بعد ان تناقلت الأوساط السياسية خيار اللجنة العليا للانتخابات وأحالتها الى مجلس النواب لاختيار اعضائها حسب الأغلبية البرلمانية وكذلك ما وصلت اليه الأحداث من اطلاق سراح النوبة وباعوم وما احدثته اعتصامات مهرجانات المحافظات الجنوبية التي ادت الى جرح مواطنين جراء تلك الممارسات الأمنية وهي تحولات تعد مهمة وبحاجة الى معالجة ايضا قبل ان تكبر كرة الثلج وتصير ثقيلة على وطننا الغالي.
هذا مع ردود افعال بعض المعارضين في الخارج الذين اكدوا رغبتهم في المشاركة السياسية بعد اصلاح الأوضاع وتأهيلها لأن العهد الماضي لم يعد صالحا للتداول وماحدث كافيا لإعادة تشكيل المستقبل حسب الحراك السياسي وفكر الأولوية في المعالجة وقد تكون المعالجة الماضية للديمقراطية مؤطرة وهي اليوم أوسع لأن الآتي مازال يطرح تطلعاته وللتدافع ايضا افقه خاصة بعدما تغيرت الأطروحات السياسية في الأحزاب اليمنية البرلمانية وكذلك مايدور خلف الكواليس من حوار بين النخب السياسية والمفكرين بشأن احداث السبعينات وشخصيات الصراع السياسي الماضي التي غادرت الوطن, اما بالموت واما بالمغادرة النهائية وهي تعيد لنا التأمل حول طبيعة الصراع الإقليمي على الأرض اليمنية فهل اليوم مازال الصراع موجودا وما الذي ستتخذه النخب السياسية جراء تدافع الاحداث اليوم وأين خارطة اصلاح المسار الديمقراطي بعد الأخذ والرد وتدهور الأوضاع المعيشية لدى المواطن ما الذي حققته الديمقراطية منذ عام 90 الى 2007م؟ وما الذي استفاده المواطن من التدافع والتنافس السياسي؟ لماذا ديمقراطية اليمن تدخل هذا النفق وما المعالجات لذلك؟
سؤال اجبنا عليه في حلقتين وهنا نكمل ما تبقى من موضوعا ت وهي مرتبطة بأحداث اليوم وتطورات الشأن السياسي وهي:
رابعا : الاعتصامات والاحتجاجات
إن ظهور الاعتصامات والاحتجاجات في المحافظات اليمنية يبشر بالغليان الشعبي الحاد وهي حالة خطيرة خاصة حينما تصل الى الاستمرار اليومي ويعنى ذلك ان حالة الاحتقان وصلت الى أوجها وان لابديل سوى إيجاد المعالجات الفورية ولأن امكانية الحكومة اليمنية محدودة فهي لن تستطيع ان تلبي طلبات المواطنين مباشرة وفوق ذلك هي المسؤول الاول والأخير عن تردي الأوضاع ووصولها الى لحظات الاحتجاج السلمي على الحكومة.
وما من حل سوى إيجاد المعالجة المبرمجة لإصلاح الأوضاع حيث يتم الاعتماد على السلطة المحلية في حل هذه الازمات وقد تتوفر البدائل لكن تطبيقها بحاجة الى تعاون واتحاد قبل ان تصير معضلة امام الحكومة والأدهى في الأمر ان الاعلام الرسمي يعلن في كل يوم عن ملايين ومليارات الريالات في دعم مشاريع تنموية وتوضع أحجار الأساس لبعض المشاريع وعل صعيد الواقع هناك مشاريع ومبالغ وهمية ليس لها ايرادات وحينما تستخدم المسكنات الأمنية الاقتصادية في مجتمع ما فان ذلك يؤدي الى احتقان في مجتمع آخر ومعالجة هذه الاعتصامات بهذه الطريقة يؤدي الى خرق شديد للديمقراطية ولا بد ان تكون هناك استراتيجية وطنية شاملة لمعالجتها في كل ارجاء اليمن ولابد من معالجة الأمور بعين بصيرة من خلال اجراءات منطقية تتم وفق جدول زمني تفرضه السياسات الحالية ومن هذه المعالجات
العدالة في توزيع الحصص
حيث ان تفاقم الازمة الحالية في الشأن السياسي ناتج عن الاختلال في توزيع امكانات الحكومة حيث ان هناك العديد من المسئولين يعملون ليل نهار على تحقيق بناء الذات تاركين الوطن وحاجات الناس دون اهتمام ما جعل تلك الأمور تسير نحو الاسوء اذ تكونت بعد العشرين السنة طبقة برجوازية سياسية تعمل على امتصاص الوطن وبقى المواطن يبحث عن اقل الإمكانات للحياة ليس على مستوى توفير الخدمات المعيشية وحسب ولكن على مستوى التوظيف في الجهاز الحكومي وهو ما جعل المواطن اليمني يعيش في فقر مدقع لعدم وجود فرص حياة اخرى وحينما يعاني الجامعيون من غياب وظيفي على حساب آخرين يعيثون بالثروات فسادا ولا يوجدون تنمية للشعب فان ذلك يعني ان العدالة قد دمرت وان سياسة النهب والبطش والفوضى هي سائدة وبالتالي فان على الدنيا السلام ومن الطبيعي ان تظهر الاحتجاجات والاعتصامات التي تؤثر على مسار الديمقراطية ولأن العدالة قانون سماوي وتشريع مدني فان كل الأطر والتنظيمات السياسية في العالم تقوم عليه ولا يمكن ان تبقى الحياة العامة دون هذا المبدأ وتطبيقه يعني تحقيق الأمن والاستقرار حيث يتم محاسبة الذين يتسببون في نهب المال العام ولذا يمكن ان ترى الواقع يسير نحو الافضل
وانعدام العدالة يؤدي الى تغييب القانون وعدم تطبيقه لذلك لابد ان يكون ذلك شعار اليمن في كل الأطر سواء الحكومية او القضائية او أي شئ من الضروري ان تكون العدالة في حياتنا العامة في المؤسسات والجمعيات والجامعات وهو ما يعطي المخلص ثوابا او المقصر عقابا
وما يقوم به الحزب الحاكم اليوم هو ناتج عن هذا المبدأ ولا بد من تنفيذها ومعاقبة الذين يتسببون في تحطيم القانون وانهاء النظام وتشريع الخطأ.ومازالت الفرصة سانحة لاعتماد هذه الرؤية قبل ان يحدث الاحتدام لأن الاعتصامات والاحتجاجات تقف وراءها شخصيات من اللقاء المشترك وهي اليوم تدفعها حتى تصل الأمور المواجهة ولذا لابد من التنبه الى ذلك قبل أن يبلغ السيل الزبى.
الاهتمام بأوضاع المواطنين
يعيش المواطن اليمني في فقر مدقع ولأن الغالبية العظمي من المواطنين في اليمن يعبيشون في هذا الخط لذا فان أوضاع المواطن بحاجة الى تحسين ودعم وتطوير ويتم ذلك بوضع خطة لمعالجة الفقر خلال الأعوام القادمة
والملاحظ ان وضع المواطن يتردى كثيرا ولا يوجد ايقاف لذلك فكلما مر عام يشعر المواط ن بسوء الأمور اكثر وان القضاء على البطالة لابد ان يكون شاملا لكل الفئات في الشعب اليمني بإيجاد حلول للمواطن الذي لايمتلك دخلا او بإيجاد فرص عمل لمن تخرج من الجامعات اليمنية ويعيش في الشارع مع وضع المشاريع التي تعالج تأخر تطوير الحياة العامة وذلك مثل اقامة المدن السكنية وتخفيض فواتير الكهرباء والمياه والصرف الصحي او توفير الخدمات الطبية بالأسعار المعقولة وايجاد الفرص التعليمية لابناء الشعب من خلال استيعاب العدد الكافي في الفصل الدراسي الواحد ولذا مع ازدياد السكان والنمو غير الطبيعي ولابد ان تتضمن الخطط هذه البرامج كي يلاحظ المواطن هذا التحسن الملحوظ اما اذا كان هذا الوضع هو المسيطر في المراحل القادمة فإن المشاكل الاجتماعية سوف تتفاقم وسيؤثر ذلك على القرار السياسي
اعتماد الخطط والبرامج المستقبلية
ان الخطط الخمسية التي قامت بها الحكومات السابقة لا تمثل شيئا اما الاضطراب السكاني اليومي وقد تعطلت معظمها اثناء عملها وقد وقعت الحكومة اليمنية على العديد من الخطط التنموية لمكافحة الفقر لكن تطبيقها على ارض الواقع بحاجة الى مصداقية وشفافية وعمل دؤوب حتى يلاحظ المواطن ذلك في حياته بأسلوب ملموس اما اذا كانت هذه الخططط حبرا على ورق فان ذلك يؤدي الى ايقاف التنمية. والحاضر والمستقبل بحاجة الى مختصين يعملون ليل نهار في خلق اطار مستقبلي عام بدراسات علمية وبحثية متطورة تدرس كل السلبيات والإيجابيات الناجمة عن الاختلالات في تطبيق هذه الخطط والمشاهد ان الواقع لا تقوده الخطط ولكن الارتجال في التصرف والاسراع في التنفيذ دون النظر الى مشاريع الدول الاقتصادية. وقد سئم المواطن هذا التنظير كثيرا وهو الآن بحاجة الى تطبيق ملموس.ولو سارت كل هذه التوجهات سوف تقف الاعتصامات والاحتجاجات وسيشعر المواطن بالتغيير الملموس في حياته.
خامسا : الالتزام بالنظام والقانون
ان الالتزام بالنظام والقانون هو المطلب السياسي الوحيد الذي تنشره كل القوى السياسية وقد لاحظت كل القوى ان هذا المبدأ هو ما أوصلنا الى ما نحن فيه من تدهور في مستويات الحياة وتقوم بذلك شخصيات سياسية كبرى , لايستطيع احد ان يقف في وجهها حتى انعكس ذلك سلبا عل العديد من المؤسسات وقد يوجد هذا الخرق في المؤسسات التشريعية مثل مجلس النواب حيث يتم خرق النظام والقوانين واللوائح الداخلية وتمرير بعض القضايا دون الرجوع الى واقع المناقشات. وتلاحظ ذلك في عمل اللجنة العليا للانتخابات ولذا فقد وصلت الديمقراطية الى طريق مسدود وهي بحاجة الى معالجة من خلال هذه المبادئ حيث يعتبر النظام والقانون هو صلب النظام الديمقراطي وان عدم الالتزام بذلك يعد كسرا للديمقراطية وتهميشا لها ويجب الآتي:
- فرض عادات وتقاليد اجتماعية غير مسئوولة مثل الولاءات والانتماءات والمحسوبيات التي تقف في وجه القانون وتدمره ولأن هناك نسبة كبيرة من المجتمع مازالت تتعامل وفق هذا الاطار فلابد من عمل التوعية بالتزام القانون والدستور وتنفيذ الأوامر الحكومية. ولابد ان يؤكد العمل السياسي حضوره في تلك المجتمعات ويعيد حياة المواطن الى الحياة العامة وان يرفض عادات جاهلية مرفوضة تسيطر على العامة من الناس لأن الديمقراطية مسؤولية جماعية لابد ان يلتزم بها الكل في البدو والحضر في الريف والمدينة. وبقاء هذه الممارسات التي تعيق التنمية يعيدنا الى الماضي كثيرا ولا نستطيع ان نوجد الحلول المبكرة للقضايا الاتية:-
تأهيل الكوادر الوطنية
يوجد العديد من الكوادر اليمنية والقادة والمفكرين والأكاديميين خارج المشاركة في الحياة العامة لأسباب وظيفية محضة من قبل شخصيات تريد الثبات في موقفها وأن هذه الكوادر هي الاحق والأنسب في توليها الأمور القيادية في المؤسات لأنها تمتلك الخبرة والكفاءة والقدرة على الإنتاج وهو ما نعانيه في اليمن فمثلا على المستوى الوزاري يوجد العديد من الوزراء الذين لايعرفون لوائح الوزارة ولا يعرفون مهامهم وتنتهي فترة اقامته وعمله دون ان ينفذ أي شئ لعدم خبرته وكفاءته بعمله ومن هنا يدث خرق النظم واللوائح. ولو قامت الجهات المختصة بالاشراف والاعداد لهذه الكوادر الوطنية فان العمل المؤسسي سوف يزداد وسوف تتطور كل الحياة العامة ويشهد المجتمع تحولا حقيقيا نحو الأفضل وبهذا سوف يلتزم الناس بالقانون والنظام وسوف يثمر على المسار الديمقراطي وواقعه
تعميق المسؤولية والشراكة
وهذه مسئولية كل النظم ولا ينفرد بها حزب عن آخر لأن الأحادية تسبب الديكتاتورية في الحياة وهذه مرفوضة ويجب ان يتحمل المسئولية الكل وهي ليست مقتصرة على طائفة دون أخرى او حزب دون آخر ولذا فإن العمل السياسي يجعل من كل القوى ان تتبنى الشراكة الفاعلة والحيوية نحو خلق مناخات الحرية والديمقراطية ولولا الشراكة لما وجدت الديمقراطية وفي الشأن اليمني لابد من اعادة الاعتبار للذين شاركوا في ادخال الديمقراطية من السياسيين الذي تركوا البلد.
فلا مسئولية إلا بالشراكة ولا شراكة الا بمناخ ديمقراطي حر يحافظ على كل الثوابت الوطنية ويعمل عل تاهيلها ونشاتها بالاسلوب الصحيح.هناك مسائل اخرى تتعلق بالإصلاح المناخ الديمقراطي للمشاركة الحقيقية فيها بعد ان شهدت الساحة العديد من التأزمات التي جعلتنا نعيد الكرة لقراءات مناخ الديمقراطية ومناقشة مايتم مناقشته وقد تفوتنا نقاط وستشهدها قراءات اخرى في المناخ الديمقراطي.