عبد القادر سلام الدبعي
لقد أصبح التنظيم ضرورة في أي مجمتع يريد أن يكون عادلاً وواقعياً ومؤثراً فالفوضى تؤدي حتماً إلى الفشل والضياع وإهدار الامكانيات والثروة لذا فإن كل الناس في المجتمعات المتطورة يقبلون على العمل المنظم والمخطط في أكثر شؤون حياتهم فالعمل المنظم تنظيماً جيداً يبدو رائعاً بما لا يقاس وبما لا يدع مجالاً للشك.
وعدم التوقع والاتكال على الصدفة والتعلق بالعادات السلبية دليل على الركود والتراجع وعنصر الذكاء يظل في صف النظام. . في المصنع والمدرسة والحياة الأسرية وفي دوائر الدولة وشتى المجالات فلم يبق شيء بإمكانه ان يفلت أو ينبغي له ان يهمل فعامل النظام شرط للقدرة والقدرة تغذي الحرية على مستوى الواقع المعاش فكل فرد في المجتمع المنظم يعرف حدود عناصر الاختيار المتاحة له، واذا كانت ضروب هذا الاختيار محدودة تحديداً موضوعياً لابد ان تكون على مستوى الواقع ممكنة التحقيق.
فالإنسان قد يكون اقل أحلاماً إلا انه بإمكانه ان يحقق أكثر مما كان يحققه في السابق بدون العمل المنظم لأنه لابد وان يكون أكثر قوة وافضل تلاؤماً مع العمل الذي يقوم به.
وخلافاً لذلك فإن الفوضى تثبط من استعداداتنا وتجردها من القوة وتحبط عملها الصحيح وتنتهي إلى سحق الفرد وجعله يتخبط في التيه والاحباط ثم الفشل واذا كان النظام فيه نوع من الصعوبة والجهد إلا انه يجعلنا ندفع ثمن حسناته التي يستحقها فالحيوان الداجن يبدو خاضعاً بما فيه الكفاية لتعفيل التربية الحديثة، وخلافاً لذلك فإن عامل التوحش الخاص بالكائن الإنساني لا يمكن اضعافه من دون التعدي على الاستعدادات الحيوية والجوهرية، وهذه الاستعدادات تتعلق بالحساسية والخيال بقدر ما تتعلق بالروح بمعناها الأعم فالإنسان بحاجة إلى نوع من الحرية مغاير لتلك الحرية المشروطة بالعقل، حرية المباغتة بما فيه الكفاية، لانه يمكن لتجلياتها ان تكون سلبية أو غير معقولة وهذا لأن النظام ينطوي على نوع معين من الالتزام والانضباط والتقيد، وبما ان النظام ينطوي على نوع من العنف زئبقي ولا يمكن الامساك به، ففي المجتمعات المتقدمة التي ينحو العنف الساخن فيها نحو الاحتفاء بالقوة على الاقل، يكون التأثير الماكر والمقنع للنظام هو البديل في اللحظة التي يحرر التقدم الفرد فيها بالذات ويمكنه من ان يمارس بالفعل قوته، يتلاعب التنظيم بحريته ويحكم عليه بضياع جديد هو ضياع يصبح أكثر استعباداً في سبيل أن يصبح أقل ظهوراً لأن الفرد يصبح اقل قدرة على الدفاع عن نفسه بسبب هذا الضياع فهو لا يراقب توجيهه المهني ولا عمله ولا شؤون حياته واحلامه لقد خاب امله تماماً في نفسه واستحال إلى مجرد وظيفة روتينية إلى موضوع من موضوعات الإدارة إلى عجلة شبيهة بالعجلات الأخرى.
إلا ان الحرية لا تقوم على القدرة على الانجاز فقط، ولكنها تقوم خصيصاً بالإضافة إلى الإنسان على المقدرة على تعيين الوجود والسيطرة على وجودة وعلى ضمان حضوره فيه بالعقل وعلى تحمل مسؤولياته فيه، انها تقوم فضلاً عن ذلك على المقدرة على اقامة روابط غير نفعية وغير شكلية ومجانية تماماً مع الآخرين.
ان هذه الحرية لا تزال أكثر حيوية من باقي الحريات واذا كان ينبغي للقوة العملية ان تؤدي حقاً إلى صياغتها كان من المحتمل ان يرفض الناس مهما كانت جاذبيتها المادية.
ان لدينا اليوم برهانُُ على ذلك يتمثل في ثورة شباب العالم المسلم ضد الاساءة لرسوله الكريم صلى الله عليه وسلم والإساءة إلى دينه العظيم وقيمه وقد بذل البعض من اجل ذلك أرواحهم ودماءهم رخيصة من اجل الدفاع عن نبي الإنسانية والرحمة.
ان ذلك العمل المأفون الذي قام به بعض السفهاء والسفلة من ابناء القردة واحفاد الخنازير لن يزيد شباب الإسلام وامة رسول الله صلى الله عليه وسلم سوى الصلابة والمتانة والقوة في التمسك بهذا النبي الكريم وبهذا الدين العظيم بل ان مثل هذه الأعمال الحقيرة التي تقوم بها المحافل الماسونية والصهيونية ومن يقف خلفها من شذاذ الافاق وقطاع الطرق الأميركان سيجعل من العميان مبصرين ومن الجبناء صناديد والنائمون يستيقضون والغافلون ينتبهون بأن هناك مؤامرة عالمية تستهدف النيل من الإسلام ومن كل العرب والمسلمين «وإنا إلى ربنا لمنقلبون». صدق الله العظيم.