في الآونة المعايشة لحركة الحراك السياسي على الأرض اليمنية، تظهر علامات صادقة ذات رغبة قوية لتغيير الأوضاع والخروج من تفاقم الأزمات، وقد شهد العمل السياسي العديد من التحولات والتبدلات وكلها خاضعة للاطر الديمقراطية وبرامج النشاط السياسي المتعارف عليه من قبل كل الأحزاب السياسية اليمنية.
وقد كان لتصعيد الجنوب اثر حي سواءً على المستوى السلبي أم الايجابي أتى إلى استفزاز الركود السياسي بعد انتخابات 2006م الرئاسية ونتيجة تغيرات الواقع المعيشي الذي بدأ بغلاء الأسعار وانخفاض حجم الرغيف، وتدهور بعض الخدمات وظهور بعض من القضايا الاجتماعية والحقوقية في بعض المحافظات فقد كانت هذه الارهاصات والمقدمات، سبباً في تغير بعض الأحوال، لكنها بطريقة الفعل وردة الفعل، وقد تكون ردة الفعل في الاصلاحات غير إيجابية إلا انحصرت في منطقة ما أو بمركزية غير مساوية لبقية المحافظات.
وقد لاحت في الأفق تباشير فعلية سياسية حددت وقلعت حضور القضية السياسية اليمنية، وعملت على معالجة ومناقشة ما يسمى «القضية الجنوبية عبر اجراءات منطقية لعدد من القضايا وبين يوم وآخر تتحقق منجزات نسبية الحضور، وتخفض بعض الأصوات النشاز التي حاولت ان تطال من الوحدة اليمنية وبفعل السياسة اليمنية الحكيمة اقرت الاحزاب اليمنية الممثلة في البرلمان، ان المساس بالوحدة اليمنية يعتبر مساساً بالثوابت ولذا فهي من المقدسات، ولا يمكن ان يقترب منها احد، وسوف تبذل هذه الأحزاب ما بوسعها للدفاع عن الوحدة، وهو ما طمأن الشعب اليمني في الداخل والخارج، بعد حالة احتقان نفسي عنيف شهده الشعب طيلة الشهر الماضي حيث تم التميز بشكل دقيق بين اصلاح الأوضاع المعيشية وتحسين الحياة الاقتصادية وبين الثوابت الوطنية.
وما ان بدأت الأمور تستقر بعد الجدل بين السلطة والمعارضة من خلال تحديد جدول زمني لفض الحوار إذ كانت هناك احداث اسهمت في هذا الهدوء، من هذه الأحداث والرؤى:
نجاح الأطر العامة لمبدأ الحوار:
وقد تم تناقل خبر استمرار الحوار بين السلطة والمعارضة في كل الصحف والمواقع الإلكترونية اليمنية ان تحديد الاطر العامة لمبدأ الحوار بين المتحاورين يجعل وتيرة العمل السياسي تسير وفق ما هو مرسوم، ولا يمكن تجاوز ذلك، ولعل نسبة الاتفاق في ذلك كبيرة مما سهل أداء الحوار ومناقشة القضايا بكل شفافية ومصداقية من قبل الطرفين رغم ان هناك من يحاول ان يعرقل الحوار، لكنهم لم يستطيعوا ايقافه، وأصبح الحوار بمفهوم الشامل والكامل وفق آلياته وبرامجه ثابتاً وطنياً مهماً ونعمل على فهم كل القوى السياسية في البلد والخروج عن ذلك يعني إعادة انتاج الأزمات المصطنعة من غير وجود.
وقد اسر ذلك كل من له هم وطني، وشعور بالمسؤولية تجاه بلدة وأغاض اصحاب التوجهات الشخصية والأهواء والمطامع المستفيدين من انقطاع الحوار.
تصريحات الأستاذ ابو بكر باذيب في الثوري:
لقد تحدث الأستاذ باذيب عن مفهوم الحوار لدى حزبه وعمل على تصحيحه بأسلوب رائع ومهذب وتعكس المصداقية المطلقة في تصحيح الأوضاع، لأن هناك قوى تعتبر الحوار من قبل المعارضة خيانة للدور النضالي السلمي، لكن اكد ان الحوار من النضال السلمي أيضاً اما تصعيد الأزمات فغير سليم لأمن البلد واستقرارها مما يعكس ان نسبة الائتلاف بين السلطة والمعارضة كبيرة وتسير نحو الأفضل.
موقف اليدومي من الوحدة:
لقد اثر كثيراً موقف محمد اليدومي في نخب الاصلاح إذ كانت هناك توجهات تعيش لحظات التباس في الموقف من الوحدة وهذا يعني ان القوى السياسية اليمنية تعي جيداً ما الثابت وما المتحول في الممارسة، وان استغلال القضايا بالمفهوم الانفصالي يعود على الجميع بالجحيم في السلطة والمعارضة لذا لابد من العمل بمسؤولية وحكمة.
إعلان رئيس الجمهورية ان عدن ورشة كبرى للاصلاحات
جاء تصريح رئىس الجمهورية في احدى خطابات الاسبوع الماضي ليؤكد مصداقية الممارسة اليومية في اصلاح المحافظات الجنوبية ورد المظالم إلى أهلها مع الحل الجذري لقضية المتقاعدين وهو أيضاً ما حفز قيادة المؤتمر الشعبي على اعادة قراءة الدور السياسي لنفسه والتعامل مع الآخر وايجاد قاعدة عامة لا يمكن تجاوزها من أجل استقرار الأوضاع المعيشية.
كل هذه الأحداث والأطروحات أوقفت من يتحدث باسم القضية الجنوبية من باب المناطقية والتصعيد والابتزاز لأنها امتصت الأفكار الهدامة وطرحت المفهوم الحقيقي للممارسة السياسية بعيداً عن الكذب والنفاق السياسي
ما ان لاحظ المغرضون والحاقدون على الوطن ان بعض الاشكاليات والقضايا قد حلت وشارفت على الانتهاء حتى بدأوا يعملون حالياً على زرع واستنبات قضايا جديدة وبوابات أخرى لها نفس الهدف وهذه ممارسات توجد قوى في السلطة وايضاً في المعارضة ولا يمكن بحال السكوت عنها ويعد تناسل القضايا المغرضة والهدامة من اخطر العوائق امام السياسة اليمنية وتقف وراءها شخصيات تريد ان تؤكد حضورها السياسي فقط لا غير، لا تعكير في مصير الشعب، وفي مصير التدافع السياسي من هذه القضايا التي يعمل الحاقدون على الحوار والائتلاف السياسي في بثها وتكريس حضورها إلى الشارع ما يلي:
احتفالات المديريات:
هناك بعض الاحتفالات السياسية التي تقف في موقف معاد للسلطة والمعارضة معاً حيث تأخذ منحى آخر غير مرغوب، تدخل فيها الأهواء والمطامع غير القانونية وقد يقيمها حزب ما من الأحزاب لكنها تدخل في قضايا أخرى غير تصحيح وتحسين الأوضاع الحالية اقتصادياً فلكل مديرية قضيتها ومن الانسب ان ترفض قضية هذه المديرية أو تلك إلى المجالس المحلية وان اي قضايا حقوقية من الواجب ان يقوم بها المجلس المحلي للمديرية وترفع القضية إلى السلطة المحلية في المحافظة اما ان تخلق هذه المديرية ازمات إلى جانب الازمات المتفاقمة فإن الأفضل ألا تحول هذه القضايا إلى أخرى دون علم بأفكار ومشاريع المنفذين لهذه الاعتصامات والخطب الرنانة.
لأن الخدمات العامة الاجتماعية لها مكانتها ومديروها وتحول هذه إلى الشأن السياسي غير مفيد سواءً للمديريات أو للقائمين على المهرجان ولابد ان يعي جميع الناس افكار المغرضين الذين يحصلون على مطالبهم من هذا التجييش والجمهرة.
توتير قضية صعدة والدفع بالمواجهات:
تعمل توجهات سياسية داخلية على اشعال قضية صعدة من جديد وذلك من خلال تصعيد الموقف صحفياً عن الصحافة الورقية والمواقع الالكترونية الخيرية خاصة مع ازدياد المطالب الحقوقية في المحافظات إذ يعملون ليل نهار على دعم قضية الحوثي وإثارته وتأليبه على قوات الجيش الموجودة في مديريات صعدة عبر افتعال ازمات واختلاق احداث تؤثر في العلاقات وتؤدي إلى نشوب حرب جديدة فهم يستغلون جهل المواطنين ويرفعونهم اعلامياً لنقض الاتفاقات والعهود القائمة بين الحكومة والحوثيين مما يؤدي إلى الاحتراب ووقوع العديد من القتلى.
وهذه اخطر الممارسات لماذا تقوم شخصيات سياسية عبر الاعلام بتصعيد هذا الموقف الحساس وفي هذا الوقت؟.
ان هذه من الفتن العظمى التي تؤدي إلى زيادة شق الصف اليمني وتوسيع الفجوة في الأداء السياسية ومخاطرها دائماً على الوطن والمواطنين ولابد ان توقف هذه الأصوات عند حدها ولابد ن تتكرس العقلانية لدى كل الأطراف.
المناطقية
تعمل العديد من الممارسات السياسية على تكريس المناطقية بطريقة مستفزة بأسلوب لا أخلاقي وهذه الطريقة تورث الحقد الدفين لدى الشعب وتكريسها في مجتمع ما يعني إلغاء المجتمعات اليمنية الأخرى مما يزرع النقمة في الافئدة وهذه قضية سياسية متمترسة في الواجهة الاجتماعية، ان الاحزاب والشخصيات التي تروج للمناطقية لا يجب ان تزاول العمل السياسي فهي تخرج خارج إطار الديمقراطية وتتعدى على الثوابت الوطنية اليمنية وتفكر بطريقة رجعية وأسلوب شمولي اهوج.
ان المناطقية من اخطر الرؤى وتكريسها في بعض الصحف يعني الانتصار لقيم الانفصال والتخلف إذ اصبح العالم قرية واحدة والديمقراطية هي الحامي الوحيد ولو ارتبط كل حزب بمنطقة ما أو كل شخصية سياسية بمنطقة ما، فإن ذلك يعني الدخول في عالم البربرية والوحشية واللااتقان على الاطلاق ومن المهم جداً ان تنتهي هذه اللغة من لغة الصحافة ومن الشعارات السياسية لأنها تورث المصائب فقط وهي مطروحة امام الأمانات العامة للاحزاب وكذلك لرجال الثقافة والاعلام والسياسة ما الذي ستجنيه المناطقية؟!.
تمارس جمعيات المجتمع المدني حضورها وفق قانون الديمقراطية ومهما كانت توجهاتها فهي معلنة امام كل القوى السياسية لكن نشوء جمعيات بغير تصريحات وتفريخ جمعيات اخرى يعد من الممارسات السياسية السلبية لانها تتحول من جمعيات إلى اصوات لها اغراض سياسية تمارس حضورها امام الشعب ولها توجهات ونوايا خبيثة دون علم الشعب بها.
إذ تعمل بعض الجمعيات على تعبئة الشعب بالمناطقية والتمرد والثورة على النظام من خلال الاعتصامات والتحرشات بالقوات الأمنية لذا لابد ان تكون اي جمعية خاضعة للرقابة السياسية قبل ان تمارس ابتزاز الموقف لدى المواطنين.
وخلف الكواليس يعمل العديد من الأفراد الذين يرغبون في الوصول إلى أهوائهم وأغراضهم لأن مجالس التنسيق في بعض المحافظات تحمل توجهات ونوايا غير قانونية لذا يجب تركها وعدم الانضمام لها لأنها تفوق الوحدة الوطنية اليمنية.
الشغب السياسي والمناسبات الوطنية:
ان احداث الشغب والفوضى في المناسبات الوطنية يعني عدم احترام هذه المناسبات وعدم تقدير الدماء الزكية التي قدمت أرواحها لأن المناسبة الوطنية اليمنية من أهم الثوابت وما بين ان تمارس الفرح بهذه المناسبة وتتبادل التهاني وتحدث الفوضى بون شاسع لابد ان نعيه بكل مصداقية وان التعبير عن الرأي فيها أيضاً يختلف من اسلوب إلى آخر وتحول هذا التعبير إلى اعمال عنف يعد خارج القانون ويجب السيطرة عليه بطريقة تحفظ الأرواح والأبدان.
ان العنف المتبادل في المناسبات يؤدي إلى ازهاق الأرواح والقضاءعلى الألفة والمودة ويحول الأمان إلى تأزم ولا يحفظ التماسك حول الوحدة وهذه ممارسات يجب ان تنتهي ابداً مع الأخذ بعين الاعتبار ان شخصيات الشغب لا ترغب بالأمن والاستقرار تتمنى ان ترى اليمن مجزأة كما كانت في السابق.
يأتي الحديث عن هذه الافكار في فترة العمل الجاد في مسار العملية السياسية بين السلطة والمعارضة إذ بدأت في الآونة الأخيرة تنخفض الأصوات النشاز المنادية بتفويض الوحدة وذلك بفعل الحوار القائم بين الأحزاب السياسية وبفعل بعض الاصوات المتنامية ومن الاجدر في الأمر ان تموت تلك الرؤى القاسمة التي تعمل على تناسل القضايا وتريد ان تعيد الأزمات إلى السطح، مع اختلاق المواقف الكاذبة التي لا تعبر عن اهداف غير نبيلة.
نأمل أن نرى جهود الحكومة عالية في امتصاص الأفكار الخاطئة التي تبثها نخب سياسية غير وطنية وان الحلول مازالت متوفرة لدى كل الأطراف، سلطة ومعارضة.