;

الهوية العربية للجزر الإماراتية «طنب الصغرى والگـبرى وأبو موسى» 851

2007-11-26 07:09:16

عبد القادر سلام الدبعي

يشغل الخليج العربي مكاناً ملحوظ الأهمية في ذلك الجزء من منطقتنا العربية قديماً وحديثاً، فهو أحد تلك البحار الداخلية التي تتميز بها منطقتنا العربية المتحدة بين أطراف آسيا وافريقية وأوروبا وعندها تلتقي تلك القارات الثلاث، فعندما يذكر الخليج العربي لابد ان يذكر معه البحر الأحمر والبحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط وباعتبار ان حوض البحر الأبيض المتوسط كانت له مكانته المتميزة في أكثر عهود التاريخ وبحكم كونه متوسطاً قد كان مركزاً للنشاط الحضاري والتجاري والثقافي والسياسي، بين الدول والشعوب المجتمعة حول شواطئة أو المتصلة به عن بعد، فلا ينبغي أن ننسى ان البحر الأبيض المتوسط انما نال هذه المكانة بفضل البحار الداخلية الأخرى المتصلة به اتصالاً مباشراً أو التي تصب فيه كالبحر الأسود وهو خليج آسيوي اوروبي إسلامي، والبحر الأحمر وهو خليج عربي اسيوي افريقي أو المتصلة به اتصالاً غير مباشر كالخليج العربي وهو بحر عربي صرف.

وحقيقة اننا نجد كثيراً من وجوه الشبه بين هذين البحرين الداخليين الخليج العربي والبحر الأحمر وكلاهما يشكلان ذراعان بحريان متوازيان يمدهما بحر العرب والمحيط الهندي إلى الشمال ليصافح بهما الشواطئ الشرقية للبحر الأبيض المتوسط وليتصل في طريق هذا البحر بصفوه الكبير «المحيط الأطلسي» الذي يطوق غرب أوروبا كما يطوق المحيط الهندي جنوب آسيا.

وقد امتد هذان الذراعان إلى أقصى غايتهما ثم جاء الإنسان فأتم ما وقفت عنده الطبيعة، فوصل بين مياه البحرين الأحمر والأبيض المتوسط وبذلك تم وصل هذا الطريق المائي الكبير بين المحيطين الكبيرين عن طريق قناة السويس اما الخليج العربي فإنه بدوره وصل قريباً من شاطئ البحر المتوسط فإن نهر الفرات الذي يصب في الخليج العربي يقرب في انحناءاته الشمالية كثيراً من البحر الأبيض المتوسط، وهنا قام الإنسان بإكمال ما صنعته الطبيعة، عن طريق القوافل قديماً، ثم السيارات وللخليج العربي اثره القوي في الحضارات والدول التي قامت في فارس والعراق، كما كان للبحر الأحمر اثره القوي في حضارات الدول التي قامت في وادي النيل وشرق افريقية، ولم تكن هذه الحضارات والقوى منعزلة بل انها وصلت إلى البحر الأبيض المتوسط فصبت في التيار الحضاري العام، واسهمت بذلك في الحضارة العالمية بقسط كبير وفي تكوين هذه الحضارات والقوى الكبرى، كما ينبغي أن ننسى الدور الذي قامت به الوحدات الصغيرة التي تكونت وقامت على شواطئ تلك الخلجان أو البحار الداخلية، ونجد شبهاً كبيراً في نشأة ونمو المدن البحرية التجارية التي تكونت حول نواة من محلة على شاطئ أو جزيرة وسط الماء «كالبندقية وجنوه» وعلى البحر الأبيض المتوسط «وسواكن ومصوع وزيلع وعدن» على البحر الأحمر «والكويت والبحرين وهرمز ومسقط وابو ظبي ودبي والشارقة» وعلى الخليج العربي ومكملة خليج عُمان ولنركز اهتمامنا هنا على مثالين هما: مسقط والبندقية ففي كل منهما تعاونت الطبيعة والإنسان على خلق بيئة بحرية تجارية من الدرجة الأولى نمت كل منهما حول نواة صغيرة على شاطئ كاد يكون مهجوراً ولكن هذا الشاطئ ليس مقطوع الصلة بالداخل، البر فجاءت منه جماعة سكتت في هذه المحلة، فكانت النواة التي التف حولها هذا التشكيل السياسي الذي اخذ ينمو من المحلة إلى المدينة إلى الدولة فالامبراطورية.

انطلق اهل البندقية من قيود بيئتهم الأولى في منافع الخليج فاخضعوا الوحدات الصغرى المجاورة، ثم مضوا يشقون طريقهم إلى البحار الواسعة حيث كونوا لهم امبراطورية بحرية كبيرة وظلت البندقية تستمد مقوماتها من البحر، وفوق امواجه لقيت عظمتها، ولكنها لم تغفل الاهتمام بما كان يجري في البر ولكنه كان اهتماماً مقصوراً على الحرص على التأمين لا الرغبة في التوسع، حتى جاء وقت اضطرها فيه هذا الاهتمام إلى التدخل في ارتباكات السياسة القارية حتى اذا احست البندقية ان طريق البحر قد أغلق امهامها وان امبراطوريتها البحرية قد بدأت في الانهيار، ولت وجهها صوب البر لتجرب قوتها وتكون فيه لها ملكاً.

وكذلك الحال في مسقط محلة صغيرة على شاطئ البحر جاءها سكانها من الداخل من الصحراء العربية وما اشد الشبه بين البحر والصحراء فكلاهما يحمل المجهول في طياته والهلاك، وكلاهما يتصف بالقسوة والعنف ويتطلب من راكبه قدراً كبيراً من قوة القلب وجراءة الطبع وحسن التصرف وليس عفواً ان سمي الجمل سفينة الصحراء ومن هنا كانت سرعة تكيف ابن الصحراء للبيئة البحرية الجديدة التي استقر فيها ولكن سرعان ما حمل اليها ما ألفه في البادية من تنازع على المرعى والآبار فتنازعوا في البحر على التجارة والسفن ومصائد الأسماك واللؤلؤ ولكن يا ترى اين كل هذا في في مناهجنا التربوية وذلك من اجل جعل الجيل الجديد على صلة وارتباط واطلاع بتاريخه وحقوقه وجغرافية بيئته ولكن للأسف الشديد لا تجد اهتماماً بمثل هذا التوجه الهام وندعو هنا إلى ضرورة تشكيل وتكوين الجمعيات والمنظمات التي تكون من اهدافها واهتماماتها الدفاع والتوعية بحقوقنا العربية المنهوبة وتاريخنا المسكوت عنه والمخيف لأهداف سياسية لا تخدم وحدة الأمة العربية وحقها التاريخي ومسيرتها الحضارية واسهاماتها الإنسانية الرائعة التي كانت من ثمارها الانجازات العلمية الجبارة في أوروبا وأميركا اليوم فهل آن الأوان لتشكيل منظمة عربية تدافع عن الحقوق المسلوبة والمنهوبة في زمن وجب تصفية الاستعمار فيه وما جزر طنب الصغرى والكبرى الإماراتية إلاَّ مثالاً لذلك.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد ناصر حميدان

2025-01-18 00:17:31

وطن يصارع الضياع

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد