;

من تاريخ الخليج العربي والاستعمار الإيراني 1148

2007-12-12 05:44:49

عبد القادر سلام الدبعي

وبعد ان تكونت في الخليج العربي وحدات سياسية كبيرة مشيخات، أو سلطنات تختلف قوة وضعفاً باختلاف ظروفها استمر التنازع البحري والبري بينها وعجزت عن تحقيق الوحدة السياسية لبلدان الخليج العربي جميعاً، وكما اخضعت البندقية الوحدات الصغرى المجاورة لها تمهيداً لانطلاقها إلى اليسار، كذلك فعلت مسقط، حتى غدت بين القرنين السابع عشر والتاسع عشر وفي القرن الثامن عشر خاصة امبراطورية بحرية كبيرة بل كانت مستعمراتها الواسعة في شرقي افريقية وكان تجار مسقط أو عمان يعملون في كل تجارة وينزلون كل ميناء ويبحرون بسفنهم في كل بحر من اقطار الشرق القريب والبعيد، وكما حملت البندقية بوادر انحلال امبراطور يتهم البحرية على التوسع في القارة كذلك فعل أهل مسقط، أو عمان، ولكن هذا التحول لم يكن كافياً لوقف الاندفاع نحو النهاية.

وكما قامت في البندقية عائلات من التجار الأثرياء قبضت على زمام الحكم بين يديها، فكان منهم القادة والسفراء واعضاء المجالس المختلفة كذلك قامت في امارات الخليج العربي اسر من التجار ممن جمعوا ثرواتهم من عمليات التجارة والنقل وسرعان ما مكنها ثراؤها إلى جانب العصبية القبلية من تقلد الحكم فكونوا أسراً حاكمة لازالت أكثرها قائمة حتى الآن كآل الصباح في الكويت وآل خليفة في البحرين وآل بو سعيد في عمان.

ونستطيع ان نمضي بعيداً في هذه الموازنات والمقارنات بين البندقية ودول الخليج العربي، ولكننا نكتفي هنا بما كان للانقلاب الخطير الذي تشهده طرق التجارة في أواخر القرن الخامس عشر من اثر كبير عليها جميعاً.

وليس من شك في ان العرب وخاصة في الخليج العربي والبحر الأحمر وقد كانوا في مقدمة المشتغلين بالتجارة الشرقية قد عانوا كثيراً من كشف البرتغاليين لطرق رأس الرجاء الصالح بين غرب أوروبا والهند، وسعيهم للسيطرة على البحار الشرقية واحتكار متاجر الشرق، ودفع العرب إلى بحارهم الداخلية وقفلها عليهم بالاستيلاء على قواعد حصينة على مداخل هذه البحار كسقطرى وعدن على مدخل البحر الأحمر وهرمز ومسقط على مدخل الخليج العربي ومما زاد المشروعات البرتغالية عنفاً انه كان يكمن وراءها ويدفعها روح تعصب ديني صارخ.

كذلك قاسى ابناء الجمهوريات البحرية الايطالية الذين كانوا يعملون في نقل هذه التجارة إلى الشواطئ الأوروبية وتصريفها في اسواق أوروبا وقد مقدمتهم سكان البندقية، وقد كافح سكان البندقية كثيراً ولكنهم مدفوعين بروحهم العملية بل النفعية سرعان ما انساقوا في التيار العام فراحوا يبتاعون حاجاتهم من متاجر الشرق في أسواق لشبونة، وفقدوا بذلك مقوماً كبيراً من المقومات التي كان يقوم عليها اقتصادهم بل كيانهم، ومضت امبراطوريتهم البحرية تسير في طريق الضعف والاضمحلال.

اما العرب فقد كان الأمر لهم امر حياة أو موت لهذا كافح البرتغاليون في البحار الشرقية كفاحاً مريراً وفي سبيل هذا الكفاح رحبوا أولاً بمساعدة العثمانيين لهم، ثم قبلوا ان ينزلوا لهم عن قيادة المعركة، بل عن السيادة في ديارهم، فكان استيلاء الاتراك العثمانيين على البلاد العربية، الشام ومصر والحجاز واليمن والعراق الثمن الذي تقاضوه لقاءً الحملات البحرية العثمانية التي وجههوها من القاعدة البحرية في السويس إلى البحار الشرقية وكانت كلها تنتهي إلى الخليج العربي، وان كان بعضها قد وصل إلى شواطئ الهند، على ان العثمانيين وان تمكنوا من وقف التوسع البرتغالي وتأمين البلدان العربية من اعتداءات البرتغاليين عجزوا في النهاية عن تحقيق غايتهم الرئيسية وهي تحطيم السيطرة البرتغالية في البحار الشرقية وشق طرق واسعة للتجار والملاحين العرب وليس هنا مجال الحديث عن اسباب اخفاق العثمانيين في تحقيق هذه الغاية، واكبر الظن ان العثمانيين عجزوا عن تأليف العرب والمسلمين في البحار الشرقية ليوحدوا اقوالهم جميعاً لمكافحة السيطرة البرتغالية ثم انه كان من اهم النتائج التي اسفر عنها اخفاق العثمانيين انهم اهملوا قواعدهم في الخليج العربي مما اتاح الفرصة للعرب في بلدان الخليج العربي من الاحتفاظ باستقلالهم.

على ان من الخطأ ان نظن ان الحصار الذي ضربه البرتغاليون في البحار الشرقية كان كاملاً فقد عرف التجار والملاحون العرب كيف ينفذون حلقات هذا الحصار وكان القدر من التجار الذين ظلوا يعملون فيه ويحملونه إلى موائنهم كافياً ليحفظ عليهم معاشهم ويقيم كيانهم ريثما تنجلي الغمة ولكن اليوم لازالت الكثير من الجزر والأراضي العربية تقبع تحت نير وجبروت الاستعمار الايراني مثل جزيرة طنب الصغرى والكبرى وابو موسى وكذا سبته ومليلة التي لازالت تحت الاحتلال الاسباني بينما المغرب العربي قد اتخذ كل السبل والطرق السلمية من أجل تحريرها وكذا اقليم الاسكندرية وانطاكيا السوريتان واللتان لازالتا تحت النفوذ التركي وكذا عربستان العراقية لازالت بيد ايران وهناك الكثير والكثير من الأراضي العربية المفقودة والضائعة التي لا تفقه عنها الأجيال الجديدة شيئاً، لذا كان ولابد لنا من الدعوة الواضحة والصريحة إلى تبني تكوين منظمة عربية تعنى بمتابعة المطالبة والرصد لهذه الجزر والأراضي العربية التي لازالت رهن الاحتلال والاستعمار والعمل من اجل استعادتها بكل الوسائل السلمية وشتى الأساليب والطرق لتحريرها.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد ناصر حميدان

2025-01-18 00:17:31

وطن يصارع الضياع

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد