د. كمال بن محمد البعداني
وأنا اتابع القنوات الفضائية الموالية لإيران والتابعة لها وهي تبث احتفالات ما يسمونه ب«عيد الغدير» في الأيام الماضية أدركت أي خنجر مسموم قد طعن هذه الأمة من قبل هؤلاء القوم انتقاماً لزوال دولتهم وامبراطوريتهم العظمى على يد أبناء هذه الأمة المحمدية فقلت في نفسي: هل فعلاً كان خلاف هؤلاء القوم مع الأمة هو خلافاً دينياً مذهبياً أم هو خلاف بالأصل سياسي وانتقامي؟!.
ثم سألت نفسي: ماذا لو كان الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الإمام علي بدلاً من أبي بكر الصديق رضي الله عنهم جميعاً فهل فعلاً كان هؤلاء القوم سيتبعون اجماع الأمة والتي لاشك أنها كانت ستجمع على علي كما أجمعت على أبي بكر هل كانوا سيتبعون الاجماع؟! أشك في ذلك بل وأجزم ان ذلك ما كان ليكون ابداً لأن هدفهم سياسي وليس مذهبي وأعتقد أنهم كانوا سيقيمون الدنيا ولن يقعدوها مع ابي بكر الصديق وانه أحق بالخلافة من علي ويسوقون الأدلة على ذلك، كانوا سيقولون أن رسول الله قد اختار أبا بكر من بين أصحابه جميعاً ليكون رفيقه في الهجرة وهذا دليل على أنه الخليفة بعده، ثم يقدمون الدليل الحاسم- من وجهة نظرهم- وهو آية الغار «ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا»، ثم يضيفون له حديث الرسول في الغار لأبي بكر «يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما» وسيطلقون عليه «حديث الغار» وان ابا بكر هو الوصي والصهر والخليفة بعد رسول الله ويحتفلون بهذا اليوم ويسمونه «يوم الغار» أو «عيد الغار» كما يصنعون اليوم بعيد الغدير، ويضيفون دليلاً آخر على أحقية ابي بكر بالخلافة وهو ان رسول الله امره ان يصلي بالناس أثناء مرضه صلى الله عليه وسلم وهذا دليل كاف من وجهة نظرهم أنه الوصي والخليفة من بعده وأن علي وبنو هاشم أرادوا ان يجعلوه ملكاً اسرياً، وسيكون احتفالهم بيوم الغار مصحوباً بسب الامام علي والصحابة رضي الله عنهم جميعاً الذين اغتصبوا الخلافة من أبي بكر.
وسيكون لنا في صعدة نصيب من «البكريين» وهو الاسم الذي سيطلقونه على أنفسهم أي : «شيعة أبا بكر الصديق» وكان السيستاني سيتهم الحكومة اليمنية بأنها تريد القضاء على البكريين في اليمن كما حصل مع الحوثيين الآن، وستصدر احدى الصحف اليمنية في عددها الاسبوعي ملحقاً خاصاً عن «حديث الغار» و«عيد الغار» وأدلته من الكتاب والسنة وكيف أن السنة خالفوا هذه الأدلة.
أما أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها سيقدسونها ويطلقون عليها الصديقة- وهي كذلك- كما يصنعون اليوم مع فاطمة الزهراء رضي الله عنها وطبعاً سيكون ذلك مصحوباً بالبكاء والضرب بالسلاسل وخاصة عندما يشرحون كيف مات رسول الله وهو في حضن عائشة وقد استودعها قرآناً خاصاً يطلقون عليه «مصحف عائشة» كما يقولون اليوم ان عندهم مصحف فاطمة، ثم يصلون بالبكاء إلى الذروة عندما يشرحون من خيالهم كيف ان الامام علي رضي الله عنه قام بسحب عائشة رضي الله عنها من بيت رسول الله بعد وفاته دون مراعاة لبيت النبوة واغتصب ما لها وسيتخذون بيوتاً للعزاء مرددين فيها: «واصديقتاه» يقصدون مناداة عائشة رضي الله عنها- كما يقولون اليوم: «واحسيناه» وسيكون عندهم «العائشيات» من النساء بدلاً عن الزينبيات الموجودة عندهم الآن.
ثم يشرحون كيف ان المتعة حلال وان علي هو الذي حرمها «لأنه راوي حديث تحريم المتعة نقلاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم».
طبعاً سيكون معهم «العتبات البكرية المقدسة» في العراق ولن يكون هناك صلاة جمعة كما هو الحال الآن حتى خروج «البكري المنتظر» والذي هو بالأصل من احفاد ابي بكر الصديق وقد دخل السرداب في سامراء خوفاً من بطش احفاد علي بن ابي طالب ويربطون الخيل امام هذا السرداب انتظاراً لخروج «البكري المنتظر» والذي سيبيد العرب جميعاً عند خروجه كما يقولون الآن عن مهديهم المنتظر.
أما مرجعياتهم فستكون اسماؤهم مسبوقة بكلمة : «الصديق» بدلاً من السيد ويكون عندنا: «الصديق السيستاني»، «الصديق مقتدى»، «الصديق مرتضى». . وهكذا.
وكانوا سيتعاونون مع اميركا ضد السنة في العراق لأنهم اغتصبوا الخلافة من ابي بكر واعطوها لعلي وسيتعقبون كل من يحمل اسم علي أو الحسين أو فاطمة ويقومون بتصفيتهم كما يصنعون الآن مع من كان اسمه عمر أو ابو بكر أو عائشة أو عثمان.
بل اني اتخيل بأنهم كانوا سيرددون لحظة اعدام صدام حسين قولهم: «السلام عليك يا أبا بكر الصديق، السلام عليك يا صديقة» وسيعملون على تقسيم العراق إلى السنة وبكريين وأكراد.
وهكذا نفس الدوامة ونفس المسلسل لأن حقدهم الدفين على الإسلام وليس على الأشخاص، فالهدف الأصلي في البداية كان سياسياً وانتقامياً من هؤلاء القوم ثم توارثته الاجيال اللاحقة واعتبرته دينياً كما تطوراً الأمور في عبادة الأصنام.
أرأيتم أيها السادة أي مأساة نعيشها مع هؤلاء القوم؟!.
اننا نؤمن ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يوص بالخلافة من بعده لأحد، كما نؤمن ان ابا بكر وعمر وعثمان وعلي عاشوا اخوة متحابين متصاهرين وتربوا على مائدة النبوة من المربي العظيم محمد صلى الله عليه وسلم، فوالله الذي لا إله إله هو ان ابا بكر في الجنة وعمر في الجنة وعثمان في الجنة وعلي في الجنة بصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيكون الخزي والعار والعذاب الأليم عند الله على من افترى وكذب على آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم أجمعين.
