة وبحاجة إلى تعاون.
4- الصرف الصحي: كي يضمن بيئة صحية أكثر أماناً وان التلوث مهما كان نوعه يوقف التعاون والتعامل بين الأطراف.
5- الصحة: ولعل خدمات الصحة من أهم الجوانب التي تحتاج إلى الدعم المستمر حتى يتسنى الاشراف الحقيقي صحياً على كل شيء.
6- التعليم سواءً الثانوي أم الجامعي لأن مخرجاته سوف تكون حلقة الوصل للشراكة والتفاعل ولابد من اعادة الهيكلة فيه وتقديم المناهج التي تخدم البلدين وتكون نقاط التلاحم المعرفية بين الأطراف.
كل هذه الأشياء تسعى إلى تطوير الانسان اليمني حتى يدخل المنظومة الاقتصادية واثقاً من نفسه في أداء مهامه امام الآخر وبطاقات جبارة تحقق التطوير والتحديث.
لأن الاقتصاد الوطني اليمني يقوم على مجموعة من المجالات المحصورة التي تحتاج المزيد من الاستثمارات لكي يعيش الواقع الطبيعي وهو اليوم يشعر بحاجة ماسة إلى التطور، حيث تسيطر عليه مجموعة من الأزمات المتراكمة، في ظل غياب الخبراء والاقتصاديين الحقيقيين الذين يراقبون البلد والاقتصاد اليمني يعتمد كثيراً على:
1- النفط.
2- الثروة الزراعية والسمكية.
3- الضرائب.
وهذه لا تفي بالحاجة بسبب وجود الأخطاء الفنية في الاشراف عليها وبحاجة إلى بذل المزيد من الرقابة الداخلية ومراقبة تغيرات الاقتصاد في الداخل والخارج، خاصة قضية النفط اليمني، إذ ما زالت شائكة إلى الآن وتحتاج إلى الصراحة والشفافية المطلقة. وبسبب تراكم الديون الخارجية فقد لا تستطيع الحكومة اليمنية تحقيق التنمية المرجوة ونتيجة تغير الأحوال قد تزداد الديون إلى الضعف وهي بحاجة إلى التزام مؤتمر المانحين بما وعد به لكي يتحقق نوع من الاستقرار الاقتصادي وتتحسن أجور الموظفين وتوجد العديد من فرص العمل للعاطلين ولو حاولنا ان نقرأ جهود شراكة عام من التفاعل والتكامل الاقتصادي للاحظنا مقدار التغير الحاصل في الصادر والواردات وحجم الأموال السعودية في الاستثمار الذي يسعى إلى تأهيل اليمن لمجلس التعاون الخليجي لرأينا:
ان المبالغ التي انفقتها السعودية تصل إلى «280» مليار ريال، في «69» مشروعاً في مجالات متنوعة مما اوجدت «5919» فرصة عمل وهذا بطبيعته انعكس على مسار الاقتصاد اليمني حيث كانت الصادرات اليمنية بمبلغ «25» ملياراً، «775» مليوناً، «530» ألف ريال.
والواردات ب«101» ملياراً ، «192» مليوناً، «345» ألف ريال، كل هذه الجهود غيرت مسار الاقتصاد وأدت إلى تطوير هذا التبادل الاقتصادي وفي مستقبل العمل الاقتصادي الذي سيشهد العديد من النقلات النوعية المهمة.
وانعقاد هذه الدورة سوف يقوي ويعزز ويؤكد هذه الشراكة ويوجد قنوات الاتصال العديدة في مجالات متنوعة ومتعددة ويخلق المناخ الحيوي للتفاعل بين الأطراف وقد يلاحظ المراقبون السياسيون انعكاسات ذلك في العديد من النقاط المهمة:
1- تنفيذ ما قصر أداؤه من البرامج والاتفاقات والمؤتمرات السابقة بين الطرفين وطرح المشاريع المستقبلية الجديدة في طاولة المناقشات.
2- تعزيز التبادل التجاري في السلع والخضروات والمنافع المختلفة واستثمار المجالات الخصبة في التنمية.
3- دعم موقف اليمن في الانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي.
4- مناقشة العمالة اليمنية في دول مجلس التعاون الخليجي.
5- تبادل الخبرات والكفاءات وتطورها.
6- تنسيق المواقف السياسية تجاه الآخر.
ان هذه الدورة ستعمل على تطوير البنية التحتية اليمنية لتحقيق التنمية المرجوة وستؤهل العديد من القدرات وسوف تربط اليمن بالأشقاء في دول الخليج من خلال دعم الاستثمارات والترحيب بها وتقديم التسهيلات الممكنة.
ولذا تعد فعلاً نقلة نوعية ومثمرة على الصعيد الاقتصادي بين البلدين.