;

الأزمة اللبنانية تتعقد على هوى التدخلات الأميركية 900

2008-01-23 07:27:13

حلمى حسن*

أصبح التنبأ بالخط البيانى للأزمة اللبنانية أمراً فى غاية السهولة وخاصة بالنسبة للمتتبع للسياسات الشرق أوسطية للإدارة الأميركية، إذ تزداد الأمور تعقيداً وتوتراً مع كل تصريح أميركى ضد سوريا وإيران، وتظهر بوادر الانفراج عند تأزم الموقف الأميركى فى العراق وأفغانستان، حيث أنها تطلب المساعدة من أقطاب ما تطلق عليه "محور الشر".

واللافت فى الأمر أن الرئيس الأميركي، الذى اختتم الاسبوع الماضى جولة شملت العديد من دول المنطقة، قد رفع حدة التوتر وسخونة الموقف مؤخراً لدرجة دفعت بعض أقطاب الأزمة اللبنانية إلى التراجع عن مواقف أصدروها بالأمس القريب على إثر التدخلات الفرنسية المحمومة. كما أن الموقف الفرنسى نفسه قد تغير ليعود ثانية إلى الفلك الأميركى الذى كان ولا يزال يشكل المحور لمواقف جميع حلفائه بمن فيهم دول الاعتدال العربي، التى تقف عاجزة عن التدخل بما لا يتماشى مع الرغبة الأميركية.

وفى هذا السياق عادت الأكثرية النيابية اللبنانية مجدداً تهدد باللجوء إلى خيار انتخاب رئيس بالنصف زائد واحد، الأمر الذى أجمع المراقبون على أنه سيكون الشرارة التى تقصم ظهر البعير.

قد يتوهم الكثيرون حول نوايا بعض الأطراف وقد يذهب البعض إلى الاعتقاد بأن الأطراف اللبنانية تريد الوصول إلى حل حقيقى لأزمتهم المستعصية، إلا أن المتقصى لطبيعة رموز وأقطاب هذه الأزمة يدرك بما لا يدع مجالاً للشك أن أمراء الطوائف يستثمرون الوضع الحالى الذى آلت إليه البلاد ويراهنون على عامل الوقت، فبقدر ما تطول الأزمة تزداد مكاسبهم، من دعم دولى علنى وسري، مالى وعسكري، سياسى واقتصادي، كما تظهر المؤشرات أن أى حل معقول ينطوى على كثير من التنازلات من جميع الأطراف، الأمر الذى يعد كما وصف البعض "انتحاراً سياسياً" وإلغاء للدور الذى يعتاشون منه.

ويستطيع المتجول فى لبنان اليوم، الوقوف على حقيقة راسخة، ألا وهى أن لبنان أصبح بالفعل ممزقاً بالحواجز التابعة لهذا الحزب أو ذاك، ومتأهباً للانقضاض على نفسه فى أى لحظة. فقد حشدت جميع الأطراف قواتها العسكرية وسلحتها تسليحاً جيداً يفوق ما لدى الجيش اللبناني، كما أوفدت بعض الأحزاب عناصر لها إلى دول مجاورة محسوبة على تيار الاعتدال العربى لتدريبها على قتال المدن الذى قد تفتح جبهاته على مصراعيها عند اتخاذ القرار بالاستفراد بالقرار السياسى وتجاهل مطالب المعارضة بالمشاركة السياسية فى صياغة القرار اللبناني.

ومن جانب آخر حشدت أحزاب المعارضة اللبنانية جماهيرها وأوكلت مهمة تدريبها لبعض الحلفاء الداخليين ممن يتمتعون بالخبرة الكافية فى المواجهات المسلحة كالتنظيمات الفلسطينية. إلا أن القوة الأساسية التى لا تزال مهيبة الجانب هى قوة حزب الله ونواياه، إذ أن تلك القوة التى يتحدث الإسرائيليون عن صلابتها وكفاءتها غير مكشوفة، كما تتمتع بنظام أمنى فولاذى يجعل أى مواجهة معها فى حكم الانتحار. المخيف فى هذا الأمر ليس تأثير هذه القوة المتعاظمة فى أى مواجهة داخلية، فالجميع سيخسر عندها وعلى رأسهم حزب الله، بل إن جل ما يقلق صناع القرار أى الإدارة الأميركية، هو احتمال اتساع دائرة الحرب وإمكانية لجوء حزب الله إلى استخدام قوته الصاروخية مجدداً ضد إسرائيل، وخاصة فى ظل أوضاع إقليمية متوترة قد تدفع الأمور نحو الهاوية بتوريط سورية وإيران ونقل ساحة المواجهة نحو الداخل العراقى الذى يعد مربط الفرس بالنسبة لإدارة الأميركية الحالية.

ويبقى الحل الأنسب فى ظل هذه المعطيات، تأجيل الاستحقاقات الكبرى بانتظار تغيير أكبر أو نشوء تحالف أمتن فى مواجهة المعارضين للنهج الأميركى لضمان أقل قدر ممكن من الخسائر على الجانب الأميركى والإسرائيلي، وسرعة فى قطف ثمار أى جولة جديدة فى منطقة أثبتت عدم قدرة القوة العسكرية على إخضاعها.


* صحافى فلسطينى مقيم فى الإمارات

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

أحمد ناصر حميدان

2025-01-18 00:17:31

وطن يصارع الضياع

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

سيف محمد الحاضري

2024-10-14 03:09:27

القضاء المسيس ..

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد