عبد الفتاح البتول
«ان اقامة دولة الوحدة كان عملاً تاريخياً عظيماً وأفضل حدث صنعه هذا الجيل، ومهما تكن العوائق والمشاكل التي حصلت بما فيها الحرب، يظل هذا الانجاز منفرداً وتاريخياً ومشروع مستقبل عظيم لا يمكن لليمنيين ان يعيشوا بسلام واستقرار وتنمية ورفاهية بدونه».
هكذا تحدث وتكلم جار الله عمر - رحمه الله- وهو يرد على الذين يربطون بين الوحدة وحدوث مشاكل أو ازمات أو توترات أو احتقانات، الاستاذ جار الله وكأنه يرد على دعاة الانفصال والرافضين للوحدة لأنها حسب ما يقولون سبب ما تعاني منه بعض المحافظات، حيث يؤكد جار الله في حواره الطويل والشهير مع الأخ والزميل صادق ناشر والذي نشره في كتاب- جار الله- يتكلم- يؤكد على أهمية وضرورة التفريق بين السياسات الخاطئة وهذا المنجز والمكسب العظيم، وهذه الرؤية والاتجاه السليم والحكيم يرده البعض لأسباب وجدانية أو عاطفية، ولكن السياسي الكبير والوطني الغيور المرحوم جار الله عمر ان هذا الحديث عن الوحدة ومكانتها لا ينطلق من اسباب وجدانية وعاطفية فحسب، ولكنني - والحديث لجار الله- اعتقد ان ذلك يتطابق مع مصالح السكان في اليمن ويوفر شروطاً افضل للتنمية، كما انه يمثل استجابة لضرورات موضوعية قائمة في هذا الكيان وهذه الجماعة من البشر- التي ظلت رغم الانقسامات تشعر بهوية موحدة رغم تعدد الكيانات في المراحل التاريخة المختلفة.
هكذا يتكلم جار الله عمر وهكذا يتكلم ويتحدث كل حكماء وعقلاء اليمن من اليمين واليسار ومختلف الشرائح والنخب، هل يعقل ان تعالج الأوضاع السيئة والاختلالات الحاصلة، بحلول أسوأ ومعالجات أكثر سوءً!؟.
رغم ان التصريحات الأخيرة للعميد البيشي أمين عام مجلس تنسيق جمعيات المتقاعدين -لم تكن مفاجئة ولا غريبة، لقد جاءت في سياق مخطط واضح وخطوات مدروسة قام ويقوم بها دعاة الانفصال وهواة التقسيم، الذين اتخذوا من قضية المتقاعدين والأراضي وبعض السياسات الخاطئة والاختلال الواقعة- اتخذوا من هذه القضايا وقضايا حقوقية اخرى سلماً ووسيلة لتحقيق غايات أخرى ومآرب كبرى، والغريب ان العميد البيشي يتحدث في تصريحاته لصحيفة «أخبار اليوم» باسم الشباب والمعتصمين ويزعم بأنهم يوقنون بأن الوحدة هي السبب في فقرهم وبطالتهم، والأكثر غرابة وعجباً ان يربط البيشي صلاح اليمن باستقلال الجنوب- حسب زعمه- وبهذا ستتحسن اليمن!!.
انه كلام عجيب ومنطق غريب ان يكون الانفصال والتجزئة طريقاً لإصلاح اليمن وانهاء المشاكل والفتن!!.
ان الاحتفال بالذكرى الأربعين للاستقلال يعني التأكيد على واحدية الثورة والنضال وواحدية الدولة، فلابد من مواجهة الأزمات والمعاناة بمزيد من الوحدة والتوحد ووضع كافة الأمور في إطار المواطنة الواحدة والهموم الموحدة فلا تصدقوا الدعوات الباطلة والاتجاهات اللاوطنية التي تسعى في إطار مشاريع صغيرة واهواء شخصية واعمال انتهازية، هل يحق الآن القول ان المطالبة بالاستقلال وتقرير حق المصير تعتبر في إطار المطالب الحقوقية والقانونية، ان المفارقات العجيبة ان تتزامن تصريحات العميد البيشي مع دعوة يحيى الحوثي الموجهة كما يقول للاخوة ابناء الجنوب للانفصال والمطالبة بحقوقهم ويحرض يحيى الحوثي اصحاب الدعوات الانفصالية على مواصلة كفاحهم مؤكداً ان هناك تعاطفاً دولياً واقليمياً مع هذه الدعوات، هكذا يدخل يحيى الحوثي في الخط ويؤكد ان اصحاب المشاريع الصغيرة يتحالفون ضد المشروع الوطني فهل تعي الأحزاب هذه المتغيرات ويكفوا عن المهاترات والقضايا الجانبية والالتفات نحو القضايا الجوهرية فالأوضاع لا تحتمل التهاون فالوطن وطن الجميع.